70 عاما علي ميلاد عبقري الكاريكاتير حجازي

قيم هذا الموضوع: 
لا يوجد تقييمات
المصدر: 
جريدة الوفد - مصر
الكاتب: 
محمد حسن أحمد

 

في مايو من سبعين عاما ولد فنان الكاريكاتير الكبير حجازي.. هذا الفنان الذي ملأ الدنيا وشغل الناس، سواء وهو يقدم اعماله بغزارة او بعدما آثر العزلة، وابتعد عن ضجيج العاصمة وصخبها مؤخرا، مفضلا الحياة الهادئة وسط الاهل والاقارب واصدقاء الطفولة بالقرب من الريف المصري الجميل الذي طالما صوره بريشته العبقرية ودافع عنه وعن اهله البسطاء عبر نافذة الصحافة. احتل الفنان العظيم حجازي بجدارة مكانة كبيرة في قلوب قرائه وعشاق فنه خاصة خلال سنوات ازدهار فن الكاريكاتير وعهده الذهبي

حيث انخرط في هذا العمل وتميز وسط كوكبة نادرة من الفنانين المبدعين من امثال صلاح جاهين والليثي وبهجت عثمان ورجائي وغيرهم، فكان له مثلما كان لكل منهم اسلوبه الفريد الذي تبوأ به مكانة يستحقها عن جدارة.. هذا الجيل الذي جاء بعد جيل الفنانين رخا وعبدالسميع وزهدي وطوغان،فأضافوا الكثير لفن الكاريكاتير المصري الحديث.

تميز فن حجازي بارتباطه بقضايا البسطاء من المصريين، واستطاع ان يعبر برسومه عن الطبقة الشعبية التي يفخر دائما بانتمائه اليها فدافع عن حقوق الفقراء، وتهكم علي مظاهر الفساد ووقف مع حلم الثورة وانتقد المتاجرين بها.

يري الفنان حجازي ان فن الكاريكاتير هو تعبير عن فكرة بشكل ما، بحيث إن الفكرة تصل بصرياً إلي المشاهد بشكل ظريف مهما كانت فكرة مؤلمة، وأن شرط المتعة شرط أولي في الفن.. في أي نوع من أنواع الفنون، كما يري أن الرسم الكاريكاتيري لا ينبغي أن يكون معقداً، بل يجب أن تصل فكرته إلي أبسط الناس، وأن فنان الكاريكاتير يلزم أن يكون مهموماً بقضايا مجتمعه، يعبر عنها، ويطالب بها ويساهم في خلق رأي عام بهدف تغيير الأمر الواقع إلي الأفضل.

ويعتقد حجازي أن الكاريكاتير الجيد يجعل من يشاهده يفكر أكثر، فهو حافز علي التفكير وليس القصد منه مجرد الإضحاك، ويتميز فن حجازي العبقري بصلاحية أعماله لكل زمان ومكان في أرضنا المصرية، والعربية سواء ما يختص بالقضايا الاجتماعية أو السياسية، فلم تقتصر أعماله علي مجرد التعليق علي حدث جار فينتهي تأثير الكاريكاتير بانقضاء الحدث، وإنما غاصت أعماله في عمق القضايا فعرض رأيه فيها بتناول فني عميق وبسيط في آن واحد، فهو أسلوب سهل ممتنع، يشاهد فيها القارئ رسومه القديمة الآن ـ وكلها من بنات أفكاره ـ فتؤثر فيه وتبعث علي متعة مضاعفة في مزاوجة بين التفكير والابتسام، فأفكار حجازي لا تنتهي بمجرد رؤيتها ولكنها تحمل خاصية طريفة: أن القارئ يشاهدها مرة ومرات وقد يتأملها بعد أعوام وأعوام فلا تفقد بريقها ولا يخبو ضوءها ذلك لأنها جمعت بين عمق الفكرة وروعة العمل الفني وبراعة الخط وبساطته.

ومنذ سنوات قليلة آثر الفنان حجازي الابتعاد في صمت، وترك مغريات الدنيا بالقاهرة حتي شقته التي عاش فيها طويلاً تركها دون أن يأخذ مقابلاً برغم إلحاح أصحاب المبني، واعتزل الكاريكاتير السياسي لأسباب هو مقتنع بها، وإن كنا ـ نحن عشاق فنه العظيم ـ غير مقتنعين، واكتفي بالرسم للأطفال جيل المستقبل وأمل الغد.

وبعد.. إن قصة حياة الفنان حجازي ـ أطال الله عمره تصلح مادة دسمة لدراما ناجحة أو لفيلم سينمائي رائع يحكي قصة كفاحه منذ الصغر واعتماده علي نفسه وحبه لوطنه وتفضيله للمبادئ وتمسكه بدفاعه عن الثوابت الفكرية سياسياً واجتماعياً واغتنامه لموهبته الفذة التي أنعم الله بها عليه وتوظيفه لها في إخلاص شديد ليسعد الناس ويثير فيهم الوطنية والحماس ليس بمخاطبة السمع، ولكن بمخاطبة الروح والفكر والوجدان.

تحية لفناننا الأصيل حجازي في عيد ميلاده السبعين.

 

nike air max 2019 cheap

معرض الصور