رسومات الكاركاتير فـي الصحافة الأردنية .. بين المضامين الإنسانية وتقنيات التكنولوجيا الحديثة

قيم هذا الموضوع: 
لا يوجد تقييمات
المصدر: 
جريدة الرأي - الأردن
الكاتب: 
ناجح حسن

تعكس الرسومات الكاريكاتيرية التي تعد واحدة من ابرز فنون التعبير الحديثة مهارات فردية محملة بالعديد من المعاني والاشارات في محاكاتها للواقع تغني عن الكثير من المقالات .. وتكاد لا تخلو منها مطبوعة محلية وفيها يجري تسليط الضوء على القضايا المتنوعة منها السياسي والاجتماعي والاقتصادي . وعبر مسارها الزمني الطويل رفدت الرسومات الكاريكاتيرية المشهد الابداعي الاردني بالكثير من الاسماء التي ما زالت تحمل بصمتها واسلوبيتها الجميلة عالقة في اذهان الكثير من عشاق هذا النوع من الفنون .

 

يقول استاذ الفنون الجميلة في جامعة اليرموك الدكتور محمود صادق الذي سبق له العمل رساما للكاريكاتير في صحيفة الدستور ان فن الكاريكاتير في الصحافة المحلية تزامن مع بداياتها الاولى والتي كانت تنشر رسومات للفنان التشكيلي مهنا الدرة قبل ان يجيء رسام الكاريكاتير الراحل رباح الصغير الذي عمل في صحيفة الراي ويعد من ابرز الرواد الاوائل في هذا الحقل الابداعي .

ويشير صادق لوكالة الانباء الاردنية الى ان الصحف والدوريات في المملكة كانت حريصة دائما على اهمية عمل رسام الكاريكاتير واستعانت لهذه الغاية باسماء عديدة ومن بينها رسومات جلال الرفاعي الذي يعمل في صحيفة الدستور . ويرى ان الجيل الجديد من رسامي الكاريكاتير في الصحافة المحلية تمتلكه الرغبة والهواية خاصة مع هذا الانتشار في الصحف اليومية والاسبوعية وايضا المجلات والدوريات المتنوعة مما يقتضي تعزيز قدراته بالدراسة الاكاديمية كونها تساعد على تطوير تجاربه وتمكينه من استلهام الحس الكاريكاتيري فضلا عن اللجوء الى تقنيات الابتكار في رسم الموضوعات التي ينشغل بها الرسام .

ويعتبر صادق الكاريكاتير مادة اعلامية رقعتها الصحيفة اساسا مبينا انه سبق له ان رسم الكاريكاتير عبر شاشة التلفزيون الاردني لكنه لم يكن متحمسا لهذا النوع من التحول لان الكاريكاتير ذات طبيعة خاطفة سريعة يستطيع القارئ ان يلتقط الفكرة منه مباشرة وبدون جهد.

ويتحفظ على محاولات رسامي الكاريكاتير ادخال التكنولوجيا الحديثة في مجال الكاريكاتير لانها تفتقد تلك الاحاسيس والمشاعر الانسانية مشيرا الى ما يحدث حاليا من ان رسامي الكاريكاتير تضيع شخصياتهم في استخدام الكمبيوتر ولم تعد تمتلك اصالة الرسامين القدامى .

ويبين رسام الكاريكاتير في صحيفة الغد عماد حجاج ان اهمية فن الكاريكاتير تنبع من الابتسامة والسخرية في حياة الانسان وسط احداث جسام مشيراً الى دخوله هذا الحقل الفني بالفطرة والموهبة والهواية التي كان يمارسها يومياً قبل ان يتابع دراساته الجامعية في هذا المجال وهو ما فتح الباب امامه ليكون رساماً كاريكاتيريا.

ويرى ان الرسام لا يستطيع تجاهل اللغة التي يجري بها التعليق على الكاريكاتير لانها تساعد المتلقي على التمييز وتعزيز افكاره شريطة ان لا يتخلى الرسام عن لمساته الفنية التي توحي فهم مضمون الرسمة.

ويقول حجاج ان اكبر تحد لرسام الكاريكاتير هو العمل اليومي لما له من صعوبة في ايجاد فكرة جديدة يوميا ..فالرسام قد يجد نفسه مضطرا الى خلق فكرة رغما عنه وهو مثل الشاعر الذي يستحيل عليه ان يكتب قصيدة يوميا قبل ان يعاين موضوعه وعما يدور في محيطه ضمن شرطه الابداعي الخاص .

ويقول رسام الكاريكاتير في صحيفة الرأى خلدون غرايبة إن لكل كاريكاتير شروطه وظروفه ..فهناك الكاريكاتير المتضمن الكلام وغالبا ما ينتشر في البلدان الاكثر انفتاحاً وفيها مستوى عال من الحرية في حين ان الكاريكاتير الخالي من التعليق ينتشر في البلدان ذات المستوى المتدني من الحريات يلجأ اليها الرسام لاختراق ظاهرة الرقابة .

ويضيف انه بمرور الزمن اصبح للكاريكاتير أكثر من معنى مؤكدا أهمية الكاريكاتير المتحرر من الكتابة كونه يستمد قوته وفعاليته من لغة بصرية على نقيض الكاريكاتير المقحم بالكتابة الذي يدل على ضعف الرسام في ايصال الفكرة ليستعين باللغة لايصال فكرته .

ويرى غرايبة أن الكاريكاتير يُعلي من هامش الحرية ويعبر عن راي الرسام حول الظواهر الاجتماعية والاقتصادية والسياسية دون ان يكون بالضرورة رأي الصحيفة داعيا المنابر الاعلامية الى توفير أجواء من الابداع الذي يسهم في انطلاقة رسام الكاركاتير الى فضاءات ارحب .

ويعرف رسام الكاريكاتير في صحيفة العرب اليوم ناصر الجعفري هذا النوع من الابداع بانه جزء من الحالة الصحفية التي تحاكي القضايا الاجتماعية والاقتصادية والسياسية فضلا عن كونه نافذة للقارىء على مادة سهلة وميسرة وحادة في الوقت نفسه.

ويضيف ان ثمة تحديات تواجه الرسام الذي يعمل في صحيفة يومية او الرسام الذي يرسم في مجلة دورية حيث يتطلب الانجاز في الحالة الاولى المزيد من الجهد والمثابرة في القبض على فكرة مبدعة قد لا تتوفر يوميا او لا تحتمل التاجيل في حين ان العمل في مجلة دورية يتمتع براحة زمنية تمكن الرسام من طرح افكار مبدعة ومؤثرة.

ويعتبر ان دخول التكنولوجيا الحديثة في رسم الكاريكاتير غدا سلاحا ذا حدين .. فمن ناحية وفر للرسام امكانية تحسين الصورة وجودة الطباعة وسهولة العمل وسرعة الانجاز وتوسيع قاعدة الانتشار.. ومن ناحية اخرى اخفى ضعف الرسام .

ويؤكد الجعفري ضرورة تنويع رسام الكاريكاتير لموضوعاته باتجاهات عدة بحيث يدقق فيما يجري حوله من قراءات او مشاهدات او ما يجري في بيئته ومعاينته لوجوه الناس والتقاط تلك التعابير وتحويلها الى خطوط بسيطة بالابيض والاسود ومختزلة.. والافضل ان تكون بدون تعليق واذا استدعى الامر ذلك فينبغي ان يكون التعليق بسيطا ومقتضبا.

ويشترط الفنان التشكيلي سعيد حدادين الذي يزاول بين حين واخر الرسم الكاريكاتيري في عدة منابر اعلامية وجود موقف للرسام ازاء القضايا والاحداث التي يعايشها المجتمع الامر الذي يقود الى ابراز حرفية او مهنية وفرادة الرسام الذي يستطيع ان يترجم الحدث بالرسم بدون تعليق.

وحسب وجهة نظره فان الرسم الكاريكاتيري يوجه عادة الى فئة النخبة من المثقفين والمتابعين للتحولات السياسية والاقتصادية والاجتماعية ..وجاذبية الكاريكاتير تكمن في قدرته على اقتناصه من قبل المتلقي من النظرة الاولى.

وفيما يتعلق بالتطور الذي يشهده الرسم الكاريكاتيري في الاردن يعتبر حدادين ان هذا النوع من الفن اخذ يشق طريقه حديثا مصحوبا بتطور وابتكار ابداعي ناضج ذي مستوى عال مشيرا الى اولئك الفنانين الذين كان لهم الدور الريادي في تطوير فن الكاريكاتير في الاردن مثل الراحل رباح الصغير الذي حملت رسوماته لمسات مميزة اذ كان يمتلك قوة الحضور والمتابعة للحدث وايضا جلال الرفاعي ومحمود صادق ممن كان لهم بصمات مميزة في هذا المضمار.

ويرى في وجود الفضائيات الاخذ دورها في التصاعد عاملا مساعدا على نشر الكاريكاتير الى رقعة وشريحة اوسع من المتلقين خصوصا وهي تفرد في برامجها ومتابعاتها الاخبارية الوانا واشكالا من الرسومات الكاريكاتيرية القادمة من ثقافات متنوعة الامر الذي يصب في توعية وتنمية الذائقة الفنية بهذا الابداع مبينا انه لمس حجم ذلك الاهتمام والاقبال والتفاعل شخصيا خلال اقامته لمعرضين حول فن الكاريكاتير.

 

 

nike flyknit lunar 3 womens Sale -75% OFF Cheap nike flyknit lunar 3 mens Store

معرض الصور