استقالة الفنان السعودي عبد الله جابر بعد التلاعب برسومه

قدم الفنان السعودي عبد الله جابر استقالته من جريدة الجزيرة التي يعمل بها متعاوناً منذ أواخر عام 2006، و ذلك بعد تعديل أحد رسومه من قبل إدارة التحرير بشكل أخل في مضمون الرسم و هدفه.

الرسم المعدل نشر بمناسبة اليوم الوطني السعودي و الذي يصادف 23 أيلول / سبتمبر من كل عام، و هو يصور أحد المواطنين السعوديين حاملاً العلم السعودي فرحاً، و في الخلفية ثوبه و عقاله بدون معنى، أما الرسم الاصلي فقد كان يظهر فيه الثوب ممزق، الى جانب ملف ملقى على الأرض، في إشارة إلى فرحة السعوديين بالعيد الوطني رغم حالات الفقر و البطالة.

الاستقالة أرسلت عبر البريد الإلكتروني لرئيس تحرير الصحيفة، جاء فيها:

نظراً لما حدث في كاريكاتير عدد يوم أمس الاحد "اليوم الوطني" من تكرار التعديل و التجاوز على حقي الادبي و الفكري و دون علمي "رغم انه سيحمل توقيعي".

و نظراً لعدم تحسن وضعي داخل الصحيفة منذ ست سنوات ...

أود صرف باقي التزاماتي المادية

و إنهاء التعاون مع صحيفتكم

و لكم جزيل الشكر

اتصلنا بالفنان عبد الله جابر و أجرينا معه اللقاء التالي حول الموضوع:

• ذكرت في استقالتك أن عملية تعديل رسومك تكررت سابقاً، كم مرة عدلت رسومك بهذه الطريقة، و هل اعترضت على ذلك في وقتها؟ و لماذا هذه المرة كانت ردة فعلك هي بالاستقالة؟

- نعم تكررت مثل هذه الحالة أكثر من مرة، و كنت وقتها أتواصل مع الصحيفة بهذا الشأن، فتأتي التأكيدات بعدم تكرار ذلك، مبررين التعديل بأنه جاء لكي لا يتعرض الرسم للمنع، و كنت أطلب من مسؤولي الصحيفة أن تنشر أعمالي كما هي أو تمنع.

• هل تلقيت أي رد بخصوص الاستقالة؟ خصوصاً أن جريدة الجزيرة نشرت رسوماً لك لثلاث ايام متتالية بعد الاستقالة؟

- لم يكن هناك إلا اتصال واحد من مكتب رئيس التحرير " وليس رئيس التحرير شخصياً "، حيث تم إبلاغي أن رئيس التحرير لا يتذكر انه سبق وعدل على رسومي، وأن من قام بالتعديل هو نائب رئيس التحرير.

اما الرسوم المنشورة منذ يوم الاستقالة، في رسوم سبق لي إرسالها قبل الاستقالة، فنظام صحيفة الجزيرة يحتم على الرسام ان يتم إرسال الرسم قبل يومين من موعد النشر، و بالتالي كان لدى الجريدة رسم اضافي بعد رسم اليوم الوطني أما الرسم الثالث الذي نشر فهو من الأرشيف، و سبق نشره قبل حوالي أسبوعين فقط!!

• هل يعني ذلك أنه الرسم المعدل كان موجود لدى الصحيفة قبل نشره بيومين، و لم يطلب منك احد تعديله او تبديله؟؟

- هذا صحيح.

• الرسم المعدل نشر يوم الأحد، و قدمت الاستقالة يوم الاثنين، ثم أعلنت عنها عبر توتر يوم الثلاثاء، فهل ذلك بسبب التريث و التفكير قبل اتخاذ القرار؟

- يوم الأحد ارسلت رسالة لرئيس التحرير أخبره فيها عن استيائي من تعديل الرسم دون علمي، وانتظرت حتى اليوم التالي عسى احصل على رد او اعتذار مقنع من الصحيفة ... و لكنه لم يأتي، فأرسلت الاستقالة.

أما عن سبب نشر الاستقالة عبر توتر، فذلك لان الصحيفة نشرت الرسم المعدل، و أنا بدوري نشرت الرسم الأصلي عبر مواقع التواصل الاجتماعي، و و لم اكن أعلم بالتعديل الذي تم على الرسم، و لكن اكتشف القراء والمتابعين الفرق بين الرسمين و تناقلوا الكاريكاتيرين، حتى ان بعضهم ظن انني اجامل الصحيفة في رسوم المديح، و أشاركهم رسوم النقد ... فكان لا بد من إيضاح موقفي تجاه مما حدث.

• ذكرت في كتاب استقالتك عن عدم تعديل وضعك بالجريدة خلال ستة سنوات، فما هو الوضع الذي كنت تطمح له و لم يتم تعديله؟

- صحيح ان التعديل على رسم اليوم الوطني كان "القشة التي قصمت ظهر البعير" ولكن هناك تراكمات مسبقة شجعت على الإستقالة منها أن الصحيفة تنشر أعمالي " بالأبيض والأسود " وهذا هو التغيير الذي لطالما طالبت به، بأن تنقل رسومي إلى الصفحات الملونة ، خصوصا ان بعض الأفكار والرسوم تلعب فيها الألوان دورا مهماً في إيضاح الفكرة.

• إذن لم تقصد وضعك المالي أو الوظيفي كمتعاون؟

- قطعاً لا، فراتبي في جريدة الجزيرة من أعلى رواتب رسامي الكاريكاتير على مستوى المملكة، و انا افضل دائماً العمل كمتعاون و ليس كمتفرغ، لانه يعطيني حرية اكثر في العمل.

• هل هناك عروض عمل في صحف أخرى؟

- بعد انتشار خبر الاستقالة، وصلني عدد من العروض من صحف سعودية وخليجية ، وعروض تجارية " غير صحفية " ..

لم أقرر بعد ماذا سأفعل مستقبلاً ... وحاليا أحاول التفرغ لعملي الكرتوني المتحرك، والذي اعتزم نشره قريبا .

• تفاعل مع موضوع إعلان استقالتك عبر توتر عدد كبير من المغردين، بعضهم إتهمك في وطنيتك، و أنك تتعمد النقد في اليوم الوطني – رغم انه لم يشاهد الجانب الإيجابي من الرسم – ما رأيك في ذلك، و كيف ترد عليهم؟

- في البداية .. فن الكاريكاتير فن ناقد وساخر ... وليس فناً مادحاً في اليوم الوطني او في غيرة .

والتذكير بهم المواطن في يوم الوطن جزء من واجبي بل ارى أن اليوم الوطني فرصة لإعادة تقييم علاقة المواطن بالمسؤول ..

• ما رأيك بالشخص صاحب هذه الأفكار في قلب النقد البناء، الى مدح و مجاملة فارغة؟ و بالمصمم الذي قام بتعديل رسمك بهذه الطريقة المحترفة، هل تنصحه بالعمل كرسام كاريكاتير – قسم المديح؟

- رغم امتعاضي مما حدث من تعديل وتعدي على رسم اليوم الوطني إلا أنني معجب بذكاء صاحب فكرة التعديل " كفكرة " فقد استطاع قلب معنى الكاريكاتير تماما بإزالة خطوط بسيطة وتحويل المعنى تماما باتجاه المدح الذي لم ولن يكن من واجباتي كرسام كاريكاتير، أما من قام بالتعديل " بالفوتوشوب " فلا انصحه بالتوجه للكاريكاتير " المادح " لأنه يوجد منافسة محتدمة في هذا الجانب ... من سعوديين وعرب في الصحافة السعودية.

• كيف تصف حال الصحافة في السعودية؟

- الصحافة السعودية " الورقية " بشكل عام تسير بالاتجاه الصحيح وفي تحسن مستمر "مهنياً وليس مادياً "

وهذا لا يعني أبداً أن وضعها ممتاز أو حتى مقبول ... ولكنه أفضل مما كانت عليه قبل سنوات قليلة .. و في ظل انتشار الإنترنت و مواقع التواصل الاجتماعي و الصحافة الإلكترونية سيكون أمام الصحافة الورقية خياران، اما التعجيل برفع سقف الحرية والفصل التام بين سياساتها الإعلانية والتحريرية، أو ستنقرض عاجلاً إذا بقيت على ما هي عليه الآن .

أما الصحافة الإلكترونية .. فلم تصل للمأمول إلى حد الآن .. ولكنها في الطريق إلى ذلك شريطة أن لا يكرروا أخطاء الصحف الورقية.

شكرا لك، و نتمنى ان نرى رسومك في صحيفة أخرى قريباً

في المعرض تالياً، نماذج لرسوم أخرى تم تعديلها من قبل إدارة تحرير جريدة الجزيرة