المحاذير و التفاعل مع الجمهور تهـدد مستقبل الكاريكاتير العربي

قيم هذا الموضوع: 
Average: 3 (1 vote)
المصدر: 
جريدة البيان - الإمارات
الكاتب: 
مريم عبدالحميد

يختلف كثيرون حول مستقبل الكاريكاتير الصحافي في العالم العربي، وسط التحديات التي تواجهه، سواء من جهة كونه غير قادر على تحقيق «التفاعلية» مع الجمهور، أو لمحاولة البعض، وضع تابوهات جديدة له، مرتبطة بـالدين ، بعد أن نجح هذا الفن في كسر أغلب التابوهات، وعلى رأسها «الرئيس» و»المؤسسات العسكرية».

لا ينكر أحد، أن فن الكاريكاتير، شهد طفرة كبيرة، في الفترة من 2005 ـ 2012، ولا أحد يمكن أن ينسى، أيضا، الدور الذي قام به الكاريكاتير في دول الربيع العربي، سواء عند استخدامه في اللافتات التي رُفعت في الميادين المختلفة، أو استلهامه في رسوم الغرافيتي على الجدران.

سبق

كان اختراق الكاريكاتير لما سُمي بـ»تابو الرئيس»، حدثاً فاصلاً في مسيرة فن الكاريكاتير في مصر، وحدث ذلك على يد الفنان عمرو سليم، الذي تجرّأ على رسم الرئيس السابق مبارك عام 2005، وكان وقتها يرسم لجريدة «الدستور» القاهرية، وتفاعلاً مع الحريات السياسية التي ارتفع سقفها منذ ذلك التاريخ، ارتفع سقف حرية التعبير في مختلف الفنون الصحافية.

وعلى رأسها الكاريكاتير، والذي يتميز عن بقية الفنون بـالسخرية القادرة على نقد ما يصعب ـ أو يستحيل ـ نقده بشكل مباشر.

محاولات وهجوم

قدّم فنانو الكاريكاتير، في عام 2010، وبعد الانتخابات البرلمانية المشكوك في نزاهتها، في مختلف صحف المعارضة، نقداً لاذعاً لهذه الانتخابات، وللحزب الوطني الحاكم، وقتها.

والذي فاز بالأغلبية العظمى من المقاعد فيها، إلا أن هذا النقد أثار حفيظة نواب البرلمان؛ لدرجة أن بعضهم أعلن عن نيته لرفع قضايا سب وقذف على بعض فناني الكاريكاتير المعارضين. وقبل ثورة 25 يناير بفترة قصيرة، ظهرت محاولات شبابية عديدة، لإنشاء مجلات متخصصة في الكاريكاتير، وقدموا تجارب جادة، كان على رأسها مجلات «توك توك»، «البوسطجية».

وأسهمت هذه المجلات لبساطتها، في تأجيج الرأي العام ضد سلبيات النظام الحاكم، وضد مشروع التوريث والفساد الإداري.. إلا أن أهم ما قدّمته هو مجموعة من فناني الكاريكاتير الجدد، الذين يمثلون جيلاً جديداً من الفنانين، له رؤية أكثر حداثة، وسقف حرية أكثر ارتفاعاً من الأجيال السابقة.

مشكلات تقنية

ولكن من جهة أخرى، فإن الكاريكاتير الصحافي لا يزال يواجه مشكلات تقنية أساسية، متنوعة، لكونه غير قادر على تحقيق «التفاعلية» مع الجمهور، والتي تحققت بشكل كبير لباقي الفنون الصحافية، وفي هذا الشأن، يقول الكاتب الصحافي إبراهيم غرابية:

«من المتوقع أن تصل نسبة المشاركة الإعلامية في المستقبل القريب، إلى جميع الناس؛ لتكون القدرة على الاتصال والتعليق والكتابة والتفاعل، متاحة لكل إنسان تقريباً، وستقل الفجوة إلى حد المساواة، بين المعد أو الكاتب والجمهور؛ ليتحول الإعلام إلى عمل يشارك في إدارته والتخطيط له وتقويمه، جميع المشتركين والمتلقين تقريباً، وفي هذه الحالة فإن الكاريكاتير يحتاج إلى مراجعة ليمتلك مرونة واسعة تمكنه من مواكبة التحولات، وبما أنه عمل فني يحتاج إلى مجهود وإبداع، فمن المتوقع أنه سيكون أبطأ بكثير من الإيقاع السريع والجديد للإعلام، وهذا ما يجعله في نظر القراء والنقاد، أقل أهمية بكثير مما سبق»..

أما فنان الكاريكاتير، عمرو سليم، فكان له رأي على خلاف ذلك، إذ أكد أن قيود السلطة على فن الكاريكاتير هي الخطر الأول، وأنه لكي ينجح الكاريكاتير الصحافي ويستمر في الوجود، على فنانيه أن يتمسكوا بما نالوه من حريات. ويشير سليم إلى أن مستقبل الكاريكاتير متوقف على رسام الكاريكاتير في حد ذاته، فبعد أن كسرت غالبية التابوهات في هذا الفن.

وعلى رأسها تابو الرئيس وتابو المؤسسات العسكرية.. نجد أيادي تسعى لإعادة بناء هذه التابوهات من جديد، والفيصل في ذلك سيكون فنان الكاريكاتير نفسه؛ فهناك مساحة من الحرية حصل عليها فنان الكاريكاتير سيصعب الرجوع عنها، وإذا حدث نوع من الرِّدة سيكون المسؤول عنها، فنانو الكاريكاتير أنفسهم.

ويوضح سليم أن انتعاشة فن الكاريكاتير، لم تكن في مصر فقط، بل تعدتها إلى دول أخرى، ففي تونس حدثت انتعاشة في حرية التعبير في فن الكاريكاتير، لم تكن موجودة من قبل، والموقف نفسه في سوريا، وستظل هذه الانتعاشة موجودة، وسيتوقف حجم السخرية أو التندر في الكاريكاتير، على مدى قدرة الحكومات في المنطقة العربية على تلبية حاجات شعوبها، أو فشلها في ذلك.

خطوط حمر

ينظر فنان الكاريكاتير جورج البهجوري، إلى هذه الإشكالية، من زاوية أخرى، إذ يشدد على أن الكاريكاتير لا يُفترض أنه يحمل السب أو الإهانة، ولكنه يحمل خفة الروح، وعلى السلطة أن تتفهم ذلك، وأن تتقبل روح الدعابة, لأن الفنان يسعى فقط للترفيه عن القارئ؛ فالأخير يطالع دائما في الصحف الأخبار الحزينة والمؤلمة، ثم يجد بروازاً صغيراً يجعله يبتسم، ما يمنحه شيئاً من السعادة.

ويلفت إلى أن وضع قيود أو خطوط حمر للكاريكاتير، أمور تهبط بمستواه كثيرا، وتضيع رسالته التي تلهم الناس بالفكاهة وتخفف من غضبهم تجاه السلطة، وأيضا ترفه عن الشعب بالنكتة، ولكن في الوقت ذاته، إذا فقد الفنان حريته وزادت الرقابة عن الحد المعقول، سيواجه الكاريكاتير خطر الموت، ومن ثم على رسامي الكاريكاتير أن يتضامنوا للمطالبة بحرية التعبير، والحفاظ على مكتسباتهم في هذا المجال.

تابو الدين

يؤكد رسام الكاريكاتير، الشاب «مخلوف»، الذي شارك في تجربة جديدة من نوعها في العالم العربي: «توك توك»، التي ظهرت متزامنة مع ثورة 25 يناير، أنه متفائل بشأن مستقبل الكاريكاتير، رغم كل المصاعب المحدقة به! ويتابع: «هناك محاولة لوضع تابوهات جديدة للكاريكاتير، فبعد الثورة مباشرة، كان هناك حماس لتكسير كل التابوهات.

ولكن التابو الجديد مرتبط بـالدين، فالسلطة الجديدة لها مرجعية دينية، والشعب المصري بطبعه، عاطفي ومتدين، فأصبح انتقاد الرئيس أو البرلمان، ذي الخلفية الدينية، انتقاداً للدين نفسه، وذلك لأن الجمهور غير مثقف، وعاطفي في هذا الصدد». ويستطرد مخلوف:» أنا شخصياً لم أواجه مشكلات رقابية من أي نوع، منذ الثورة وحتى الآن، ولكن زملاء من الفنانين في مؤسسات صحافية أخرى، واجهوا مشكلات من هذا القبيل».

وحول مشكلة «التفاعلية» التي يفتقر إليها الكاريكاتير، يقول: «إن فنان الكاريكاتير لديه موهبة مركبة، فهو يمتلك الوعي السياسي والكوميديا، فالجمهور ـ وإن لم يكن يشارك في صياغة الرسالة الإعلامية لفن الكاريكاتير- يقوم بدور «الملهم»، وهو أيضاً (التيرمومتر) للفنان، فمن خلاله يعرف الفنان إلى أين وصل فنه، حتى ان الجماهير أصبحت تعلق على الأحداث بشكل كاريكاتيري.

وهو أمر في صالح رسام الكاريكاتير، لأنه ينمي الثقافة البصرية للجمهور، ويرتقي بوعيهم السياسي. ويختتم مخلوف: «أنا متفائل بشأن مستقبل الكاريكاتير؛ لأن فنانين كثيرين ظهروا، وذلك بعد فجوة كبيرة بين جيل السبعينيات من القرن الماضي، من فناني الكاريكاتير، والجيل الجديد الذي ظهر الآن، في أعقاب الثورة، ما أحدث انتعاشة كبيرة في هذا الفن».

قيود وخطر

يؤكد فنان الكاريكاتير، عمرو سليم، أن قيود السلطة على فن الكاريكاتير، هي الخطر الأول، وأنه لكي ينجح الكاريكاتير الصحافي ويستمر في الوجود، على فنانيه أن يتمسكوا بما نالوه من حريات. ويشير سليم إلى أن مستقبل الكاريكاتير متوقف على رسام الكاريكاتير في حد ذاته، فبعد أن كسرت غالبية التابوهات في هذا الفن، وعلى رأسها تابو الرئيس وتابو المؤسسات العسكرية.. إلخ، هناك أيادٍ تسعى لإعادة بناء هذه التابوهات من جديد، والفيصل في ذلك سيكون فنان الكاريكاتير نفسه.

دور مهم

أسهمت المجلات المتخصصة بفن الكاريكاتير، التي ولدت في الفترة التي سبقت ثورة 25 يناير، لبساطتها، في تأجيج الرأي العام ضد سلبيات النظام الحاكم، وضد مشروع التوريث والفساد الإداري.. إلا أن أهم ما قدّمته هو مجموعة من فناني الكاريكاتير الجدد، الذين يمثلون جيلاً جديداً من الفنانين، له رؤية أكثر حداثة، وسقف حرية أكثر ارتفاعا من الأجيال السابقة.

Fino Al 30% -60% Di Sconto! Morden Scarpe Bambini Jordan 11 Nero Bianco N Dall'Impegno 0c8sqg71

معرض الصور