من يرسم المرأة كمن يمشي في حقل ألغام.. عندما تنتهي اللوحة لا أرى فيها غير الأخطاء علي فرزات نسي أنه تربى في أحضان السلطة

قيم هذا الموضوع: 
لا يوجد تقييمات
المصدر: 
موقع ثرى سورية
الكاتب: 
موقع ثرى سورية

رسومه الكاريكاتورية لأهل الفن والسياسة والأدب صارت الأكثر رسوخاً في مخيلة الناس، فمن لا يتذكر نجيب محفوظ وعمر الشريف ويسرا كما قدمتهم ريشة حسن إدلبي؟ ..تلقائي إلى أبعد الحدود، حتى أن كلامه السلس يتماهي مع ريشته بتناغم كاريكاتوري.

صريح.. موضوعي لا يعرف المواربة، يعترف أن الحظ ابتسم له عندما احتضنته بيروت بكل صخبها، لكنه يؤكد أن اصحاب أنصاف المواهب لا يمكن لهم النجاح. حسن إدلبي حل ضيفاً على مجلة ثرى لأربعة ساعات متواصلة لم تكن كافية للتعرف على تجربته الفنية الغنية، لكنها كانت كافية للتعرف على فنان حقيقي يستحق ان يحمل لقب فنان بجدارة وإليكم اللقاء.

الفنان حسن إدلبي.. الحديث عن البدايات سؤال تقليدي إلا أن له شجون وغالباً ما يكسر الرهبة ويدخلنا في جوهر اللقاء. كيف تصف لنا بداياتك؟

في بدايتي لم أكن أرسم أبداً وكنت أحب الرياضة كثيراً وكنت أفرغ طاقتي بالرياضة وبدأت أطور رسمي وقد كان لدي أخ يرسم وكنت أنتبه إليه. كنت في الثانوية أرسم الوجوه على المربعات ولم أكن أسقط النسب التي اعتبرها كالأذن الموسيقية بالنسبة للموسيقي بمعنى أنه لم يكن لدي عين موسيقية نسبية، كنت أرسم فقط عن طريق المربعات وأحاول أن أرسم الشبه.

علاقتي بالوجوه قديمة؟

عندما كنت أخرج إلى الشارع أو أصعد في الباص أوعندما كنت التقي بالناس كانت الوجوه تلفت انتباهي كثيراً، وكنت أخزنها في رأسي بدون أن انتبه.

وفي مرة جاء إلي أحد الأصدقاء وقال لي أن رسمي جميل جداً في الوقت الذي كنت أعتقد فيه أنه يبالغ وأن رسمي ليس جميلاً، ثم سألني لماذا لا أدخل كلية الفنون الجميلة؟ وقتها لم أكن أعرف شيئاً عن كلية الفنون ولاحقاً ذهبت وقدمت أوراقي إليها لكنني رسبت في امتحان القبول فانصدمت، ثم أعدت البكالوريا وتقدمت من جديد إلى الكلية فنجحت. وكان هذا إنجاز كبير بالنسبة لي. لكني عندما دخلت إلى الكلية كان كل الطلاب متمرنين على الرسم  وأنا كنت الأسوأ بينهم. فتساءلت كيف قبلت في الكلية وتركت الكلية في الفصل الثاني.

الفن هو أسئلة وليس أجوبة.

الفرق بيني وبين الآخرين هو أنني جئت إلى الكلية وفي جعبتي أسئلة، بينما كان الآخرين لديهم أجوبة، كانوا يقومون بالرسم ويحصلون على علامات جيدة. لكني استنتجت فيما بعد أن الفن هو أسئلة وليس أجوبة.

كان حبي للخط العربي في غاية الأهمية فقد علمني الدقة في العمل والانتباه إلى تفاصيل النسب فدخلت قسم الإعلان وكان معدلي متأخر للغاية 48 +2. لكن مشروع التخرج كان علامة فارقة في حياتي  وكنت اما م خيارين الأول عن الرقص الصوفي الذي لا أفقه منه شيئا والثاني أن أرسم الدكاترة والطلاب!!

ومن هنا بدأت حكايتي مع البورتريه... لقد كان المشروع الوحيد الذي عبرت فيه كثيرا عن ذاتي هو مشروع تخرجي، فوضعت فيه كل طاقتي المجمعة خلال السنين الماضية. وأخذت الدرجة الأولى في هذا المشروع والشخص الوحيد السلبي والذي أعطاني علامة الرسوب هو وكيل الكلية والبقية أعطوني علامات عليا فكنت الأول وكان هذا نقطة انعطاف في حياتي في الكاريكاتير ومن ثم قدم إلي عرض للعمل في بيروت فذهبت وبدأت أعمل في الصحافة.

ما الذي يجمع بين الكاريكاتير والبورتريه وعلم النفس؟

مع بداية حياتي المهنية أصبحت أعي وأشعر بما أقوم به من عمل، والأهم هو الإحساس بالشيء وليس المعرفة فكان ما أقوم به هو شيء يجمع بين البورتريه والكاريكاتير. فالبورتريه هو النسب والظل والنور والكتلة، والكاريكاتير هو المبالغة والحس الساخر، بعد ذلك بدأت أعرف علاقة الكاريكاتير بعلم النفس حيث أن التحليل النفسي يقول أن الوجوه تعبر عن الشخص كشكل العيون مثلا الذي يدل على الذكاء أو الطيبة أو اللؤم  .. والمبالغة هنا تكون في التعبير وليس في الشكل حيث أن المبالغة في تصغير العيون يدل على الذكاء وهو يشابه تحليل الخطوط أو التوقيع أو طريقة الجلوس وهذه كلها تدل على شخصية الفرد. والكاريكاتير هو الباطن وليس الظاهر فأنا أرسم وتظهر الأشياء من ذاتها من خلال الانطباع.

لم اكن املك أجرة السفر إلى بيروت!!

بدأت العمل في الصحافة اللبنانية في مجلة الكفاح العربي ومجلة فن، فكان ذلك نقلة نوعية لشخص لا يملك عملاً ولا أجرة السفر إلى بيروت وفجأة بدات بالعمل في مجلة كبيرة، وكانت هذه البداية الفعلية لحياتي الفنية والمهنية.

من هو الفنان الذي الذي تأثرت فيه بذلك الوقت؟

لم يكن لدي إطلاع على رسامي الكاريكاتير، وكنا نشاهد الرسام حبيب حداد ولم نكن نستوعب ما يعمل وبعد فترة أصبحت أرى أعمال الفنانين الآخرين، ولكن لم أكن أنتبه لهم. أعتبر أن مراجعي هي الواقع والتأثر. فأنا أتيت من البورتريه واقعي النسب والفن هو تحطيم الشكل وإعادة صياغته من جديد بكل الفنون فأنت تأخذ الإطار الأكاديمي وتحطمه. وأنا أخذت الإطار الأكاديمي والبورتريه وحطمت الشكل تدريجياً فظهر لدي الكاريكاتير.

ما مدى انعكاس ملامح الشخصية وصفات الشكل أو الوجه على صاحب الشخصية؟

هناك وجوه كريمة ووجوه بخيلة، الوجوه الكريمة هي التي تجعلك تحس بالراحة مجرد النظر إليها. أما الوجوه البخيلة فهي الوجوه المغلقة ولكن نتيجة الخبرة أستطيع الدخول إليها ومعرفتها. والشطارة ليست في رسم الوجوه بل هي رسم الوجوه التي لا يظهر فيها الكاريكاتير و استنتاج الكاريكاتير منها.

و الكاريكاتير هو ليس الخطأ في الوجه. فأنا أستطيع أن أرسم هيفاء وهبي وعمر الشريف في كاريكاتير، لأنه لا يوجد وجه كامل النسب فكل الوجوه يوجد خلل في نسبها، ولكن كم يوجد انسجام في هذا الخلل حتى يظهر الشخص وسيم أو قبيح.

الفن مجموعة الأخطاء الجميلة والمنسجمة

تعريفي للفن هو أن الفن مجموعة الأخطاء الجميلة والمنسجمة. والكاريكاتير هو تحليل نفسي للشخصية مع اسقاط لانطباع الرسام على هذه الشخصية فالبورتريه أو الكاريكاتير هو الموديل + الفنان. فكل فنان يرسم نفس الشخصية بصورة مختلفة عن الرسام الآخر. والفنان نفسه يستطيع أن يرسم نفس الشخصية اليوم بشكل ويرسمها في يوم آخر بشكل آخر فهو ليس آلة ترسم الأشكال.

شحطة قلم تأخذ جهدك إلى مهب الريح..!!

عندما تخرجت اتهمت باستخدام بعض العدسات وهذا الأمر أزعجني كثيرا لأنهم لم يصدقوا أن شخصا لم يكن يرسم الكاريكاتير وفجأة أصبح يرسم البورتريه بهذه الطريقة. فسألني أحد الأصدقاء لماذا أنت منزعج ..فقلت له لأن شخصا بشحطة قلم يأخذ كل تعبي إلى مهب الريح. فقال لي بالعكس استعمل كل ما تريد فهذا شيء عادي والمهم هو النتيجة. العدسة لا تعي ما ترى فهي ترى كل الأشخاص بنفس الصورة.

الكاريكاتير تحوير ومبالغة وليس تشويها فأنا قد أجعل الشخص جميلاً بالكاريكاتير وليس الذكاء بتكبير الأشياء الكبيرة أصلا وتشويه الصورة لأن الكاريكاتير هو اكتشاف الداخل والملامح الغير ظاهرة ولكننا نحس بها.

ما هي ردة فعل النساء عادة على رسومك؟

إن رسم المرأة صعب جدا لأنني أتعامل مع خطوط انسيابية، واعتقد أن من يرسم المرأة كمن يمشي في حقل ألغام، لذلك فإن أغلب الفنانين يرسمون الرجال بشكل أسهل وهذا لأن خطوط المرأة انسيابية وأي خطأ سيكون على حساب الأنوثة. والمرأة تخاف من أن ترسم بالكاريكاتير لأنها دائما ترى نفسها بالزاوية الأجمل.

مرة رسمت الفنانة سهير البابلي وهي تضحك وعندما أجريت معها مقابلة قالت (دى كبرلي سناني وخدودي وعنيا صغيرة) فالصورة دي كاريكاتيـــر أوي.

ومنذ سبعة عشر عاما جاء مدير الرقابة المصري حمدي السرور وقال لي كنت أعتقد بأن عمرك ستون سنة، وكنت أعتقد بأنك مصري أو تعيش في مصر، فسألته لماذا، فأجابني (لأنك ترسم الناس وكأنك تعرفهم عن قرب ) فقلت له لم أذهب في حياتي إلى مصر. فقال لي بأن هذا شيء غريب لأنني أعرف الفنانة سهير البابلي منذ أكثر من عشرين سنة ولكن بهذا الكاريكاتير أحسست أنك تعرفها أكثر مني.

كل فن يحمل قيمتين، قيمة فنية كعمل ومضمون كرسالة فما هي رسالة أو مضمون كاريكاتير البورتريه ؟

رسالة هذا النوع من اتلفن هي رسالة غير مباشرة فالبورتريه هو فن خارج الزمان وتستطيع تحميله بطرقة رمزية بعض التعابير، فأنا قد أرسم رجل سياسي بحدث معين بطريقة وإذا تغير الحدث أرسمه بطريقة مختلفة وبدون تقريرية أو مباشرة إلا إذا أردت أن أضيف الفكرة. فكل الوجوه التي رسمتها لم أكن أضيف الفكرة إليها، فكنت أرسم الوجه الإنساني بحالات اللؤم والخبث والعذاب، (السادات مثلا قبل الصلح كانوا يرسمونه بصورة مختلفة عن صورته بعد الصلح ).

ولكن هل يقرأ المواطن العربي هذه الإيحاءات والتغيرات ويفهمها؟

بالتأكيد، ولكن نحن لا يوجد لدينا ثقافة بصرية كافية ويكفي كمرحلة أولى من التفاعل أن تعجبنا اللوحة أو لا. وليس من الضروري أن يفهم اللوحة كل الناس.

فن الكاريكاتير هو أحد الفنون البسيطة في الشكل، العميقة في المضمون، وشكلها البسيط يجعل الناس تتفاعل معها، فأنت تستطيع أن ترسم كاريكاتير عن البيئة عن الرياضة. والمواطن العربي بات أكثر نضجا واكثر تقبلا لهذه الفنون.

هل هناك وجوه صعبة ولا تحب أن ترسمها ؟ ومن هي الشخصية التي لا تحب رسمها ؟

طبعا، هناك شخصيات تشدك من الناحية الإنسانية شخصيات تشدك من الناحية السياسية، كشخصية ياسر عرفات، القذافي، صدام حسين. أما وجه بوش فهو وجه يظهر أنه سهل ولكنه صعب. ولا أرفض رسم أي شخصية.

معظم رسومك لوجوه سعيدة أو ضاحكة. هل يكفي أن نعطي دائما صورة فرحة عن الشخص الذي نرسمه ؟

لا هذا لا يكفي فالفرح هو الحق والحزن هو الجريمة، ونحن نعالج المشاكل التي تسبب حزن المواطن في حين لا نستطيع أن نعبر عن الفرح كثيراً. إن فن الكاريكاتير له علاقة بالسلطة وهو يحتاج إلى الحرية كي يتطور.

بيروت لا تقبل انصاف الموهوبين..

إن بيروت رغم حجمها الصغير ولكن الإعلام فيها متطور كثيرا والصحافة أيضا يوجد فيها حرية كبيرة هذه الحرية مهمة جدا لفن الكاريكاتير لأن الكاريكاتير بدون الحرية لا يتطور ونحن لا نستطيع أن نرسم في مكان له علاقة بالقمع وبيروت هي مكان يرحب بالوافد وتسلط عليه الضوء ولا تقبل أنصاف المواهب، فهي تنمي وتخرج الموهبة المجودة في داخل الفنان وتصقلها وتظهرها للعلن.

فعندما ذهبت إلى بيروت ذهبت وكنت أملك موهبة في داخلي وأنا أقول أن مسقط رأسي الفني هو بيروت فهي أول مكان عُرِفت فيه، ونشرت فيه أعمالي. وأنا لا أزال مدينا لبيروت أنا وغيري من الفنانين الذين احتفت بهم بيروت كغادة السمان ونزار قباني لأنها أعطتهم الحرية، بالإضافة إلى تفاعل الناس فيها. وهنا لدي مثال أحب أن أذكره دائماً "مرة أقمت معرضا في بيروت ورسمت فيه صورا لمعظم السياسيين البنانيين وعندما بدأ المعرض توافدوا جميعهم وكان هناك سياسيين لم أتمكن من رسمهم  أتوا للمعرض وكانوا عاتبين علي، وأثناء المعرض لم نكن نستطيع التمييز بين السياسيين والناس العاديين.

سيد حسن لنفترض أنك لم تذهب إلى لبنان، أين كنت لترى حسن إدلبي في سورية ؟

بياع بطاطا، لأنني رأيت أصدقاء لي أحدهم فتح معمل سكاكر والآخر مدرس آخر يعمل في الإخراج الصحفي براتب قليل أوصله إلى مرحلة التحنيط. ولكن لا بد من أن أقول أن ليس كل من سافر نجح وليس كل من بقي فشل، لكن هنا تحس وكأنك تمشي في حقل ألغام فتجد صعوبة شديدة. فإذا أتيت بمئة شخص موهوبين هنا قد ينجح منهم ثلاثة أو أربعة، وإذا أخذتهم إلى الخارج قد ينجح منهم ثمانون. ففي الخارج يوجد الكثير من الانفتاح والإطلاع.

لقد ذهبت مرة إلى القاهرة لأجل معرض وكان الصحفيين والمقابلات التلفزيونية والإذاعية بالمئات، بينما هنا في سورية أتيت وأقمت معرضا منذ سنتين ولم تجرى ولا مقابلة واحدة معي. هنا نحتاج إلى واسطة كي نصل إلى التلفزيون.

الذي أريد أن أقوله هو أن التلفزيون السوري لم يأت و رئيس مهرجان السينما الذي دعاني لم يأتي، وفي الواقع أنا من قام ودفع عن كل شيء في المعرض، ولكن هذه هي بلدي وأريد أن أقيم فيها معرضا, ولهذا عدت إلى لبنان في اليوم التالي مباشرة، جاء التلفزيون السوري بعد يومين وسأل عني. بينما في المقابل في البلدان الأخرى أنا أهرب من المقابلات، وهنا بالرغم من وجود مكاتب للصحف ولكن ليس لديهم هذا النشاط، هنا في سورية الصحفي يشعرك بأن له فضل عليك إذا أجرى معك مقابلة أو لقاء.

ذهبت مرة إلى تونس وهناك الناس يرحبون بك بشكل كبير وقد ذهبت لأقيم معرضا فأقمت ثماني معارض واعتذرت عن سبعة وكلها كانت في استضافة وحجز فندق وعملوا لافتة كبيرة لأجلي على سور المدينة ومكتوب عليها الفنان العربي. وهنا في سورية لم يعملوا شيء لأجلي نهائيا.

التناقض الخطيرهو أنني عندما أقمت معرضي الأول بعد التخرج هنا في سورية جاءت إليه وزيرة الثقافة آنذاك وهي من افتتحته وكانت هذه بادرة جميلة بالنسبة لي.

مقارنة بين العام 1989 والعام 2007 كيف تنظر إلى الحالة الثقافية في سورية ؟

في الحقيقة شيء يدعو إلى التشاؤم، وأنا ليس لدي رغبة أبدا بأن أعرض في سورية من جديد، وإذا عرضت فسيكون ذلك على مضض ونوع من الحنين فقط لا غير.

كل المعارض التي أقمتها في البلدان العربية كان يفتتحها وزراء الثقافة في تلك البلدان ويبدون تجاوب كبير مع اللوحات المعروضة وإن اهملت احدهم اجده يتسال عن سبب عدم وجود رسم له، فمثلا رسمت صورة لوزير الثقافة اللبناني مشيل اده وهو يضع ( ملعقة وشوكة  وسكين في جيبه الأعلى ) بشكل اقرب الى الطباخ ضمن معرض جماعي وكان مسرورا جدا بهذه الصورة، بل شكرني عليها

وهل رسمت شخصيات سورية سياسية؟

ابداً ... حاولت في احدى المرات رسم وزير الثقافة السوري ( محمود السيد ) اخذت موعداً منه ، وبعد طول انتظار دخلت لمكتبه وعندما التقينا اعتقد أنني صحفي نظراً لكوني أحمل كاميرا، وعندما اخبرته انني رسام كاركاتير وأنني انوي رسمه كان رده بالرفض المطلق، وعندما عرفته عن نفسي وقلت له إنني رسمت العديد من الشخصيات السياسية في لبنان ومصر منهم الوزراء وقياديين وأكد على رفضه القاطع قائلا: ارسمهم كما تشاء اما أنا فلا..

كما  أنني قمت برسم الرئيس السوري بشار الأسد ضمن صفحات جريدة النقاد وعندما دخل العدد الى سورية اتصلوا برياض الريس وسألوه عن أسباب نشر مثل هذه الصورة، فوضح لهم أنها ضمن موضوع يناقش الانفتاح الاقتصادي .فاقتنعوا وبالفعل تم توزيع العدد ضمن سورية دون أية مشاكل..

لكني وعندما حاولت نشر نفس الصورة في احد معارضي في  المركز الثقافي  السوري في باريس تدخلت احدى القائمات في المعرض مطالبة بعدم عرضها .. وكان جوابي لها أن هذه الصورة  نشرت في النقاد ووزعت في سورية واخذت الموافقة عليها لكنها اصرت على رفضها بالعرض لولا تدخل مدير المركز انذاك (اسماعيل ابراهيم) الذي اصر على عرض جميع الصور الموجودة لدي وعدم منع أي صورة من العرض، لأنه يعتقد ان مثل هذا العمل يسيء للسمعة السورية  وأن هناك الكثيرون ممن لا يزالون لا يفهمون ماهية رسم الكاريكاتير وبهذه الطريقة والأساليب يسيئون الى هذا الفن. وهذا ما أوافقه عليه تماماً. وقد علق تلفزيون الجزيرة فيما بعد على هذه النقطة بأنها للمرة الأولى التي يرسم فيها رسام كاريكاتير سوري الرئيس السوري بشار الأسد. لذا فأنا أوكد دوما على ان الرسم الكاريكاتيري ليس شتيمة وإنما هو فن كباقي الفنون.

لاحظنا في الفترة الأخيرة التوجه إلى رسم شخصيات سياسية سورية وزراء و نواب بشكل كاريكاتيري على صدر الصحف المحلية. فما رأيك بهذا التوجه؟

للأسف لم أتمكن من متابعتها بحكم إقامتي في بيروت ولكن كما تناهى إلى مسامعي ليست بمستوى فني مقبول ولكن الفكرة بحد ذاتها أعتبرها تقدم.

وهل ستقدم الآن على رسم كاريكاتير لسياسيين سوريين طالما أن الصحافة السورية تجاوزت الأمر؟

لا أفكر في الموضوع أبدا، إلا إذا خلق الجو المناسب.

أين يتقاطع فن الكاريكاتير مع الفن التشكيلي؟

أحاول أن أفتح قناة بين الكاريكاتير واللوحة التشكيلية، هناك فنانين كثيرون وعلى رأسهم الفنان الفرنسي الشهير دومييه كان يرسم اللوحة التشكيلية ويرسم الكاريكاتير فيزيح بذلك الخط الفاصل ما بين الكاريكاتور والفن التشكيلي وهناك فنانون اختاروا أن يكونوا فنانين تشكيليين وآخرون اختاروا الكاريكاتور.

أنا من الناس الذين يحاولون الجمع بين الكاريكاتور واللوحة التشكيلية، لدي تجارب ولكنني لم أعرضها وأنا أحس براحة كبيرة عندما أرسم لوحة تشكيلية.

ولكن أنا لا أستطيع أن أرسم لوحدي وبلا مناسبة كاريكاتورعام، فالصحافة هي من تطلب إلى الفنان أن يرسم وهي مطحنة لأعمال الفنان ويجب دائما أن نزودها بالمواد والرسوم.

ولكن كفنان كاريكاتير بعيداً عن البورتريه. هل أصبح لدى الفنان حسن إدلبي أسلوب خاص وفريد يميزه عن سواه إذا ما استثنينا البورتريه على وجه الخصوص؟

لقد عملت في جريدة السفير مدة 7 سنوات في البورتريه والجميع رأى ما العمل الذي قمت به، أنا لا أحب أن أنقل رسومات فنانين آخرين وأركبها على الوجوه

فكنت أرسم بأسلوبي وخطوطي حتى ولو تأخرت لا يوجد مشكلة ولكن المهم أنني عندما أرسمه يكون لي وليس لأحد آخر. وعندما عملت في النقاد دخلت إلى الكاريكاتير السياسي، كاريكاتير الغلاف، الحدث بأبطاله الحقيقيين وكانت هذه نقلة كبيرة بالنسبة لي، من الوجه الرأس المقطوع البورتريه إلى الجسم الفكرة والموضوع، بالإضافة إلى الكاريكاتير الداخلي. استمرت المجلة أربع سنوات وعندما أغلقت توقفت عن الرسم لوحدي ولكنني تمرنت على الجسم والعلاقة بين الرأس والجسم. بقي العمل في الرأس متفوقا أكثر من الجسم ولكنني أحاول دائما التقريب بين الجسم والوجه على المستوى الفني من ناحية العمل والتكنيك.

مؤخراً عملت في جريدة أسبوعية وقدمت لهم الكاريكاتير السياسي بدون وجوه وكنت راضياً عن هذه الرسومات إلى حد ما ولكن أريد أن أقول أنني من المستحيل أن أرضى عن عملي من البداية وحتى الآن، لأنني عندما أنتهي من لوحة ما لا أرى فيها غير الأخطاء. لأنني لا أرى إلا نقاط الضعف فيها، ولا أرى نقاط القوة فيها إلا إذا رأيتها مرة أخرى بعد مدة من الزمن، وبهذه الحالة أراها بعين المتلقي والذي ليس له علاقة باللوحة.

لو صادف ورسمت شخصيات سياسية سورية، من هي الشخصية التي تحب أن ترسمها ؟

أحب أن أرسم الشخصيات الثابتة في مخيلة الناس وليس الشخصيات المتغيرة التي لا يعرفها أحد، مثلا السيدة نجاح العطار.

وإذا أردت أن ترسم عبد الحليم خدام كيف ترسمه ؟

أرسمه كحرباء، فهو متلون، كل مرة بلون. يمكن أن أصدق أن هناك مواطن سوري يأكل من الزبالة، ولكني لا أقبل أن يخرج هذا الكلام من فم شخص تافه مثله.

يوجد رسامين وجوه سوريين وعرب وحسن إدلبي يتربع بعيداً في الصدارة؟ من منهم ينافسك محلياً أو عربياً؟

هناك فنانون سوريين يحاولون رسم البورتريه ولكن عندما نقول أعطي خبزك للخباز لا يجوز أن تعطي خبزك لمصلح البرادات فعلى الشخص أن يعمل بالشيء الذي يناسبه، فأنا لا أعرف أن أعزف الموسيقى فإذا عزفت على آلة موسيقية كيف سيكون عزفي (أكيد نشاز) ...قد أبرز لأن النشاز شهرة ولكنه شهرة سلبية.

هناك رسام كاريكاتير مصري مشهور أسمه( شريف عليش) تعرفت عليه في الكويت إنه رسام ممتاز أتى من العمل الأكاديمي، فهو رسام بورتريه صح، نسبه صحيحة، وعينه موسيقية في دقته برؤية النسب. وهناك فنانون آخرون مثل (جورج بهجوري) و(سامي أمين) و(مصطفى حسين) ولكن أهمهم هو شريف عليش.

ما الذي يمنعك من العودة إلى سورية والعمل هنا بعد أن حققت كل هذه الشهرة؟ وهل تفكر بترك لبنان؟

إذا فكرت أن أنتقل من لبنان فسأذهب إما إلى القاهرة أو إلى الخليج. ولولا الأحداث في لبنان فلن أفكر أبدا بالإنتقال منها فأنا لا أبقى هناك من أجل العمل فقط، بل من أجل طبيعة الحياة الجميلة فيها أيضاً.

كيف تنظر إلى حال فن الكاريكاتير السوري حالياً؟ و ما رأيك بدخول أصابع السلطة إلى الفن؟

عندما بدأنا الرسم هنا كنا نعرف ثلاث رسامين كاريكاتور أو أربعة على عدد الصف الموجودة على رأسهم الفنان علي فرزات الموهوب الذي أراد أن يأخذ كل الأضواء على حساب الفنانين الآخرين. وفي ذلك الوقت لم يكن هناك انترنت أو مراجع حتى نتعرف على الرسامين في العالم كالرسامين الإيرانيين أو البلغار.. الخ ..

ثم بعد ذلك بدأنا نرى ونتعرف على كاريكاتور الآخر ووجدنا أن هناك رسامين آخرين غير علي وهم بمثل مستواه أو يتفوقون عليه، فهو لم يكن الوحيد وبمعنى آخر أنه كان الوحيد لأنه لم يكن هناك أحد ومن ثم بدأت تظهر مواهب جديدة.

وبالنسبة لأصابع السلطة هي لا تدخل بشكل مباشر، ولكنها تتدخل عندما تنمو أظافر أو مخالب رسام الكاريكاتير. كما حدث مع علي فرزات حيث أعطوه القليل من الأكسجين ولكنه أراد أن يستنشقه كله ويخنقهم، فأغلقوا جريدته الساخرة (الدومري)، بالأضافة إلى أنه -. والناس النخبة لا يستطيعون تصديقه وحتى لو تحول إلى شخص صادق لا نستطيع أن نصدق شخصا ظل يكذب لثلاثين سنة.

لقد أصبح مهتما بصورته وكان يحاول أن يلمع صورته، حتى أنه عندما نشر جريدة الدومري دعا الفنانين الآخرين للعمل معه بالرغم من أنه لا يريد، لكنه فعل ذلك فقط ليرفع اللوم عن نفسه فهو صمم الجريدة على مقاسه، صممها ليخلد نفسه وكأنه سلطة موازية، فأوقفوا الجريدة لأنه من الممنوع أن يكبر كثيراً، إلا إذا كبّرته السلطة.

أخيراً هل من الممكن تحويل الشعر إلى كاريكاتير؟

نعم لأن الفنون تنبع من مكان واحد وتتفرع  بعد ذلك إلى شعر وموسيقا و نحت ورسم وهذا المكان هوالمخيلة، التي تقوم بتحطيم الأشكال وإعادة صياغتها لتصبح فناً راقياً وتراثاً إنسانياً.

 

jordan shoes for sale outlet china

معرض الصور