الرسوم الكاريكاتيرية تسخر من هنية ... وسائل الاعلام الفلسطينية تفتح نيرانها على حكومة «حماس».

قيم هذا الموضوع: 
لا يوجد تقييمات
المصدر: 
جريدة الحياة - لندن
الكاتب: 
محمد يونس

 

وقف «أبو العبد» الموظف في السلطة الفلسطينية التي تعاني من نقص مالي حاد جعلها عاجزة عن توفير رواتب موظفيها أمام ثلاثة أجهزة للصرّاف الآلي، لكن بدلا من ان تقدم هذه الأجهزة المال لزبائن البنك، فإنها تقدم لهم «الزيتون والزعتر والملح» وذلك في اشارة الى اعلان رئيس الوزراء اسماعيل هنية اننا «سنأكل الزيتون والزعتر والملح ولا نحني هاماتنا الا لله». تناول الرجل هاتفه النقال ليسأل زوجته عن ماذا يفضلون تناوله اليوم على الغداء.

هذا واحد من الرسوم الكاريكاتيرية التي تظهر يوميا في الصحف الفلسطينية التي توجه نقدا صريحا، غير مسبوق في وسائل الاعلام الفلسطينية، للحكومة الجديدة التي شكلتها حركة «حماس».

ومنذ فوز حركة «حماس» في الانتخابات في كانون الثاني (يناير) الماضي أظهرت وسائل الاعلام الفلسطينية، الحكومية منها والخاصة، موقفا نقديا تجاه الحركة وتاليا كتلتها في المجلس التشريعي حيث تشكل الغالبية وتجاه حكومتها.

جريدة «الأيام»، وهي جريدة يومية مستقلة يرأس تحريرها أكرم هنية المستشار السياسي للرئيس محمود عباس، تنشر يوما رسوماً كاريكاتيرية ساخرة من حكومة «حماس» ورئيسها اسماعيل هنية. وتنصب هذه الرسوم على عجز الحكومة عن توفير رواتب الموظفين. وفي كاريكاتير الجريدة أمس ظهر موظف فلسطيني امام شيك نقدي بقيمة خمسين مليون دولار، صادر عن جمهورية ايران كمساعدة للحكومة، وقال: «بدنا همة آية الله الصرّاف» وذلك في اشارة الى عدم قدرة الحكومة على ادخال هذا المال من الخارج وصرفه للموظفين بعد توقف البنوك عن تحويل اموال لـ»حماس» او حكومتها خشية تعرضها للملاحقة القانونية في الولايات المتحدة.

وفي صحيفة «الحياة الجديدة»، وهي صحيفة يومية حكومية، ظهر رسم كاريكاتيري للرسام محمد سباعنة حمل اعلاناً خاصاً لأطفال فلسطين عن كعكة جديدة اسمها كعكة الصمود، وهي مكونة من «زيت زيتون وزعتر» في اشارة الى تصريح رئيس الوزراء الذي وعد موظفي الحكومة بأكل ما تنتجه الأرض الفلسطينية من زيتون وزعتر في حال استمر الحصار الدولي على حكومته.

وتنشر «الحياة الجديدة» التي اسسها نبيل عمرو عضو المجلس الثوري لحركة «فتح» بتمويل من الرئيس الراحل ياسر عرفات، عقب انشاء السلطة عام 94، الكثير من المقالات النقدية ضد الحكومة. اما صحيفة «القدس» وهي صحيفة خاصة لكنها دأبت على تلقي مساعدات مالية مجزية من منظمة التحرير وحركة «فتح» والسلطة الفلسطينية في عهد الرئيس الراحل ياسر عرفات، فتسلط الكثير من الضوء على تصريحات لقادة «فتح» ينتقدون فيها حركة «حماس» وحكومتها مثل الطيب عبد الرحيم وجبريل الرجوب. وقد دأبت هذه الصحيفة على نشر كل ما يصدر عن عبد الرحيم والرجوب على صدر صفحتها الأولى مهما كان شأنه.

وتزداد حدة النقد لحكومة «حماس» في الاذاعة والتلفزيون التابعين لمكتب الرئيس محمود عباس. ففي البرنامج الاذاعي الصباحي «نهار جديد» يتابع مقدما البرنامج نزار الغول وسماح نصار كل ما يصدر عن قادة «حماس» ويستضيفان معلقين من أعضاء أو أنصار حركة «فتح» لتوجيه النقد له.

وقرر بعض قادة «حماس» مقاطعة هذا البرنامج نظرا لنقده الشرس لحكومتهم. ومن هؤلاء الدكتور محمود الرمحي أمين سر المجلس التشريعي الذي وصف مقدم البرنامج نزار الغول بأنه «غير مهني على الاطلاق» وقال: «هناك فرق كبير بين المهنية و التحريض، وما يجري في اذاعة وتلفزيون فلسطيني عموما هو تحريض سياسي ضد حماس».

ويرى مراقبون في انتقال الحكم من «فتح» الى «حماس» فرصة لممارسة وسائل الاعلام الرقابة والنقد اللذين طالما حرموا من ممارستهما في وسائل الاعلام الخاضعة لهيمنة حركة «فتح». وقال بهاء البخاري، رسام الكاريكاتير في صحيفة «الأيام»: «انا لم أتغير، كنت في الماضي انتقد حكومة فتح واليوم انتقد حكومة حماس، لكن في الماضي كان بعض رسوماتي لا ينشر أما اليوم فهي كلها تنشر».

واضاف: «انا امثل نبض الشاعر، أراقب الاعوجاج، وأوجه له سهام نقدي ايا كان مصدره، فتح أو حماس».

ويتوقع المراقبون ان تشهد وسائل الاعلام الفلسطينية نقلة نوعية في أدائها المهني في المرحلة المقبلة بالنظر الى غياب الرقابة وتشجيع القائمين على وسائل الاعلام على نقد الحكومة.

وقال الدكتور نشأت الأقطش استاذ الصحافة والعلاقات العامة في جامعة بير زيت في رام الله: «واضح ان هناك دوافع سياسية وراء النقد الذي نشهده اليوم في وسائل الاعلام ضد حكومة حماس، لكنه سيعمل على ترسيخ مفاهيم الرقابة، ويؤسس لمرحلة جديدة من ممارسة الرقابة الاعلامية يصعب في المستقبل على وسائل الاعلام التراجع عنها».

وتسعى حركة «حماس»، لشدة غضبها على وسائل الاعلام الرسمية، الى اعادة هيئة الاذاعة والتلفزيون الى وزارة الاعلام بعد ان قرر الرئيس عرفات نقلها الى مكتبه. وقال الدكتور محمود الرمحي: «لقد طالب رئيس الوزراء اسماعيل هنية الرئيس عباس باعادة الاذاعة والتلفزيون الى الحكومة، والأمر مطروح في خلية العمل التي شكلت من الرئاسة ورئاسة الحكومة لحل المشكلات التي تظهر بينهما، واذا لم تحل هذه المشكلة سيطرح الأمر على المجلس التشريعي لمناقشته والتصويت عليه».

ويتوقع ان يؤدي الجدل المحتدم بين «فتح» و»حماس» حول وسائل الاعلام الرسمية الى استقلالها عن الحركتين.

وقال النائب عن كتلة «فتح» عبد الله عبد الله: «وسائل الاعلام يجب ان تكون مستقلة عن الحكومة او عن أي قوة سياسية أخرى. وسائل الاعلام لديها مهمة المراقبة والنقد ونقل المعلومات، ويجب في النهاية ان تكون بعيدة عن أي تأثير».

 

 

Mercurial Superfly CR7 High

معرض الصور