اليابانيون و رسومهم، محاولة لمشاركتكم اهتماماتي في عالم الرسم الكرتوني

كتبها: نيللي جرجس
قيم هذا الموضوع: 
Average: 5 (3 votes)

كنت أود اليوم و بمناسبة الاعلان عن فلم الانيمي الجديد ( هبوب الريح ) أن اتحدث عن اعمال سيناريست الافلام الكرتونية الياباني المبدع هاياو ميازاكي لكني توقفت عند تفصيلة مهمة و هي أهمية الاطلاع على تجربة اليابانيين مع الرسوم و الكرتون.
تشكل هذه التجربة حالة خاصة لا يمكن مقارنتها بإي حال مع غيرها من التجارب العالمية حتى لو أخذنا بعين الاعتبار التجربة الفرانكوبلجيكية و التي تعتبر من انجح التجارب في الدول الغربية. ذلك ان تعامل اليابانيين مع الرسوم الكرتونية يختلف تماما مع تعامل الحضارات الاخرى. يكفي لليابانيين انهم و رغم البعد الجغرافي و الظروف الاقتصادية و المعيشية الصعبة التي مرت بها بلاد الشمس المشرقة بعد الحرب العالمية الثانية, يكفيهم انهم استطاعوا و في خلال اقل من نصف قرن وضع علامتهم المميزة على عالم الرسوم الكرتونية حين ادخلوا مصطلح المانغا على اللغات العالمية و جعلوا منها فنّاً قائماً بحد ذاته.
و خلافاً لما وجدته على صفحة الويكيبيديا العربية فإن أول استعمال لكلمة مانغا في اليابان كان في عام 1814 من قبل الفنان هوكوساي كاتسوشيكا عندما جمع رمزين احدهما يعني رسم و الثاني يعني اللّاهي او الغير محدد الهدف و قد أطلق كاتسوشيكا الكلمة على رسومه المختلفة التي جمعها في موسوعة من 13 مجلد.
ذلك ان استعمال الرسوم الكرتونية او الكاريكاتيرية و المقصود هنا التعبير بخطوط بسيطة و صفات مبالغ فيها عن موقف معين قد بدأ من القرن الثامن الميلادي حين كان الفنانون يقدمون المعارك و الاساطير و الامثال و مشاهد من الحياة اليومية على لفائف طويلة بسياق متصل و كان ذلك يدعى ب إي-ماكيمونو و تعتبر مخطوطات الراهب البوذي توبا سوجو (1053-1140) من أشهر رسوم تلك الفترة.
عندما بدأت اليابان تفتح حدودها أمام العالم تأثرت المانغا بالاسلوب الغربي للنشر و افتُتحت اول المطبوعات الدورية التي كانت تحوي في صفحاتها كاريكاتيرات تعتمد الاسلوب الغربي و تدعى ب بونشي-إي ثم اعتمدت تسمية المانغا و ظهرت مجلات مخصصة للصبيان, للفتيات و للاطفال من الاعمار الصغيرة لكنها كانت كثيراً ما تعتمد الاسلوب الاميركي سواء في اعتماد الالوان الفاقعة او الكوميديا الخفيفة و نظراً للشعبية الكبيرة لهذا الفن فقد تم اعتماده من قبل الحكومة للدعاية الحربية.
المانغا كما نعرفها اليوم تحددت معالمها في فترة ما بعد الحرب العالمية الثانية بفضل الموهبة الاستثنائية لتيزوكا أوسامو الذي و بالتوازي مع دراسته للطب قام بنشر أول مانغا بعنوان جزيرة الكنز الجديدة قبل أن يبدأ في سلسلة من القصص الكرتونية التي اعتمدت كل التوليفات بدءاً من حكايات الساموراي مروراً بقصص للفتيات الصغيرات و حتى الروايات الخيالية. أوسامو لم يتوقف عند حدود الرسوم المطبوعة بل قام بتأسيس استديو الانيمي الخاص به و عمل على تطوير رسومه لتناسب العمل السينيمائي بدءا من تنويع زوايا المشاهد حتى تطوير الحركة و إثارة العواطف و نذكر من أهم أعماله التي عرفها الاطفال العربي: ساسوكي, الليث الابيض و غراندايزر.
أخيراً بقي أن أضيف سريعاً ان متابعة قصص المانغا هو نشاط يومي و اعتيادي لليابانيين و بكافة أعمارهم و قد روت لي صديقة عاشت في اليابان قرابة العام في إطار بعثة دراسية انهم يتعاملون مع المانغا كما نتعامل مع الصحف و الجرائد اليومية فيشتروها بشكل يومي ثم يتم التخلص منها عبر وضعها في الحاويات المخصصة لتدوير القمامة و انها طالما وجدت الكثير من النسخ ملقاة بإهمال في المترو. إن هذا التصرف بحد ذاته – من وجهة نظري - يعكس الاختلاف التام في التعامل مع الرسوم التصويرية الكرتونية بالنسبة للاوربيين و الغربيين الذين يحافظون على ألبوماتهم التصويرية و يعاملونها كالكتب و الموسوعات ...
دمتم
وصلات و روابط المصادر المعتمدة:
1- صفحة المانغا على موسوعة اللاروس باللغة الفرنسية:
http://www.larousse.fr/encyclopedie/divers/manga/67941
2- صفحة المانغا في ويكيبيديا الفرنسية:

http://fr.wikipedia.org/wiki/Manga
3- صفحة تيزوكا أوسامو في موقع أخبار المانغا:
http://www.manga-news.com/index.php/report/Ozamu-Tezuka

التعليقات

شكرا لهذه المعلومات اللطيفة

شكرا لهذه المعلومات اللطيفة التي قدمتها لنا الكاتبة نيللي جرجس...نتمنى المزيد مستقبلاً.