الحريات والظروف المهنية ترسم مشكلات الكاريكاتير والكرتون آخر تحديث

قيم هذا الموضوع: 
لا يوجد تقييمات
المصدر: 
جريدة الخليج - الإمارات
الكاتب: 
أدار الندوة: د. محمد الفارس / أعدها للنشر: هاني عوكل

اتفق المشاركون في ندوة مركز “الخليج” للدراسات في دار “الخليج” للصحافة والطباعة والنشر حول “الكاريكاتير وأفلام الكرتون وتأثيرها

في قضايا المجتمع” على أن الكاريكاتير أحد الفنون التي تلعب دوراً مهماً في التغيير الاجتماعي اعتماداً على سطوة الصورة واختزالها معاني كثيرة. وكشفت المناقشات أن الكاريكاتير في العالم العربي يصطدم ببعض المشكلات، في صدارتها ضيق هامش الحرية المتاح، وبعدها الظروف المهنية التي تفرض على الرسام الخضوع لمتطلبات المعيشة. ومع الاتفاق على أن للحرية سقفين أحدهما حكومي، أو رسمي، والآخر شعبي، اختلفت الآراء حول تأثير كل منهما، وأيهما أعلى من الثاني، من دون إغفال أن فنان الكاريكاتير، في كل الأحوال، جزء من مؤسسة إعلامية تراعي ظروف واشتراطات محيطها الاجتماعي والسياسي.

تحدث المشاركون عن البيئة الاجتماعية وأثرها في خطوط رسوم الكاريكاتير وأفكاره، متطرقين، بالاضافة إلى مسألة الحريات، إلى مؤثرات أخرى حمّلها البعض مسؤولية تراجع هذا الفن في العالم العربي، مقارنة بفترات سابقة، ورفض أحد المشاركين القبول بوجود هذا التراجع، مستنداً إلى غياب أدوات تقيسه، ومؤكداً أن القول به مؤسس على انطباعات شخصية.

وأكد المشاركون أن الكاريكاتير في الأصل موهبة تصقلها التجارب ولا يشترط لتطورها دراسة أكاديمية لهذا الفن وحده، إذ يكفي دراسة الفنون عموماً، والاستفادة من المرحلة الجامعية باكتساب المعارف التي تمكن فنان الكاريكاتير من أداء مهمته كمفكر، كما وصفه أحد المتحدثين.

مناقشة أحوال الكاريكاتير لم تكن لتكتمل بغير التطرق إلى فن آخر تفرع منه، وهو أفلام الكرتون التي استثمرها شباب إماراتيون وحققوا بها حضوراً متميزاً، محلياً وعربياً، من خلال المسلسلين الشهيرين “فريج” و”شعبية الكرتون”.

ولم تكتف الندوة باستعراض الواقع ومشكلاته، إنما سعت إلى تصور حلول عبر المناقشات التي دارت على أربعة محاور رئيسية هي: الكاريكاتير وفن الكرتون والمجتمع: التفاعل والتأثيرات، ومدى الانسجام بين رؤية رسام الكاريكاتير والواقع المعاش، والكاريكاتير وقضية الحرية، والظروف المهنية لرسامي الكاريكاتير: الحوافز المادية والتدريب، والبرامج الأكاديمية.

د. محمد الفارس ابتدأ الندوة بشكر الحضور متمنياً الاستفادة من وجودهم لطرح مجموعة من القضايا التي تعني الفنانين أنفسهم وتتناول أيضاً ارتباط هذه المهنة بالمجتمع وقضاياه، ارتباطاً وثيقاً.

وأكد أن الكاريكاتير يساوي العمود الصحافي في ديمومته وتناوله للأحداث العالمية أولاً بأول، وقد يفوقه في الأهمية، كونه رسماً جذاباً لحدث ساخن بتعليق يثير الضحك أو يرسم ابتسامة على وجه القارئ. وقال: يكتسب الكاريكاتير أهمية كونه عنصراً جاذباً لقطاع عريض من القراء، أكثر بكثير من متابعي الأعمدة الصحافية، وكلما زادت الحرية في مجتمع ما، زادت تلك الرسومات جرأةً وقوةً في الطرح وحيويةً في المضمون، ولاشك أن الكثير من رسامي الكاريكاتير العرب يضاهون، وأحياناً يتفوقون، على نظرائهم الغربيين في فن الرسم، ولكن يبقى رسام الكاريكاتير العربي مقيداً وخائفاً وأحياناً موسوساً من أي رسم ربما يجر عليه مشكلات هو في غنى عنها، لذا يرتبط فن الكاريكاتير بالدرجة الأولى بمدى الحرية المتاحة، إضافةً إلى مدى رقي المجتمع وانفتاحه وقدرته على مناقشة قضاياه المختلفة من دون خوف.

ولفت الفارس إلى تجربة الشباب الاماراتي في توظيف فن الكرتون، إذ استطاع أن يحول أفلام الكرتون من أفلام محصورة بالأطفال وعالمهم الخاص المليء بالخيال إلى أفلام جميلة تنافس المسلسلات، بل تتفوق عليها بأسلوب طرحها الجميل لقضايا المجتمع بطريقة فكاهية وجذابة.

وذكر أن لمسلسل “شعبية الكرتون” جمهوراً عريضاً من المشاهدين الذين ينتظرون جديده كل رمضان.

ووصف عبد الكريم بيروتي، في مستهل النقاش، فن الكاريكاتير بأنه عن مقال سياسي أو فني، ولكنه مرسوم بالريشة بدلاً من القلم، وشدد على أهمية ألا يستخف أي شخص بتأثير هذا الفن على الرأي العام. وقال: المرحوم ناجي العلي، مثلاً، الذي عمل معنا في جريدة “القبس” الكويتية، دفع حياته ثمناً لرسوماته الكاريكاتيرية، ويكاد يكون الوحيد الذي فعل ذلك.

وفي مصر تجد أن الناس تقرأ جريدة “الأخبار” بالعكس، أي بدءاً من الصفحة الأخيرة والتي يوجد بها كاريكاتيري لمصطفى حسين، خاصةً أنه التعبير السياسي الشعبي الذي يصل للقارئ العادي أحياناً بكلمات أو من دون، ذلك أن الرسم نفسه يعبر عن القضية التي يطرحها صاحبه.

وأضاف: بالنسبة لفن الكاريكاتير والمجتمع والتفاعل والتأثير، أعتقد أن القارئ العربي يحب المباشرة والاختصار. فبدلاً من أن يقرأ مقالاً طويلاً ويستهلك من وقته نصف ساعة، فإنه يشاهد الكاريكاتير الذي قد يتأثر به أكثر، خصوصاً أن تأثير الصورة بدماغ الإنسان أقوى من تأثير الكلمة، وإن كانت الأخيرة لها تأثيرها أيضاً.

عامر الزعبي لم ينف وجود تفاعل من قبل الناس مع الكاريكاتير ولكنه رآه دون المستوى المطلوب، معتبراً أن الكاريكاتير جزء من الوضع العام، وجزء من الصحافة، ويتأثر بتأثرها بالوسط المحيط وبمدى وجود هامش من الحرية، وأكد أنه مع ضعف سقف الحرية، ووجود العديد من الحواجز، فإن أي رسام كاريكاتير يتأثر، وقد يتحول الكثير من الرسامين إلى موظفين عاديين يهمهم الجانب المادي، حسب تعبيره.

وتدخل عبد الكريم بيروتي ليلفت أنظار المشاركين إلى أنه حتى الصحف التي تصدر باللغات الأجنبية في الإمارات لا توجد فيها رسومات كاريكاتير، موضحاً أنه لا يهم القائمين عليها طرح مثل هذه القضايا، وإنما يهمهم أن تطرح الصحيفة كل ما هو جديد في أخبارها، فالكاريكاتير ليس أساساً في هذه الصحف.

حيدر محمد التقط خيط الحديث الدائر عن الكاريكاتير وتأثيره، مستهلاً ذلك بالقول: جميع الناس يعتقدون أنني توقفت عن رسم الكاريكاتير بسبب استقالتي من “الإمارات اليوم”، ولكنني أرى أنني غيرت أدواتي أو تطورت لمرحلة متقدمة، وهذا لا يعني أنني قطعت علاقتي برسم الكاريكاتير. ورأى أن التفاعل الذي يحدثه الكاريكاتير في المجتمع كبير جداً، والدليل على ذلك أن الناس يبحثون عنه، واستشهد بما جرى في جريدة سعودية أرادت مكافأة رسام الكاريكاتير فيها لحصوله على قاعدة جماهيرية عريضة، بأن نقلت رسمه من الصفحة الداخلية إلى الأخيرة، وهذا يعتبر أكبر تكريم له، إلا أن الجريدة تفاجأت بعد هذا القرار بأن مبيعاتها بدأت تقل ولم تعرف السبب، وأضاف: بعد التحري المتواصل، اكتشفت الجريدة أن السبب يكمن في تحويل هذا الكاريكاتير من الصفحة الداخلية إلى الأخيرة، إذ كان معظم القراء يشترون الجريدة للبحث عن الرسم، ولكن حينما تحول إلى الصفحة الأخيرة، صاروا يأخذون الجريدة من على الرف وينظرون في الصفحة الأخيرة التي فيها الرسم، ثم يعيدونها إلى مكانها، وهذا دليل على قوة الكاريكاتير وكيف أن الناس يبحثون عنه.

وقسم حيدر محمد سقف الحريات إلى سقفين: الأول السقف الحكومي، الآخر السقف الشعبي، وقال: السقف الحكومي دائماً ما يكون منخفضاً، ولكنه عندنا بالعكس، إذ إن أعلى الجهات الحكومية تطلب منا التعبير عن هذا الفن، ولكن المشكلة تتعلق برؤساء الأقسام وإدارات التحرير، فعلى مدى عشرات السنين أصبح هناك ما يسمى بالرقيب أو الشرطي داخل عقول هذه الإدارات، وبشكل آلي تجدها تخاف من التحرك بهامش حرية معقول. وحتى السقف الشعبي اليوم منخفض عن الحكومي، وهذه قضية غريبة.

Nike Air Max 720

معرض الصور