ولا تزال دماؤك تسأل !

الكاتب:
فراس برهم.
قيم هذا الموضوع: 
لا يوجد تقييمات

قبل إحدى وعشرين عاما .. وذات صباح ضبابي لئيم، تربص الغدر في شوارع لندن بالرسام الفلسطيني ناجي العلي وأرداه شهيدا .. لا زال هذا اليوم ماثلا بتفاصيله ومؤامراته كاملة، سرعان ما انتهى التحقيق وسرعان ما التزم "سكوتلانديارد" الصمت وسرعان ما دفن جثمان ناجي تحت تراب غريب.

لكن لا تزال دماء ناجي تسأل، من وراء الجريمة؟ ولماذا خلفوه وراءهم وحيداً تحت تراب لندن!! لماذا لا يزال جثمانه قابعا حتى اليوم تحت ذاك التراب الغريب؟

عادت هذه الأسئلة لتطرق رأسي مجددا بعد تأبين محمود درويش، فهل كان درويش فلسطينيا أكثر من ناجي؟ وهل كان درويش أحق بأن يضمه تراب فلسطين أكثر من ناجي؟ وهل كان درويش أكثر أهمية للأدب الفلسطيني من ناجي؟

ناجي العلي والذي اختارته صحيفة "أساهي" اليابانية كواحد من أفضل عشرة رسامي كاريكاتير في التاريخ، وهو ذات الرسام الذي وصفه الاتحاد الدولي لناشري الصحف في باريس بأنه أحد أعظم رسامي الكاريكاتير منذ نهاية القرن الثامن عشر، وهو ذات الرسام الذي نال جائزة "قلم الحرية الذهبي" كأول صحافي ورسام عربي ينال هذه الجائزة الرفيعة، وهو أيضا ذات الرسام الذي دفع حياته ثمنا لما آمن به.

بعد هذا ألا يستحق الشهيد ناجي العلي تأبينا رسميا وجماهيريا كسواه، ألا يستحق جثمانه بأن يكرم بدفنه تحت ثرى فلسطين التي دافع عنها واستشهد من أجلها، ألا يستحق بأن ينقل جثمانه إلى "مخيم عين الحلوة" بجوار والده كما كانت وصيته وهذا أضعف الإيمان!!

سوف تظل هذه الأسئلة على ما يبدو تطرق رأسي عشرون عاما أخرى، ربما سوف ينصفوك يوما في زمان غير هذا الزمان، أو ربما لو كنتَ أكثر فتحاوية لأنصفوك.

نم قرير العين يا صاحبي فحسبك أنك نقلت كامل التراب الوطني الفلسطيني إلى لندن.

 

تم نشر هذا المقال بإذن خاص من الكاتب، مع العلم أنه تم نشره سابقاً في جريدة القدس العربي الصادرة في لندن

Air Jordan IV 4 Retro Denim

معرض الصور