لقاء مع الفنان ممتاز البحرة رسام الاطفال الاول

قيم هذا الموضوع: 
لا يوجد تقييمات
المصدر: 
وكالة سانا للانباء السورية
الكاتب: 
خير الله على

 

من لا يتذكر ممتاز البحرة.. الفنان الكبير الذى احتل لاكثر من اربعة عقود متواصلة موقعا لائقا فى ذاكرة اجيال عديدة من الاطفال السوريين والعرب رسم فى مجلات وصحف عدة لكن شهرته واسمه ارتبطا بمجلة اسامة المخصصة للاطفال والتى كان احد مؤسسيها عام 1969فى وزارة الثقافة مع الكاتب المسرحى سعد الله ونوس والقاص زكريا تامرتميزت رسومه بالخطوط القوية الرشيقة وقدرتها على تجسيد النصوص والحكايات والقصائد الى درجة كانت هذه الرسوم تسحب البساط فى كثير من الاحيان عن النص لصالح الموهبة التصويرية عند هذا الفنان القانع بما اعطته اياه الحياة والقدر .

فى غرفته بدار السعادة للمسنين فى المزة المكان الذى ذهب اليه بقرار ذاتى بحثا عن أنس ما يكسر وحشة الهدؤ المطبق فى منزله بضاحية مشروع دمر قال فى حديث مع مندوب نشرة سانا الثقافية /الهدؤ المطلق موحش ...الفنان يحتاج الى هدؤ نسبى هنا على الاقل اسمع اصواتا, يستقبلك وكأنه فى منزله فيبدأ باعداد القهوة وهو يتحدث بهدؤ طاغ كفيلسوف من اثينا.. عن مجيئه الى دار السعادة يقول قررت المجىء الى هذه الدار فى البداية على سبيل التجربة والاطلاع وبعد شهرين طابت لى الحياة هنا وانا مرتاح وسعيد والخدمات ممتازة000 هنا اسمع اصواتا اعيش حياة عادية.. اقرأ كثيرا واسهر الى وقت متأخر/ويستدرك/فى الامس لم انم حتى الصباح.. كنت قلقا جدا على ابنتى التى تعرضت لحادث سير فى سيارتها .

ليس فى الغرفة المجهزة بكل مايحتاجه نزيل فندق مايشير الى ان الشخص الذى ينام هنا هو رسام فقد اكتفى ممتاز البحرة بصور افراد اسرته وخاصة حفيدته الصغيرة التى تقول صورها الكثيرة /ليس اغلى من الولد الا ولد الولد/فسالته ولكن ماذا عن الفن واين ترسم الان اجاب.. منذ عامين تقريبا لم ارسم شيئا بالرغم من ان الدار وفرت لى كل مااريد منذ ان اتيت الى هنا .

قلت .. لنعد اذن الى البدايات الى التجارب الاولى وانشاء مجلة اسامة قال..منذ ايام الدراسة فى الجامعة بدأت ارسم للاطفال وبقيت التجربة غير مرضية بالنسبة لى حتى وصلت الى صيغ اعتمدتها بشكل نهائى وقد رسمت الكاريكاتور السياسى فى جريدة الصرخة السورية التى كان يصدرها احمد علوش ومن ثم عملت فى مجلة الجندى.. وعملت ايضا فى الرسوم المرافقة للنصوص وهى تصل الى مستوى فنى عالى ويضيف.. كنت من مؤسسى مجلة اسامة وكانت المجموعة التى عملت معها متحمسة جدا وكان العنصر الاساسى بالنسبة لها هو ان المجلة موجهة للاطفال اطفالنا واطفال الوطن العربى وغير متأثرة بالاتجاهات الغربية بصورة عامة كانت تجربة تم النظر اليها بكثير

من التقدير .

وهنا يوجه البحرة انتقادا لمجلة اسامة فى هيئتها الحالية قائلا..وزعت اسامة القديمة 45الف عدد دون مرتجعات اما المرتجعات الان فهى كثيرة بالرغم من ان المجلة تطبع عشرة الاف نسخة من كل عدد والسبب يعود الى قلة الحماسة وغياب نظرية العمل وعندما نساله عن اسس هذه النظرية يتابع..النظرية تقوم على الحماسة السياسية ..على الجديد والمغامرة والقصة المشوقة المكتوبة خصيصا للمجلة كنا راغبين بتقديم لون وطنى يخاطب بالذات المشاعر الوطنية للطفل الان هناك توجه نحو الاغراق بالتراث وما الى ذلك والتراث استهلك من كثرة ماتم تقديمه للاطفال والطفل حساس وقاس وعادل تعجبه الاعمال الجديدة ويحس بها جدا وكذلك الاعمال الاصيلة ويؤكد الفنان البحرة..ان الذى ساهم فى نجاح مجلة اسامة فى ذلك الوقت هو الطفل نفسه.

ويعود للتراث ليقول ان التراث ملىء بالاشياء الجميلة لكنها تحتاج الى اعادة بحث 000التراث يحتاج الى جهود لنبش الدرر الموجودة فيه ويرى ان التراث يجب الا يحكمنا وانما يجب ان نستفيد نحن منه مشيرا الى ان هذا الجانب ضعيف.. ويؤكد ممتاز البحرة اهمية التمويل المالى الذى يتيح للفنان التفرغ لعمله اجور العاملين هزيلة جدا .. لاتشجع لاكاتبا ولا رساما على الالتفات الى  العمل بكليته وهذا يفرض على الكتاب والفنانيين العمل الجانبى فى مجلات اخرى وهذا لايعطى نتائج جيدة.. الانسان الذى يعطيك نتائج هو المتفرغ والمتحمس لعمل محدد وهو محفوظ الكرامة ويحصل على دخل  جيد يؤمن له حياة كريمة ويسخر من نظرية ان يكون الفنان فقيرا ومشردا واصفا هذه الافكار بانها رومانسية وطفلية ويضيف.. يجب ان نحسب حساب التمويل ومكافأة المبدعين تعود بالفائدة الكبيرة لانهم يردونها ضعفين .

كان لابد فى حديثنا مع الفنان البحرة  من التطرق الى الحركة التشكيلية بشكل عام والحداثة ومابعد الحداثة فيقول ..انه يحترم ويقدر جميع

الفنانين لكنه كان دائما يتمنى ان يقلد الفنان لؤى كيالى  ولم يستطع  ..لانه لايمكن ان يكون الا نفسه ويعلن ميله الى الفن المفهوم من قبل الناس ثم يقول بما يشبه السر بان احد الفنانين التجريديين قال له.. ان التجريديين انفسهم لايفهمون مايرسمون ويصف محاولات الفنانين الجدد بانها مباحة لكنه يضيف.. لايبقى الا ماينفع الناس .

مع الرشفات الاخيرة لكأس الشاى يأخذك الحديث مع ممتاز البحرة الى الحياة والامها ومايجرى على هذه الارض وتراجيديا هابيل وقابيل الابدية والتى كانت موضوع الفنان موفق قات فى معرضه الاخير الذى اقامه مع النحات محسن شركس بالمركز الثقافى الروسى فى نيسان الماضى وكان المعرض تحية حب وتقدير للفنان ممتاز البحرة تركت ابلغ الاثر فى روحه ووجدانه وفى هذا يقول البحرة الشر كالدمامل التى لابد وان تأخذ حدها ثم تفقأ وتنتهى والصراع سينجلى عن انتصار الحياة بكافة المجالات والامر يحتاج الى جلد وصبر وصمود.

الحياة تستأهل هذه الاعتبارات .. الحياة نفسها عندما تخسر قيمة الصراع تخسر كثيرا من صفاتها الحقيقية نشير فى هذه

المناسبة الى ان الفنان ممتاز البحرة الذى ابدع الاف اللوحات الزيتية والاسكتشات والرسوم المرافقة للنصوص اضافة الى حضوره البارز  فى الرسم للاطفال لم يكرم فى حياته سوى مرة واحدة من قبل وزارة الثقافة وهو الذى كان يقضى اكثر من ست عشرة ساعة يوميا مع الريشة والالوان وعشقه لابداع مايفيد الطفل ويغنى ثقافته ويكون شخصيته المستقبلية .

 

Nike HyperRev 2017

معرض الصور