سعد حاجو: الثورة أنعشت الكاريكاتير السوري

قيم هذا الموضوع: 
لا يوجد تقييمات
المصدر: 
موقع ميدل إيست أونلاين

يكرس فنان الكاريكاتير السوري سعد حاجو جل وقته لمواكبة الاحتجاجات في بلده. وهو يرسم كل يوم تقريبا عملا يتناول الوضع في سوريا.

لكن هذه المواكبة لم تبدأ مع اندلاع حركة الاحتجاجات السورية وحسب، فقد بدأ الفنان السوري يأخذ مع بداية الربيع العربي اتجاها جديدا في عمله الكاريكاتوري.

ويقول حاجو "كان لهروب (الرئيس التونسي) بن علي في مشهد كاريكاتوري غير متوقع، التأثير الكبير على اتجاهي نحو شكل جديد في التعبير".

ويضيف "أول عمل رسمته عن بن علي رفع في أكبر تظاهرة في صفاقس، وصلتني صورة عنه بالمصادفة عن طريق وسائل الاتصال الاجتماعي".

ويتابع "إذا، تحضرت جيدا قبل انطلاق الثورة السورية. بدأت مسبقا بالتمرن على رسم شخصية (الرئيس السوري) بشار (الاسد). كنت سابقا قد نشرت فقط حوالي خمسة كاريكاتورات تصوره على مدى خمس سنوات".

وبحسب حاجو، فإن "الانعتاق أتى بعد فترة طويلة من الانتظار، كمن حرث وبذر وزرع حقل ذرة صفراء وسقاه واعتنى به، وفجأة انفجرت حبات الذرة على النار، فقد أطلق الناس مبكرا في الشارع عبارة "طير وفرقع يا بشار"، فما كان مني إلا أن رسمتها بشكل شبه حرفي".

وعما إذا استطاعت الاحتجاجات أن تبدل في أسلوبه يقول "أسلوبي اتجه أكثر صوب المباشرة والآنية والتشخيص، مع حذري الدائم من الوقوع في التكرار والانجرار العاطفي إلى صناعة أفكار تلبي فقط رغبة لحظية".

ويضيف "كان لظهور جيل الشباب من رسامي الكاريكاتور والبوسترات أثر إيجابي رائع. صداقتنا التي هي من عمر الثورة فتحت أبوابا جديدة للإبداع. نقاشاتنا وتشجيعنا بعضنا للبعض الآخر أنتج بيئة خصبة للإنتاج. كذلك فإن العين الناقدة (الجمعية) التي يقوم بها الناس البسطاء رفعت من مستوى التعبير العام، وقربت بين الشعبي والنخبوي وأعادت للثقافة معناها الأصلي كفعل مواجهة".

ويستطرد الفنان السوري، الذي يتحدر من أصل كردي، قائلا "امتلأ تراب وطني بالشهداء وبالدماء، وسجونه بالمعتقلين، ومشافيه الميدانية بالجرحى، وحدوده باللاجئين، فحاولت أن ابحث عن البسمة في هذا المشهد المريع".

ويقول "شعور المرء أنه ليس وحيدا في هذه المهمة يخفف قليلا من وعورتها. لقد عدنا شعبا متكاتفا بعد أن عشنا دهرا متباعدين مرتابين ببعضنا بسبب قسوة الاستبداد وتغوله".

ويؤكد حاجو ان "الثورة دفعت رسوماتي الى الواجهة"، كما ان الاحداث ساعدت على انتشارها، ويشبه ذلك "بمن بدل محرك سيارته موديل 1990 بمحرك رباعي الدفع".

ويرى ان فن الكاريكاتور استطاع ان يواكب الاحداث في بلاده "من الرسامين المحترفين الى اللافتات في القرى والرسامين الهواة".

ويضيف "بعد سنتين من الثورة يستطيع المرء أن يقيم التجربة ليلاحظ نشوء تقاليد جديدة في الكاريكاتور السوري لم تكن موجودة بتاتا قبل الثورة. كسر الرسامون كل المحرمات. اخترعوا لغتهم البصرية ورموزهم المباشرة. أصبحنا نضاهي صحيفة "الكانار انشينييه" الفرنسية الساخرة ذائعة الصيت. الكاريكاتور الفرنسي مثلا، ذو التاريخ العريق منذ الثورة الفرنسية أصبح وراء ظهرنا".

وفي ما إذا كان وجوده بعيدا، اذ يقيم في السويد منذ سبع سنوات، يشكل عائقا أمام متابعته ما يجري، يقول حاجو "لا أجد مشكلة في ذلك، فوسائل الاتصال تؤدي دورا أساسيا. أجد نفسي محظوظا مهنيا لتوفر سرعة فائقة في كومبيوتري الشخصي، ولا انقطاع للكهرباء، فهذه مفارقة إضافية تزيد من تعقيد وغنى وضعنا العام كسوريين".

ويضيف "تمنيت في نهاية ثمانينيات القرن المنصرم مثلا لو استطعت أن أنشر في صحيفة محلية وهذا لم يحدث، الآن رسوماتي تنشر في المنشورات المحلية في الداخل، في المطبوعات التي تخطى فيها الناس كل قوانين الرقابة".

وتنشر رسومات الكاريكاتور وغيرها من الاعمال الفنية والمقالات السياسية المعارضة والتحقيقات المستقلة في مجلات ومطبوعات ظهرت منذ اندلاع الاحتجاجات قبل عامين في سوريا، لاول مرة منذ عقود طويلة في هذا البلد الذي تحكمه رقابة مشددة. وتعد هذه المطبوعات وتوزع علنا في المناطق التي يسيطر عليها المقاتلون المعارضون، وسرا في المناطق التي ما زالت خاضعة لسيطرة النظام، اضافة الى الانتشار الواسع الذي تؤمنه صفحات المعارضة على مواقع التواصل الاجتماعي.

ولدى سؤاله إن كان انتماؤه الكردي يمنحه خصوصية ما، يقول حاجو "لا خوف على الثورة السورية ما دام أغلب رسامي الكاريكاتور فيها من الأقليات".

ويختم بالقول "الكورد مكون أساسي في سوريا، وفي الثورة، وكان (القيادي الكردي الراحل) مشعل تمو من أوائل الشهداء. كل هذا يساهم مع عوامل اخرى في تغليب البعد الإنساني لثورتنا على الاستبداد".

air max 1

معرض الصور