حوار مع الكاريكاتيرست الأمريكي ديفيد بليدنغر

قيم هذا الموضوع: 
لا يوجد تقييمات

إنني احتقر النظام الرأسمالي ولكنني لست دوغمائياً!

إن بعض أنواع الفنون عبثية وما هي إلا تجسيد للأهمية الذاتية وحب الظهور.. إنها مجرد فوضى أخرجتها (نزوة)!

إن بوش لا يريد حتى إبقاء نواياه الامبريالية سراً!

الثورة الصناعية وصعود السوبر رأسمالية دفعت أمريكا إلى طريق الامبريالية!

المقدمة:

إذا شاهدت يوماً وجه ديفيد بليدنفر وهو يرتدي منظارة الطبي فقد تجد أمامك شخصاً عادياً ولكنه قد يفاجئك بآرائه (الهجومية) فهو ترك مجالاً من أفضل مصادر إدرار الأموال في أمريكا لرفضه أن يكون جزءاً من منظومة ترويج هاجس الاستهلاك وهو ماركسي يحتقر النظام الرأسمالي كما يعتبر أن كل شيء سياسي بطريقة ما وان بعض الفنون (أنواع من العبث) وما هي إلا فوضى أخرجت من اجل النزوة.

وديفيد بليدنغر موضوع في قائمة أعداء السامية إلى جانب العديد من رسامي الكاريكاتير مثل بن هاين وكارلوس لطوف وذلك بعد مشاركته في معرض كاريكاتيري يشكك في الهولوكوست وينتقد الاحتلال الإسرائيلي والدولة العبرية.

وديفيد بليدنغر لا يؤمن بالوطنية على الإطلاق ويعتبر أن أمريكا دولة عدوانية وامبريالية منافقة تقودها حكومة من الدجالين.

وهو رغم كل شيء يعتبر نفسه شخصاً عادياً فهو يتجول بسيارته القديمة حاملاً كاميرته من ماركة فوجى ويشجع منتخب كوبا للبيسبول ويتناول سندويتشات البطاطس والجبن و قد أعطى صوته الإنتخابى لبراك اوباما فكل شيء انهار وقد حان الوقت للبداية من الصفر كما يعتقد.

* قال الرئيس الأمريكي السابق هاري ترومان: (إنني لا أخاف إلا من الموت ومن رسامي الكاريكاتير).. ففي اعتقادي ما الشيء الذي دفع ترومان ليخاف منكم هكذا.. اعني انتم رسامي الكاريكاتير؟

ـ إن لكاريكاتير الرأي في الولايات المتحدة الأمريكية التأثير الأقوى بالمقارنة مع المقالات المكتوبة إن رسم كاريكاتيري انتقادي واحد كفيل بإحداث العديد من المشكلات للكثير من الرؤساء وخصوصاً بعد صعود نجم الكاريكاتيرست العظيم توماس ناست (1) والذي كان القوة الرئيسة والفاعلة في إسقاط رموز الفساد وشخوصه من السياسيين وقد كان للرئيس ريتشارد نيكسون قائمة معروفة اسمها (قائمة الأعداء ) وكان فيها العديد من رسامي الكاريكاتير الذين سببوا له الصداع بإمكان رسام الكاريكاتير استهداف عيوب سياسات الحكومة ورفع الوعي الجماهيري بكفاءة أعلى من أدوات التوعية الأخرى مثل السينما والفيديو المستخدمة الآن.

* هل لك أن تخبرنا كيف أصبحت رسام كاريكاتير؟

ـ إنني كنت ارسم منذ نعومة أظافري , وكما إنني ايضاً درست في كلية الفنون لقد تم تدريبي  أساسا لما يمكن تسميته بـ(الفن التجاري) وهو ذلك النوع من الفنون الذي يستخدم لأغراض الدعاية والإعلان والأشياء المتعلقة بهذا المجال, ولكنني لاحقاً شعرت بالملل الشديد والسريع بعد ان بدأت برفض الهاجس الاستهلاكي الأمريكي ولم أرد أن أكون جزءا من منظومة تبيع للناس ما لا يحتاجونه.

ولاحقاً أصبحت مهتماً بالتصوير الفوتوغرافي فكنت أحب أن أتجول في الأنحاء لالتقط للحياة الصور كما كنت أراها أنا.

وفي بداية الثمانينيات وخلال دراستي في كلية الفنون وجدت صعوبة بالغة في العثور على عمل فانضممت إلى القوات الجوية في الجيش الأمريكي بعد أن دفعني يأس العطالة دفعاً إلى ذلك, ولم أكن الوحيد الذي فعلت ذلك فالجميع يفعلون ذلك حتى الآن ولكن لحسن حظي فعند انضمامي للقوات المسلحة في ذلك الوقت كان العالم في حالة سلام نسبي ولم اشهد أية حرب.

ووجدت نفسي عائداً إلى نفس المكان بعد أن تركت الجيش, عدت لأجد نفسي مجدداً بلا عمل فبدأت في اخذ بعض الدروس في كلية محلية في مدينة غرنبيرج بولاية بنسلفانيا وقد كنت مهتماً بتعلم المزيد عن التصوير الفوتوغرافي وصناعة الفيديو.

وبالقليل من الحظ الذي توفر لدي تم تعييني كمصور فوتوغرافي في تلك الكلية فكنت التقط الصور لكافة الكتالوجات والأحداث والمؤتمرات والإصدارات الصحفية.

وبمرور عشرة أعوام على هذا الحال شعرت بالملل وأصبحت قادرا على إيجاد عمل في صحيفة محلية كمصور فوتوغرافي ولكن لسوء الحظ كنت الوحيد في طاقم الصحيفة الذي يعمل اغلب ساعات اليوم إضافة إلى ذلك كان علي معالجة الأفلام وطباعتها لتنشر صبيحة اليوم التالي.

ومقابل ذلك لم يكن الراتب مجزيا جداً وكنت (أُهلك) سيارتي القديمة بقيادتها يومياً وقد عملت في هذه الوظيفة لمدة عام وعندما تعطلت سيارتي كان عليَّ ترك هذه الوظيفة.

انني احب جداً التقاط الصور ولكن كان لدي أسرة اعولها وكان الاستمرار من المستحيلات بذلك الوضع.

ولمدة سنوات بعد ذلك كنت فقط قادراً على ايجاد عمل في معرض لبيع الأدوات الكهربائية والأشياء الاخرى المتعلقة بها. وفي العام 2001م ساءت حالتي الصحية وتفاقمت مشاكلي في العمود الفقري بشكل سيئ مما دفعني لترك العمل للخروج من الملل وبدأت برسم الكاريكاتير مجدداً.

* انت تعمل الان في صحيفة (The People Weekly World) الناطقة باسم الحزب الشيوعي الأمريكي, فهل عملت هناك لأنك شيوعي؟ أم انك تعتبر نفسك رسام كاريكاتير محترف يمكنه العمل في أي صحيفة طالما توفرت له الظروف المناسبة للعمل؟

ـ نعم, انا ارسم الكاريكاتير للحزب الشيوعي الأمريكي لأنني امتلك نفس الانتماء الأيديولوجي معهم, فانا شيوعي ولكنني اعتبر نفسي غير متبحر في الماركسية, لقد قرأت المؤلفات الأساسية لكارل ماركس منذ أن نشأت صغيراً معدماً ومازلت حتى الآن.

أنني احتقر النظام الرأسمالي بشدة ولكنني لست دوغمائياً متصلباً فانا اعتقد ان الطريق الافضل للجميع هو (تهجين) الرأسمالية والاشتراكية وبذلك يمكننا السيطرة على الاوضاع بشكل افضل. أنا اؤمن بان من حق أي انسان ان يكون له منزل وان تتوفر له الرعاية الصحية والغذاء الكافي والتعليم المجاني ان توفر هذه الاشياء لكل فرد سوف تساهم في خلق مجتمع فاضل.

وانا اذا ترك لي الاختيار فانني غالباً استطيع العمل في أي صحيفة ولكنني لا اعتبر نفسي مهنياً بما فيه الكافية فهناك العديد من أساليب الرسم المستثناة في الصحف التجارية, و هذه الطرق والاساليب جيدة جداً ولكنها متشابهة للغاية بالنسبة إلي و لا أشعر بأي نكهة فيها.

انني اريد ان اكون (انا) سواء أكنت جيداً او سيئاً. ان وظائف رسامي الكاريكاتير في الولايات المتحدة تتناقص من عام الى الاخر فرسامي الكاريكاتير يتناقصون باستمرار في الصحف اليومية. ان ملاك الصحف الرأسماليون لا يُشعرون رسام الكاريكاتير انه شخص مهم لأنهم فقط ينشرون الكاريكاتير المبتذلة والمتزامنة حتى انهم قلصوا مساحات الكاريكاتير ليعطوا الاعلانات مساحة اكبر, انه عار وشيء يجب أي يخجلوا منه.

* من خلال عملك في صحيفة الحزب الشيوعي الامريكي هل تعتقد انه من السهل العمل في صحيفة حزبية ملتزمة بالبرنامج الشامل للحزب. هل هذا الالتزام يقيد رسام الكاريكاتير احياناً عندما يحاول التعبير عن رأيه بحرية؟

ـ في الحقيقة لم اشعر البتة بانني مقيد من قبل الحزب نحن لدينا اختلافاتنا في العمل التحريري ولكن لا يوجد شيء غير طبيعي بالمرة.

معظم نزاعاتي مع الطاقم التحريري تحدث عندما ينظر على انها (كاريكاتيرات عدائية) في نظر بعض القراء!

ان الطاقم التحريري للصحيفة حريص للغاية في ألا تتم الإساءة لأيٍ من المجموعات العرقية والدينية.

انني لا انوي مطلقاً التعمد بالاساءة لاي شخص خصوصاً الاساءة النابعة من كراهية العرق او الدين وهذه النية اصلاً لا اتصورها وكيف لي ان اتصور الاسباب وانا لا اهاجم شخصاً ما بالتحديد!

انني اتورط في العديد من المشاكل بسبب ذلك لكن ذلك يحدث خصوصاً عندما اريد انتقاد اسرائيل مع انني لست من معادي السامية الا ان الطاقم التحريري حساس للغاية إزاء القراء اليهود و قلق للغاية تجاه النقد الذي يمكن اعتباره (معاداة للسامية) اعتقد ان هذه هي مشكلتي الكبرى ولكن لحسن الحظ فان الانترنت اتاح لي مخرجاً لنشر رسوماتي الشخصية وارائي التي لا استطيع نشرها بالصحيفة.

* ما هي وجهة نظرك في العلاقة بين الفن والايديولوجيا.. هل بامكان الايديولوجيا ان تكون مصدراً للالهام والوحي.. ام انها تقييد لحرية الابداع والتجديد عند الفنان؟

ـ انا اؤمن دوماً بان كل شيء هو سياسي بطريقة ما, وانا اعتقد ان الفن يجب ان يؤدي وظيفة وفائدة للشعب والجماهير وانا ارفض ذلك الفن الذي يخرج من اجل (نزوة) وانا ارفض الكثير من الفنون (العبثية) الحديثة والتي ما هي إلا فوضى لا يمكن التواصل معها!

ما الذي يجعل شخصاً لا يجد ما يأكله مهتماً بـ(لطخات علي رقعة قماش)؟ لا شيء, انها اشياء لا تعطي للشخص أي انطباع البتة. ان هذه الانواع من (الاشياء) لا تخلق إلا ارتباكا بشأن نية الفنان. انا لا اقصد قولاً انني مؤمن بان اسلوب الواقعية الاشتراكية (2) ـ والذي كان سياسة منظمة في الاتحاد السوفيتي ـ هو الفن الوحيد الذي يجب ان يبقى, ولكن الفن الحديث للغاية هو فن خلق فقط من اجل مصلحة الفنان الذي ابتدعه.

ان مثل هذه الاعمال الفنية يتم انجازها من اجل جذب المعارض الفنية والاثرياء وتساعد هؤلاء الفنانين على التسلق للقمة حتى تتم رؤيتهم وملاحقتهم. ان هذا الفن كله ما هو الا عبارة عن تجسيد للاهمية الذاتية وحب الظهور.

انا شخصياً اؤمن بان معتقدات الانسان لهي مصدر الهام ضخم, ولكن اذا كانت الايديولوجيا مفروضة فرضاً فبالطبع فانها سوف تصبح قيداً للابداع, انك لا تستطيع اجبار شخص ما على اعتناق أي ايديولوجيا بالقوة, انها مسألة طوعية واختيارية.

* من واقع تجربتك، هل تعتقد أنه من الجيد لرسام الكاريكاتير إبراز توجهاته الأيديولوجية ورأيه بصراحة وشفافية تامة، ما أعنيه أن هذا التوضيح للخلفية الأيديولوجية قد يجعل بعض القراء يتخذون منك موقفاً مسبقاً، والبعض قد يرفضك تماماً في بعض الأحيان؟!

ـ في حالة أن رسالم الكاريكاتير يرسم (كاريكاتير رأي) فإنه من الضروري جداً أن يكون صريحاً وواضحاً تجاه معتقداته الشخصية، أما على القراء فقبول الآراء أو رفضها يرجع إليهم، إذا ذهب القراء بعيداً فهذا لأنهم غير ناضجين بما فيه الكفاية لتقبل المختلف معهم، لذا لا يمكنهم التسامح مع رؤية ما يتعارض مع معتقداتهم، أنا اعتقد أن معظم القراء سوف يتجادلون معك على الأقل عن الكاريكاتير الذي تقدمه لهم، وهذا شيء جيد، أنا لست كاملاً ولست محقاً في كل شيء، ولكنني أحاول النظر إلى جانبي القضية، إن دور القراء هو اخباري لم أنا مخطئ، وعليهم إقناعي بالوقائع.

أنا لست (متجمد أيديولوجياً) بالمرة، إن عليَّ الاتفاق مع صديقي الكاريكاتيرست البرازيلي العظيم كارلوس لطوف (3) وذلك عندما سألته ذات مرة وقد كان (فوضوياً):

(هل أنت اشتراكي أم شيوعي؟) فاجاب لطوف: (أنا رسام كاريكاتير)، وأنا أعتقد أنه مصح في كلامه، أعتقد أن رأي رسام الكاريكاتير يجب أن يكون فوق التعليمات والأيديولوجيا، لا يجب أن يسلم من الانتقاد والنقد اللاذع، حتى ولو كانت معتقداتك نفسها، كل شيء تحت حد سيف النقد.

* عموماً، ما هي المواضيع التي تناقشها عادة في رسوماتك؟

ـ بالطبع موضوعي الرئيس هو في العادة جورج بوش وجنونه وأشياءه المثيرة للجدل، وأنا كذلك استهدف انتهاكات النظام الرأسمالي على برامج الرعاية وكل الفوضى في أمريكا.

إن قضية الشعب الفلسطيني مهمة جداً بالنسبة لي كما العديد من المضطهدين من الناس الذين يقاتلون من أجل البقاء، وانا عليّ أن أعترف بتقصيري تجاه تغطية القضايا الإفريقية المهمة، إنني أقل معرفة بهذه المنطقة، لقد قمت برسم بعض الكاريكاتيرات عن موضوع الجفاف والتضور جوعاً، والتي من خلالها آمل ألا أكون متجاهلاً لمحنة الكثيرين في العديد من الدول الإفريقية.

* لقد أصبح الرئيس بوش والإدارة الأمريكية والجمهوريين مادة خصبة لرسامي الكاريكاتير في الشرق الأوسط ودول العالم عموماً، ما هو شعورك عندما ترى رئيس دولتك (مستهدفاً) بهذه الطريقة؟

ـ بالطبع إن هذا أكثر الأشياء التي يجب أن تُفعل، إن سياسة الحكومة الأمريكية وتصرفاتها تؤثر على كل شخص في كافة انحاء العالم، إن الولايات المتحدة الأمريكية دائماً ما تتدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى، ولكن ليس بمدى تطفل الحكومة الحالية.

إن بوش لا يكلف نفسه حتى عناء إخفاء نواياه الإمبريالية والتسلطية ومحاولة جعلها سرية، إن بوش يبدو كما الطفل الطروب عندما يلهو بدمى العساكر، وهو أيضاً أخذ يكذب علانية إلى آخر مدى يمكن الوصول إليه في الكذب.

أونا آمل ان ينعطف المسار ويعود الجزر لأن أغلبية الشعب الأمريكي مدرك أن هذا الرجل مريض عقلياً.

إلا إن بوش ما يزال، حتى الآن، محتفظاً بقاعدة تأييد قوية من الذين يصدقون صراخه عن الإرهاب وأنه هو ـ أي بوش ـ هو الذي يحمي أمريكا في الحقيقة.

* بعد هجمات الحادي عشر من سبتمبر أصبحت صورة الولايات المتحدة قاتمة، وأصبحت الحكومة الأمريكية عدائية للغاية بعد الحرب على أفغانستان والعراق، ومع الخلاف المتصاعد مع إيران النووية، ومع العديد من الدول حول العالم أضرَّ ودمَّر صورة أمريكا كأمَّة ديمقراطية محبة للسلام، كيف تشعر إزاء ذلك؟

ـ أنا أكره أن أقول إن أمريكا (محبة للسلام) بهذه السطحية، ما هي إلا فترة قصية حتى تضل سريعاً الحكومة الأمريكية من نيتها الأصلية بعدم مهاجمة أية دولة وعدم الوقع في شرك الشؤون الخارجية.

أعتقد ان الأباء المؤسسين مثل توماس جيفيرسون (4) وجورج واشنطون (5) سوف يصابون بالذعر عندما يرون ما أصبحت عليه تجربتهم الآن.

في اعتقادي ان الثورة الصناعية وصعود الرأسمالية فاحشة الثراء في الولايات المتحدة الأمريكية أجبرت هذه الدولة على السير في طريق الإمبريالية بحثاً عن الثروات والأسواق، وبالطبع هي مذنبة في العديد من الأشياء خلال تاريخها، فأمريكا سرقت الأراضي من المكسيك وأبادت الشعوب الأصلية من أجل التوسيع للقادمون إلى الغرب، وأمريكا تطيح بالحكومات غير المتعاونة معها في أمريكا اللاتينية، وهو يبين كم أن أمريكا منافقة للغاية، سوف أشرح ذلك: كيف لدولة كان أساسها قائماً على إعلان مفاده (أن كل البشر مخلوقون سواسية) يمكنها تحمل العبودية لكل هذا الوقت الطويل كما فعلت أمريكا؟

أنا أؤمن أن الاتجار والجشع يعلو فوق أية أيديولوجيا، إن العديد من الأمريكيين دُورّسوا ان الحرب الأهلية قامت من أجل تحرير الرقيق، إن هذه الأصوات نبيلة، ولكنها ليست هي الحقيقة، لقد قامت الحرب لتحافظ على اتحاد الولايات سليماً، لقد كان القتال من أجل المحافظة على سيطرة الحكومة الفيدرالية على حقوق الولايات، فالولايات لديها الحق في أن تسحب نفسها من الاتحاد إن هي شاءت ذلك.

لقد قامت الحرب الأهلية بتوضيح شيء مهم للغاية وهو أن هذه الحرب يجب ألا تقوم مجدداً.

* أخيراً ماذا تود أن تقول لقرائنا في السودان؟

ـ أتمنى أن أعرف المزيد عن السودان، إنني أحاول تعلم المزيد بأفضل ما استطيع لأنني أؤمن أننا جميعاً إخوة وأخوات وأقارب في هذا الكوكب الصغير، كلنا مختلفون في الألوان والأحجام ولكننا في الحقيقة نفس الشيء، إنني أحب التعلم عن ثقافات الشعوب الأخرى، إن الحياة قصيرة للغاية لنقضيها في الكراهية وسوء الفهم.

أنا لا أؤمن بمفهوم الوطنية على الإطلاق، وانا أتمنى يوماً ما أن نصبح كلنا مجرد مواطنين على كوكب الأرض، إن الحواجز بكل انواعها لم تفعل شيئاً سوى جلب الأسى والموت للبشر.

أنا أود أيضاً أن أقول إن العديد من الأمريكيين لا يخافون ولا يكرهون أي شيء خارج حدودهم، العديد منا يقاتلون لجعل هذه الحكومة تنصت إلى الشعب من أجل وقف هذه الحروب المتبلدة الأحاسيس، العديد منا يحاول إبقاء الولايات المتحدة بعيداً حتى لا تنزلق إلى الفاشيسية.

إننا نحاول إنقاذ الثورة الحقيقية التي تنوي خلق شكل جديد للدولة، دولة من أجل الشعب باختلاق معتقداته وقدراته ورغباته، دولة توفر حرية التدين وحرية التعبير وحرية تنظيم الجمعيات وحرية الصحافة بدون أي تأثير من الحكومة.

كل يوم تُخرب حكومة بوش العمود الفقري للولايات المتحدة الأمريكية، هنا سؤال، هل سوف ننجح؟ لا أعلم، إن البعض يعتقد أنه حان الوقت للبداية من الصفر كما نصح توماس جيفرسون مرة.

عندما تتوقف الحكومة عن الإستجابة للشعب الذي أعطاها الحق لتحكم، وهذا الحق أصلاً مستمد من الشعب، فعندها للشعب الحق في استبدال هذه الحكومة، إن هذا يمكن اعتباره خيانة من قبل الدجالين الذين يوجدون في الحكومة اليوم، لقد نسوا تماماً تلك المقاصد التي قام عليها الاستقلال الأمريكي عام 1776م.

أتمنى للشعب السوداني تحقيق جميع آماله وأحلامه وأتمنى لشعب السودان ايجاد السلام والإطمئنان في حياته.

مزيد من أعمال الفنان ديفيد بليدنغر

هوامش:

(1) توماس ناست ولد في مدينة لانداو الالمانية يوم 27 سبتمبر عام 1845, وكان ذا نزعة اشتراكية وضعته في موقف مضاد مع الحكومة مما دفعه لترك مدينة لانداو, فارسل زوجته وابنه الى مدينة نيويورك ودرس في الاكاديمية الوطنية للتصميم وعمل لاحقاً في مجلة هاربرز ويكلي كرسام للرسومات الايضاحية وذلك من العام 1859 الى 1886. ولعب توماس ناست مع مجلة هاربرز ويكلي دوراً كبيراً في تحديد مسار الانتخابات الأمريكية في عامي 1868 و 1872 ولاحقاً أصبح ناست الصديق المقرب من الرئيس الامريكي غرانت حتى انه كان يشارك الرئيس وعائلته طعام الغداء وبعد وفاة الرئيس كتب ناست معاناة غرانت مع مرض السرطان وسيرة الرئيس الذاتية!

وفي العام 1902 عينه الرئيس ثيودور روزفلت قنصلاً عاماً للولايات المتحدة في عدة دول منها الاكوادور وجنوب افريقيا في نفس العام توفي متأثراً بالحمى الصفراء واعيد جسده من الاكوادور ودفن في برونكس في مدينة نيويورك يوم 7 ديسمبر 1902 ويعتبر ناست هو الاب الروحي للكاريكاتير الامريكي وهو الذي ابتكر رمز الفيل للحزب الجمهوري ورمز الحمار للحزب الديمقراطي في الولايات المتحدة الامريكية.

(2) الواقعية الاشتراكية هو مذهب أدبي فكري أساسه المادية وهو مرتبط بانتشار الفلسفات الوضعية والتجريبية والمادية الجدلية ويتميز عن الكلاسيكية والرومانسية ان أدباءه قد اتجهوا الى تصوير حياة الطبقة الدنيا من المجتمع ولفت الانظار اليها ومناقشة مشاكلها وتصوير الصراع بين البلوريتاريا والبرجوازية ومن افكار الاشتراكية الواقعية ان النشاط الاقتصادي في نشأته وتطوره هو اساس الابداع الفني.

لذلك يجب توظيف الادب لخدمة المجتمع حسب المفهوم الماركسي وترجع جذور هذه المدرسة الى الفيلسوف الفرنسي كانط رائد الفلسفة الوضعية والتي تلتقي مع الفلسفة التجريبية في رفض الغيبيات وكذلك من الجذور الفكرية العميقة لهذه المدرسة الفلسفة المادية الجدلية. ومن ابرز فناني الاشتراكية الواقعية: دييغو ريفيرا، وايليا روبتين، وفريدريك وولكر، وهالي ووردوف، وفيليب ايفرغود، وايزابيل بيشوب، وروبيرت غاثمي، ورافاييل سويير، وتشارلز ويلبيرت وايت.

(3) كارلوس لطوف: كاريكاتيرست برازيلي من أصل عربي، ولد في مدينة ريو دي جانيرو في يوم 30 سبتمبر 1968م، نال جائزة مسابقة الهولوكوست الدولية للكاريكاتير والتي نظمتها الحكومة الإيرانية للتشكيك في المحرقة اليهودية إبَّان الحرب العالمية الثانية.

(4) توماس جيفرسون: ولد في يوم 13 أبريل عام 1743م وكان الرئيس الثالث للولايات المتحدة وهو الذي كتب إعلان الاستقلال عام 1778م، توفى في 4 يوليو عام 1826م.

(5) جورج واشنطون: ولد في يوم 22 فبراير 1732م وكان أول رئيس للولايات المتحدة وعمل على تحييد أمريكا في الصراع البريطاني الفرنسي، ومات في 14 ديسمبر عام 1799م في مونت فيرنون بولاية فيرجينيا

 

Nike Hyperdunk 2017

معرض الصور