جائزة مهرجان السانت جوست لومارتيل ... بقرة

الكاتب:
سحر برهان.
قيم هذا الموضوع: 
لا يوجد تقييمات

بعد 25عاماً من العمل، قام مؤسسو المهرجان العالمي للرسم الصحفي المرح والساخر في قرية "السانت جوست لومارتيل" Saint-just-le-martel   بوضع حجر الأساس للمبنى الذي سيكون مكاناً دائماً للعمل والنشاط الفني.

لكن أين كان يعمل هولاء قبل ذلك، وطوال تلك المدة؟ أقول لكم في خيمة!

مهرجان "السانت جوست لومارتيل" أحد أهم مهرجانات الكاريكاتير في العالم وأقدمها. فهو يستقبل الرسامين سنوياً من كل حدب وصوب ليعرضوا أفكارهم المرسومة أو المشغولة أو حتى التي لم تزل في رؤوسهم، يعرضونها تحت سقف خيمة كانت تشيّد كل سنة في إحدى قرى مدينة ليموج في فرنسا.

"سانت جوست لومارتيل" قرية خضراء تلفتك فيها تجمعات قطعان البقر البيضاء تارة، والحمراء تارة أخرى، لتعرف فيما بعد أن الأبقار الحمراء هي ليموزينيّة المنشأ.

نصل مساء، فندخل خيمة المعرض لإلقاء نظرة سريعة، لأن العشاء والنبيذ في إنتظارنا. فيقصد كل منا أولاً ومن دون انتباه، القسم الذي يحتوي أعماله. نطمئن إلى ذلك ونبدأ بالتعارف من خلال إطلاع كل منّا على أعمال الآخر.

نذهب إلى خيمة العشاء لنجد جمعاً كبيراً من الناس. إنهم بعض أهالي القرية المتعاونين مع منظمي المهرجان. يتعرف كل منا على العائلة التي سيقيم عندها. ولحسن الحظ وجدنا أن ربّ منزل عائلتنا يفوق في خفة ظلّه الكثير من رسامي الكاريكاتير.

السؤال الأول، ما هو إسمك؟ أقول سحر برهان. من أين أنت؟ من سوريا، أعمل  وأعيش في لبنان. وهنا تكون المفاجأة! يقولون لبنان؟! هل تعيشين في لبنان، هل كنت هناك فترة الحرب، أين كنت حين كان القصف، وتتوالى الأسئلة... وأحسب للوهلة الأولى، أنهم لا يتابعون الأخبار على وسائل الإعلام. ولكنني مخطئة. فهم يتابعون، ولكنهم لا يصدقون ما يرون ويسمعون ويقرأون. هم يريدون أن يسمعوا منا مباشرة، ويعتبرون ذلك مكسباً حقيقياً، كمن يشتري الخضر من زارعها من دون وسيط.

المعرض كبير ومتنوع. تأتي إليه يومياً جموع كبيرة من الناس. فجأة يأتي وفد من الأطفال مع مدرسيهم ليتفرجوا على أقسام المعرض. من أين تأتي كل هذه الجموع إلى قرية هادئة جداً تستطيع فيها سماع الصمت.

كما العادة عُرضت أعمال لرسامين كبار، "دومييه"، "هيرمان بول" ،"موريس هنري"، "بولبوت" و"سيم". أما "مواسّان" فعرضت أعماله في صالة المكتبة العليا، واستطعنا الحصول على كتاب مطبوع لأعماله يصور فيه كاريكاتورياً تاريخ الجمهورية من دوغول إلى ميتيران.

معرض لمجموعة رسامين متحدين "بورتو كارتون"  نسبة إلى البرتغال. ولكننا عندما نشاهد رسوماتهم نجدهم من جنسيات مختلفة، رومانيا، بلجيكا، أذربيجان... يجمعهم الكاريكاتير. ويمثلهم في المعرض شخص لا يرسم الكاريكاتير، لكنه يحمل أنفاً طويلاً ودقيقاً في أسفله شاربان طويلان، تخاله للحظة يبيع البوظة "الدق" في أحد أحياء بيروت أو الشام القديمة.

أما أعمالنا نحن العرب، فمعظمها عُرض في  قسم الكاريكاتير السياسي والاجتماعي العالمي. ويُلاحظ هنا الاهتمام بمواضيع التطرف والإرهاب والحجاب أكثر من غيرها من المنظمين.

"ويلينسكي"،  بخطوطه السهلة غزير الإنتاج، عُرضت رسوماته مطبوعة في دفاتر من القطع الكبير على ثلاث طاولات في بهو الخيمة، تستطيع تقليبها وأنت داخل إلى المعرض، وأنت خارج منه.

أما "لافيل" فقد عَرض رسومات أصلية أخذت معظم اهتمام الجمهور طيلة أيام المعرض. فكان الناس يدخلون معرضه بكل جديّه ليخرجوا منه بابتسامة عريضة.

ونأتي إلى "بلانتو" حيث عُرضت أعماله في بهو المكتبة القريبة من الخيمة. تحدث معنا عن مشروع لمحاربة الإرهاب بالتنسيق مع "كوفي أنان"... كانت الجائزة من نصيبه هذه السنة. والجائزة محصورة عادة بالرسامين الفرنسيين. قد يعود السبب لأنها بقرة. نعم، الفنان الذي يختاره المنظمون يربح بقرة ليموزينيّة، تنظف وتزيّن، ثم يجري إدخالها إلى خيمة المعرض لتسليمها إلى الرسام الفائز. وهنا يكون المشهد الأكثر إضحاكاً، فالبقرة وفي كل سنة عندما تدخل المعرض وتشاهد الناس و الرسومات، تصيبها حالة من الاستغراب والذعر، ما يجعلها تخرى في المكان الذي تقف فيه. لكن بقرتنا هذا العام فعلت ما هو أكثر، فقد وضع المنظمون شريطاً طويلاً جداً من النايلون الأبيض على طول مسارها إلى داخل الخيمة، حتى يرتاحوا من تنظيف الأرضية الخشبية . وما حدث كان أكثر كاريكاتورية، فالنايلون الأبيض لم يستوعب الحدث كما يفعل الخشب، ما أدّى إلى طرطشة جميع من كان يقف قريباً من بقرتنا المدللة، وعلى رأسهم طبعاً، السيد "جيرار" مدير المهرجان والفائز بها فناننا العزيز " بلانتو:. فكانت سخرية البقر.

المهرجان أقيم خلال شهر تشرين الأول (10) 2006

موقع المهرجان : http://www.st-just.com

nike free run 5.0 black

معرض الصور