فن الكاريكاتير يعيد الاعتبار إلى العرب في بريطانيا

قيم هذا الموضوع: 
لا يوجد تقييمات
المصدر: 
موقع ميدل إيست أونلاين
الكاتب: 
مصطفى عبدالله

 

كل شئ مرتب تماما.. ولم لا؟

ألسنا في بريطانيا: في ضيافة الإنجليز الذين يضبط العالم كله مواعيده على دقات ساعتهم الشهيرة بيج بن.

انتابني هذا الإحساس وأنا بعد في مطار القاهرة في ساعة مبكرة عندما التقيت بسيمون بيردو، مساعد مدير المجلس الثقافي البريطاني بالقاهرة لقطاع التعليم والمجتمع، ونانسي مفيد، مدير برامج المجتمع بالمجلس، فإذا بهما¬ ونحن نتوجه إلي الطائرة¬ يقدمان لي ملفا زاخرا بأدق تفاصيل هذه المهمة التي رشحني لها فنان الكاريكاتير الكبير مصطفى حسين: لنشهد سويا مجموعة من أهم أعماله في ضيافة جريدة الجارديان الشهيرة في إطار معرض أسموه 'المصابيح المضيئة' في إشارة واضحة المغزى .. تسليط الضوء على ما يبدعه العقل العربي وما يعتمل به الوجدان حتى يرانا الآخر على حقيقتنا، وهي الحقيقة التي كثيرا ما عجزنا نحن عن إحاطة هذا الآخر بها لأننا لا ندرك أحيانا أبجديات التخاطب، وتعوزنا في أحيان أخرى القدرة على التأثير.

وعلى متن الطائرة التي تقلني لأول مرة إلى العاصمة البريطانية أخذت أتصفح هذا الكتالوج العبقري الذي اشترك في كتابة مقدمته فنان الكاريكاتير البريطاني الشهير ستيف بيل، وإيان رايت، محرر الجارديان المعروف، وفيها إشارة إلى أن الكتابة الصريحة قد تنجم عنها الكثير من المشكلات، في حين يتمتع الكاريكاتير بميزة رائعة، إذ أن رسام الكاريكاتير يكتب بضع كلمات فقط ويترك خطط اللوحة تصرح بأضعاف ما يبدو علي السطح.

فالكاريكاتير يعد استعارة مرئية تعبر عن وجهة نظر تجاه قضايا صادمة، والرسامون لا يفتقرون إلى الحيلة، فالتعامل مع القضايا السياسية ينبغي وأن يغلب عليه الرمز لتعرية أوجه الفساد والنفاق الاجتماعي والتمييز ضد المرأة، وهو بهذا المفهوم يفوق إمكانيات الكلمة المكتوبة.

وفي عالم يعتبر انتقاد الساسة جريمة لا ينبغي حتى مجرد التفكير فيها يلعب الكاريكاتير الخالي من التعليق دور البطولة، وقد أسهم ظهور الإنترنت في تعظيم دور هذا النوع من الكاريكاتير بعد أن سمح للوحة أن تتخطي الحدود في لمح البصر، وأغرى الكثير من الفنانين بالتعامل مع هذه الشبكة العنكبوتية.

ولا يجب أن نغفل أن خبرة فنان الكاريكاتير وقدراته الاحترافية تتيح له إمكانية الإشارة إلى القضايا الشائكة دون الخوض فيها بطريقة مباشرة.

ومما يضاعف من فرحتي أن اسم مصطفى حسين هو الذي يتصدر أسماء الفنانين العرب المشاركين، وقد اختار البريطانيون سبعة من لوحاته المنشورة على صفحات الأخبار لتخرج بين دفتي هذا الكتالوج وهي مرسومة في الفترة الأخيرة ما بين عامي 2005 و2008 تضاف إليها ثلاث لوحات أخرى معلقة في هذا المعرض الذي تستضيفه الجارديان، وتعكس رؤيته كفنان ساخر لمشكلات في مقدمتها ارتفاع الأسعار والدعم الحكومي والبطالة ومعاناة محدودي الدخل، وبجانبها عمود مكثف يلخص رحلة هذا الفنان العبقري مع الفن وامتلاكه لأسلوب خاص وقدرته علي انتزاع الضحك من الأعماق.

ولا يضيع البريطانيون ساعة واحدة من وقتنا في بلادهم فقبل أن يفتتح نيل كينوك، رئيس المجلس الثقافي البريطاني، وممثله في البرلمان، هذا المعرض لفن الكاريكاتير العربي، تدعونا جريدة الجارديان إلى جولة للتعرف على أقسامها وآليات العمل فيها لنكتشف من خلال ذلك حقيقة حجم اهتمامهم بنا كعرب، في حين يستثمر نفس الوقت الذي نقوم فيه بجولتنا في الجريدة في قيام رسامي الكاريكاتير العرب بزيارة لمتحف الكاريكاتير البريطاني.

وعندما استفسر من رفيقتي في الرحلة نانسي مفيد عن سر اختيارهم لهذا التوقيت بالتحديد لإقامة هذا المعرض ترد قائلة: يمكن اعتباره أحد مظاهر الاحتفال بمرور سبعين عاما على إنشاء أول مكتب للمجلس الثقافي البريطاني في العالم في عام 1938 وقد كان هنا في مصر، وقد بلغ عدد فروعه الآن 233 فرعا في 110 دول، وهناك خمسة مبادئ تحكم عمله تبدأ بالإبداع، والنزاهة، وتنتهي بتقدير الآخر.

من جهة أخرى يري بول سميث، مدير المجلس الثقافي البريطاني في مصر، دلالة عميقة في استضافة لندن لهذا المعرض لفن الكاريكاتير العربي تتمثل في أن هذا الفن يمكن ألا يؤدي إلى تصعيد سوء التفاهم وانعدام الثقة، وإنما يعمل على زيادة التفاهم بين الشعوب وعلى التقريب بين وجهات النظر من خلال ما يتمتع به من سخرية وحكمة.

 

Adidas NMD Boost

معرض الصور