الكاريكاتير الملتبس

قيم هذا الموضوع: 
لا يوجد تقييمات
المصدر: 
جريدة تشرين - سورية
الكاتب: 
علي الراعي

 

ـ 1 ـ

كل الخشية ان تكون «مدرسة» الكاركاتير السورية، بمعلم وحيد، لا تلاميذ فيها، تلك الحالة الثقافية، التي نشأت ذات حين بعد منتصف القرن العشرين تقريبا، عندما سعى فنان الكاريكاتير السوري علي فرزات من نقل «فن الكاريكاتير» من هامش الصحيفة الى متنها، و..من «كترة الحكي» والتهريج الى التحليل الذهني، واشغال الفكر وتحميله مضامين انسانية، أي الاقتصاد بالتعليق المجاور للرسم، حتى درجة الغائه، وكان في السابق يمكن الاستغناء عن الرسم والاكتفاء بالتعليق.. باستثناءات قليلة جدا، فإن الذين أخذوا منهاج «المدرسة» جاهزا لا يزالوان على مسافة آلاف الكيلو مترات من التلاميذ..!! ‏

ـ 2 ـ ‏

قد يكتب المبدع قصة قصيرة على جهاز الكمبيوتر ورواية وقصيدة شعر لكن ان ينجز لوحة فنية، إن كانت كاريكاتيراً أو سواها، فالأمر ينحدر بالفنان ليس الى مستوى الرسام وحسب، بل الى مستوى التقني أو المهني والصانع في ورشة، هنا لا ابداع شخصياً لصانع «الكاريكاتير» سوى بمدى مهارته باستخدام تقنيات الكمبيوتر من فوتو شوب وغيرها، قد تكون هذه الشاشة الزجاجية وسيلة للتوصيل، أي من خلال النت، أما ان تقوم بمهام الرسام فهذه المشكلة التي افرزت اليوم عشرات الصنّاع لانجاز الكاريكاتير..!! ‏

ـ 3 ـ ‏

أحد صناع الكاريكاتير على الحاسوب، الذي يشتغل احيانا «ناقداً» تشكيلياً، نزل بالفنان اسامة جحجاح «تقطيعاً» عندما عرف انه استعان بالكمبيوتر في انجاز لوحاته التشكيلية، الطريف بالأمر ان هذا الناقد البائس، يملأ احدى الصحف اليوم بـ «رسومات» يعتبرها كاريكاتورية، يقوم بتصنيعها على جهاز الكمبيوتر..!! ‏

ـ 4 ـ ‏

«صانع» آخر للكاريكاتور في ورشة أخرى لديه هوس نيل الجوائز، حتى شكل هوسه هذا حالة كاريكاتورية نادرة، إذ يعتبر مجرد مشاركته بمهرجان ما «جائزة» هذا «الفطحل» الكاريكاتوري لا يمر أسبوع إلا ويسعى للصحف لتعلن عنه أن الفنان السوري الكبير قد نال جائزة جديدة، أو مشارك بمهرجان جديد.. حالة كاريكاتورية نادرة بامتياز...!! ‏

ـ 5 ـ ‏

منذ حوالي النصف العقد بدأ ينشر رسوماته الكاريكاتورية بغزارة في صحيفتين حزبيتين معاً، رغم الافتراض انهما على نقيض، الأمر الذي دفع فينا الأمل والحماس.. الأمل في أن ساحة الكاريكاتير السوري لم تعد خاوية، وجاء من يحسر في حجم الفراغ فيها، والحماس لأن نعلي من شأن «فتى الكاريكاتور» هذا.. وكان نتيجة هذا الحماس حوارات لا تعد مع هذا «الكاريكاتوري» أحدها أجريته معه لصالح جريدة تشرين، وفيه شن هجوما على زملائه الذين يملؤون الصحف تناصاً وسرقة ـ حسب ادعاءاته ـ وعندما أتى الرد من الكاتب ممدوح حمادة يفند فيه «افتراءات» الكاريكاتوري، لم يترك مجالاً ولا منفذاً ليحول دون نشر الرد، وقطع الطريق عليه بالفعل في أن يرى النشر، الأمر الذي ادهشني، ودفعني للبحث عن الاسباب، ووجدت ان زملاءه الكاريكاتوريين قد أعدوا له ملفاً ضخماً عن سرقاته، فهو يرسم ونصب عينيه الفنان الليبي «الزواوي» وعندما علم بالأمر أرسل لي هو الآخر ملفاً ضخماً يوثق فيه «سرقات» الزملاء...!! ‏

ألم نقل كل الخشية ان تكون «المدرسة» السورية بمعلم وحيد لا تلاميذ فيها.. وإلا لِمَ كل هذا الخواء..!! ‏

ـ 6 ـ ‏

«دون تعليق» عبارة كثيرا ما تثير انتباه العديد من القراء، الذين يهتمون بهذا الفن الساخر ـ الكاريكاتير ـ الفن الذي يقوم على المفارقة والتناقض احيانا، تناقض الشكل ونفخه، وبعثه في خطوط، أو هو «المدرسة التعبيرية المبالغ فيها» الذي يتناول الحياة من منظار غرافيكي ذهني يومي.. ومن هنا استطاع فن الكاريكاتور اختراق الكثير من الغرف المغلقة، بل المحكمة الاغلاق، وتجاوز الكثير من الخطوط الحمر، وصل الأمر حد الاستشهاد في سبيل توصيل الفكرة.. ولأن الصحافة مجاله الارحب، اعتبر ابناً شرعياً لها، وهناك من اعتبره ابناً عاقاً للفنون التشكيلية، وقليلون اعتبروه فناً قائماً بذاته، هو الفن المشاكس لكنه النافع كثيراً، مع ذلك يبدو اليوم فناً ملتبساً في الساحة السورية..!! ‏

 

Adidas Crazy Explosive

معرض الصور