فن الكاريكاتير الواجهة الأولي التي تبشر بالديمقراطية

قيم هذا الموضوع: 
لا يوجد تقييمات
المصدر: 
جريدة القاهرة - مصر
الكاتب: 
سماح عبدالسلام
"فن الكاريكاتير فن شعبي و ثوري يشتبك مع الأحداث سريعاً ارتبط أكثر من أي فن آخر بالثورات بل إنه الفن الأسرع في الاستجابة لنبض الثورة، فهو فن ناقد وساخر رافض لواقع مُعاش، أسلوبه الدعابة وأداته هي الريشة والقلم، رسالته ليست الإشادة وإنما نقد البيروقراطية ومناهضة الظلم والمحسوبية" «القاهرة» التقت عدداً من رسامي الكاريكاتير لرصد وجهة نظرهم في الثورات وارتباطها مع هذا الفن الساحر ومن ثم طريقة تعاطيهم وثورة 25 يناير.
في البداية يقول رسام الكاريكاتير الفنان مصطفي حسين إن الكاريكاتير فن مشتبك ومرتبط بالناس لأنه فن جماهيري لابد أن يفهمه الناس بأفكار واضحة ، كما أن الثورة كانت واضحة للناس فهي حدث ضخم جداً ومن الضروري أن يكون فنان الكاريكاتير منحازاً للشعب وقضاياه وبما أن الثورة إنجاز شعبي كبير فلابد له أن يعبر عنها في محاولة منه لكي يفهم الناس المعاني التي تحتويها وإذا كان الشعب قد قدم إنجازاً فلابد من مساندته والوقوف معه وخلفه لأن الكاريكاتير بطبيعته فن ثوري من شأنه مهاجمة الفساد والمحسوبية، وإذا قدمنا إحصائية سنجد أن رسامي الكاريكاتير هم أكثر فئة كانت الثورة شغلهم الشاغل في هذه الفترة من جهة التعبير عنها فقد كنا نصبوا لهذا الإنجاز منذ سنوات عديدة وقد هاجمنا الفساد من خلاله ولكن لا حياة لمن تنادي فلم يكن في أيدينا خطوة تنفيذية وإنما كنا مجرد رأي نعرضه في الصحف والمجلات ، كما يشبه هذا الفن المضاد الحيوي حيث إنه صغير الحجم ولكنه قوي التأثير.
من جهة أخري يري الفنان محمد عمر أن رسالة الكاريكاتير ليست الإشادة بحدث ولكن انتقاده لأنه فن رافض ومنتقد لواقع معاش ولقرارات تخص الأغلبية بالسلب وليست بالإيجاب إذن دور الكاريكاتير مناهض للبيروقراطية والتخلف وتغليب المصالح الشخصية، إن قيام الثورة في حد ذاته جعلني أتوقف عن الرسم لمدة أسبوعين أمام التعاطي لأنني أمام حدث كبير له إرهاصات وما تؤدي إليه لا يلوح بالأفق، كما أنني بصدد حدث جديد يحتاج إلي هضم والتعبير عنه وقد وجدت أن أبناء الشعب في الميدان يمارسون الكاريكاتير أكثر من أي فنان محترف وهذا جعلني أحد المتفرجين بينما هم يبدعون سواء بالرسم أو اللفظ وقد جعلنا هذا الحدث نري ردود الأفعال فبدأت أتعامل مع المعطيات وقمت برسم شباب مصر وهو يهز شجرة مصر ويقول "كل ما تهزها تسقط مليارات" ومعناها أن الشجرة بدأت تتعافي وتسقط الأوراق الصفراء التي كانت حملاً عليها ومن ثم بدأ يعود خيرها لمصر، كما تحدثت عن حظر التجوال فلابد من التعبير عن الأشياء الأخرى التي لا يمكن رؤيتها في الجوانب المحلية العادية ، لدينا تسونامي شعوب جديد وقد قدمت كاريكاتير في هذا الصدد بعنوان "الثورة الشعبية تعم المنطقة العربية وعلي المقيمين خارجها مراعاة فروق التوقيت" إن تشابه وسائل المقاومة من الأنظمة القديمة للحركات الجديدة أحدث نوعاً من المفارقة فكيف يحارب نظام الإنترنت بالجمل؟! إن الثورة حدث كبير من الممكن أن يكون له أخطاء هامشية ولكن بعد الثورة دائماً ما يكون هناك نوع من الاستقرار يعم البلاد وتتشكل آلية عمل جديدة تحدد ملامح الانتقال الحادث، فكيف تضم حكومة شباب 25 يناير رجالاً فوق الستين والسبعين وهنا لابد من الانتقاد لأن هذا لا يعبر عن رؤية صائبة الا أن الثورة في بدايتها تحتمل الخطأ والصواب، وإذا كنا نشكو من شيخوخة نظام فنحن أمام شيخوخة عقول. وأمام تجربة حديثة يجب أن نبدأ من حيث انتهي الآخرون وليس من ناحية تراكم السن لأن عامل السن ساهم في تحجيم الكثير من الكفاءات الشابة وحرمها من التطوير، ونحن أمام مأزق وهو أننا في مرحلة انتقالية تشبه المخاض إما أن ينجب حالة صحية أو مشوهة كما أن الحكم علي الأشياء يعتبر استباقاً لذلك لابد أن يعالج الكاريكاتير كل مرحلة بأحداثها لأن كاريكاتير اليوم قد لا يصلح للغد، كما أن الزخم الجماهيري المتفق علي هدف واحد وهو التخلص من مرحلة فساد كاملة برموزها أوجد نوعاً من التمرد داخل الروح المصرية جعلها تنقض عليها وتجلي المعدن الأصيل للمصري.
أما الفنان سمير عبدالغني فيقول إن رسامي الكاريكاتير الذين أثروا فينا كانوا ثوريين مثل بهجت عثمان وحجازي و طوغان حيث لعبوا دوراً كبيراً في هذا الفن كما أن الاعتراض ليس لمجرد الاعتراض وإنما للوصول لحياة أفضل و دور الفنان هنا أن يكون عيناً تنظر لكل ما هو سلبي ومحاولة انتقاده في محاولة للتغيير، والاعتراض يبدأ صغيراً ثم يكبر كما أن دورنا كمثقفين أن نكون مثل الأداة أو الجرس الذي يوجه الناس لليقظة وترك الثبات فلم نكن ننتظر أن تقوم الثورة 25 يناير وإنما ننتظرها منذ سنوات فقد كانت جزءاً كبيراً من أحلامنا التي طالما راودتنا، حيث كنا نرفض منطق التوريث والسلطة الدائمة لأن مصر دولة أكبر من يتم تحويلها من نظام جمهوري إلي نظام ملكي مرة أخري، وعندما قامت ثورة تونس كان لدي إحساس بقرب الثورة في مصر، أعتقد أن الأمر سيختلف بعد الثورة حيث كنا نواجه مشكلات عدة في عرض أعمالنا في الصحف لأنها لها سقف معين من الحرية لكن الأمر سيتغير بالطبع بعد الثورة وارتفاع سقف الحرية وانتشار مواقع التواصل والتي تعد بمثابة نافذة يطل منها الفنان. من ناحيته يري الفنان مخلوف أن الكاريكاتير من العوامل التي تشعل الحماس وتساهم في تعبئة الجمهور كما أنه يعد من أخطر فنون النقد حيث إن ما يقوله الناقد في صفحة كاملة أو تستغرق قراءته نصف ساعة يستطيع أن يقدمه الفنان في أحدي رسوماته في وقت وجيز حيث إن الصورة الكاريكاتيرية أسرع وأسهل في الوصول للمتلقي وبخاصة عندما يتم تقديمها بحرفية شديدة ، وأري أن الرسوم التي تناولت الثورة كانت صادقة رغم ان معظم من قدموها لم يكونوا محترفين وإنما هواة .
يصف الفنان جورج البهجوري الكاريكاتير بأنه الواجهة التي تبشر بالديمقراطية، حيز الديمقراطية في كل بلد هو مساحة الحرية في الرسم الكاريكاتيري لأنه أول شيء يخطف القارئ في لحظة واحدة، أحياناً لانقرأ من الجرائد الا العناوين بينما يجذبنا الرسم الكاريكاتيري فنفهم أن هذا الرسام يريد أن يسخر أو ينتقد شيئاً معيناً فهو حرية كاملة لدي الرسام يريد أن يعبر عنها وإلا لن ينجح ، وإذا أصبح هذا الفن ميزان الحرية والديمقراطية الكاملة ستكون مصر دولة متقدمة، الكاريكاتير سلاح كبير وجميل أسلوبه الدعابة، الريشة، القلم والنكتة لابد أن تقدمه البلد المتحضرة في الواجهة لكن ثورة ينطبق عليها أن يرسم جميع الرسامين بحرية كاملة وحتي الآن لست متأكداً إذا كانت رسوماتي تخضع لرقابة أم لا فلا يجوز أن يكون هناك رقابة في عصر الثورة .وقد شاركت في هذا الحدث العظيم برسم صورة لميدان التحرير عبارة عن دائرة لأنه في الذاكرة أن الميدان يعني ساحة دائرية وقد تخيلت كل الثوار يجلسون فيها ورسمت هذه الدائرة يخرج منها ناس تصرخ بشعارات متعددة وانتهت هذه الصورة إلي أن الدائرة هي قرص الشمس والأيدي هي أشعتها، فقد أشرقت شمس جديدة علي مصر.
أخيرا يري الفنان عمرو فهمي أن ثورة 25يناير كانت مفاجأة بالنسبة للشعب المصري والعربي لأنه عندما تقوم ثورة في مصر سرعان ما تمتد إلي المنطقة المحيطة بها لأن مصر دولة فعالة، وبالنسبة لفن الكاريكاتير فهو فن مشتبك يتفاعل مع جميع الأحداث وما من شأنه أن يهم المواطن ، وكثيراً ما تحدثت في الكثير من القضايا التي تهم مصر والتي قامت الثورة من أجلها سواء كانت عن الفساد أو التوريث وكان يتم منع نشر هذه الرسومات من النشر في جريدة الأخبار علي أساس أنها من الصحف القومية فأقوم بنشرها في الصحف المستقلة فقد كانت هناك ضغوط إلي حد ما في بعض الموضوعات وكان يتم التعامل معنا من منطلق "تيمة" قول ما تشاء ونحن سنفعل ما نريد، فكان هناك حرية منقوصة في بعض الأشياء ، وقد انبهرت بالرسومات الموجودة في ميدان التحرير حيث قدمت الثورة بصورة مختلفة وحضارية حيث كانت معبرة إلي حد كبير بغض النظر عن من قدموها سواء كانوا محترفين أم هواة فقد نجحوا في التعبير عن مشاعرهم في تلك اللحظة محاولين توظيفها بصورة صحيحة ومن ثم قاموا بالتنفيس عن أنفسهم في رصد حالة البلد والمجتمع بصفة عامة، وقد شاركت في هذا الحدث ببعض الرسومات عندما وجدت من يحاول القفز علي الثورة والاستفادة من مكاسبها علي حساب من قاموا بها من الشباب فقدمت رسماً لشجرة كبيرة بها ثمرة كبيرة اسمها ثورة 25يناير والجميع يحاول قطفها. وقد أصدر الفنان عمرو فهمي كتاب طلقات سريعة وتم منعه لاحتوائه علي كاريكاتير معارض شديد اللهجة.
nike air max 90 custom

معرض الصور