مريم مراد تعرض لوحاتها الكاريكاتورية بأتيليه القاهرة

قيم هذا الموضوع: 
لا يوجد تقييمات
المصدر: 
جريدة القدس العربي - لندن
الكاتب: 
محمود قرني

 

استقبلت قاعة إنجي أفلاطون بأتيلييه القاهرة معرضا جديدا للتشكـــــيلية مريم مراد وذلك لمدة استمرت اسبوعين وضم المعرض اكثر من ثـــــــــلاثين عملا كلها تتأثر بالأسلوب الكاريكاتوري الساخر والبسيط والمبهــــــج.

والمعرض في الاجمال اعادة اعتبار لهذه الروح المصرية التي تتميز بدرجة عالية من التلقائية، وفي أول جملة تقولها الفنانة مريم مراد تعليقا علي مناقشتها في لوحاتها ذكرت انها تطمح الي ان تأخذ مثل هذه الأعمال التي تتسم بالبساطة مكانها الي المتاحف والبيوت، وعللت ذلك بالقول: انها رغم احترامها للقيم الكلاسيكية التي يرسخها التشكيل التقليدي عبر عصوره وعبر فنانين عظام إلا أن الانجاز الذي قدمه فن الكاريكاتير وغيره من الفنون الشعبية التي اعتمدت علي الحاسة البصرية قربت الكثير من مفردات هذا الفن الي متلقيه العادي والبسيط، ومن هنا فإن رسالة هذا النوع من الابداع تتحصن عادة بدفء الأصابع العابرة التي لا يمكنها ان تقرأ الأعمال المركبة فتكون الأعمال البسيطة ذات الأبعاد الثنائية هي الطريقة الي صياغة رؤية بصرية جديدة.

ومريم مراد لم تنأ في هواجسها عن هذا التاريخ الارستقـــــراطي وانتقـــادها لصفويته التشـــــكيلية، فقـــــــد ارتبط الفن الكلاسيكي بالصالونات، وبالتالي ظل وثيق الصلة بطبقات نخــــبوية، وظل العامة أبعد ما يكونون عن القدرة علي امتلاكه أو مشاهدته.

وقد استطاعت الفنون الشعبية بكافة اشكالها ان تتضافر لخلق نوع من الخلخلة في هذه البنية الكلاسيكية بتقديم الفنون التي تعتمد خامات بسيطة ورؤية بسيطة وتلائم احتياجات انسانها، وقد تجذرت هذه الظاهرة مع شيوع فن الرسم الصحافي منذ منتصف القرن التاسع عشر، وقد عرفت مصر هذه الظاهرة مع ظهور عدد من الجرائد والمجلات المصورة لا سيما بعض المجلات الساخرة مثل البعكوكة، وكذلك قدمتها جريدة المؤيد لصاحبها الشيخ علي يوسف وسبقتها الأهرام ثم تأصلت الظاهرة في العصر الحديث وبات للرسم الصحافي الضاحك فرسانه الكبار ويعد الفنان زهدي العدي، وطوغان وصلاح جاهين من الرواد الذين منحوا هذا الفن شرعية واسعة النطاق وبات جمهوره بالملايين.

وقد ساعدت بعض الفنون الشعبية البصرية التي تسربت في الرسوم الاسلامية الاحتفالية في ان تعيد القدرة علي الادهاش في بساطة ثنائياتها، ويعد الفنان حلمي التوني الآن واحدا من أبرز فناني هذا اللون الفني، كما قدمت السير الشعبية مثل الأميرة ذات الهمة، وسيرة سيف بن ذي يزن، السيرة الهلالية وسيرة مارجرجس، المزيد من تعميق الخيال الشعبي حول الفنون الشعبية البصرية خاصة.

وفي معرضها تتقصي مريم مراد خطي هذه الفنون التي أثرت تأثيرا واسعا في الوجدان الشعبي ولفتت انتباه وأعين المارة الذين تأخذهم هذه السحرية المثيرة، المعبرة عن بساطتهم. في لوحات مريم مراد نري الجدات المصريات الحاسرات عن رؤوسهن، اللائي يجلسن ممددات وهن يحتسين قهوة العصاري غير أن ريشة الفنانة تصنع من وجوه لوحاتها نماذج بشرية شديدة البساطة والسخرية، وقد تكرر مشهد القهوة لدي النسوة المصريات وقد تخللت اللوحة حروف تتطاير بشكل كاريكاتوري أعلي فناجين القهوة، يماشي ـ ببساطة ـ بجلسات النميمة النسائية عندما تتمايل وتتهامس النسوة في جلسات الصفاء.

وفي الأجواء السياسية تقدم مريم مراد عددا من الأعمال المتميــــزة، فتقدم لوحة تضم ثلاثة كراس كبيـــــــرة الحجم يجلس عليها ثلاثة أشــــــخاص في حالة مثيرة للرثاء أحيــــانا ومثيرة للسخرية أحيانا أخري فأحد الكراسي الضخمــــة يجلس عليه شخص شديد الضآلة بما يشي بأنه لا يمكنه ملء فراغ الكراسي وآخر يجلس عليه شخص يتشبث بحواف الكرسي تشبثا قاتلا، وثالث في حالة من الهلع مخافة أن يحتل أحد مكانه.

وهكذا تتنوع لوحات مريم مراد عبر أرضيات تميل الي اللون البني في معظم اللوحات لكن أشخاصها وكائناتها تتلون بألوان شديدة الزهو بين الأبيض والأخضر والأحمر، وكفة الألوان الساخنة ذات التعبير الحاد والصارخ، وهو ما يؤكد المعاني التي قصدت اليها مريم مراد، في معرضها الجديد الذي يضج ـ بالفعل ـ بحيويته وجماله وحضوره

 

jordans for sale fashion

معرض الصور