• ولد "ألكسندر هاكوب صاروخاينان" في أول أكتوبر عام ١٨٩٨ ببلدة "أرادانوج" أقصى شمال شرق تركيا التي كانت تقع ضمن مقاطعة باطوم إحدى المناطق الإدارية في إقليم ما وراء القوقاز التابع للإمبراطورية الروسية، وكان صاروخان الابن الثالث لأب كان يعمل تاجرًا للأقمشة.
• في عام ١٩٠٠ قرر الأب الانتقال إلى عاصمة المقاطعة "باطوم" حتى يتسنى له العمل في تجارة النفط، بعد أن أصبحت باطوم ميناءً رئيسيًا على البحر الأسود، وفي باطوم ولد ابن ثان للأسرة هو "ليفون".
• قام ألكسندر وأخوه ليفون بمحاولتهما الأولى في الرسم وهما طفلان صغيران حيث كان يشجعهما الوالد الذي لم يكن يجيد الرسم هو نفسه. وحين جاء الوقت المناسب ألحق ابنه ألكسندر بالمدرسة الروسية في المدينة وكان يوجد بهيئة تدريسها مدرس روسي للرسم، وكان هذا المدرس أول المشجعين الحقيقيين لألكسندر حيث بذر في عقله وروحه بذور حب الرسم والفن.
• في عام ١٩٠٩ انتقل الأب هاكوب بأسرته المكونة من زوجته وثلاث بنات وولدين إلى إستانبول لتأسيس تجارة في النفط القوقازي، ومع بداية العام الدراسي (١٩٠٩- ١٩١٠) التحق الأخوان ألكسندر وليفون بمدرسة الآباء المخيطاريين، وفي هذه الفترة قاما بتأسيس صحيفة أسبوعية منزلية مكتوبة بخط اليد، وكان ليفون هو الذي يقوم بجمع المقالات وتأليفها ثم تحريرها وكتابة النصوص يدويًا. أما ألكسندر فكان هو الذي يقوم برسم الصور الكاريكاتيرية.
• في عام ١٩١٢ عاد الأب إلى باطوم تاركًا صاروخان وأخاه ليتما تعليمهما بالقسم الداخلي في مدرسة الآباء المخيطاريين ثم يعودا إلى باطوم ليلحقا بالأسرة، لكن الحرب العالمية الأولى حالت دون تحقيق ذلك حيث إنها فجرت حربًا مسعورة ضد الأرمن، فتم تهجير وتشريد ٢.٣ مليون منهم ممن يقطنون تركيا، بالإضافة إلى نقل ١.٥ مليون آخرين؛ لذا لم يجد صاروخان وأخوه مفر إلا أن يحبسا نفسيهما داخل مدرسة الآباء المخيطاريين مع عدد قليل من التلاميذ والمدرسين لأن المدرسة منحتهم قدرًا من الحماية.
• عندما انتهت الحرب قام صاروخان بتحويل اسم العائلة من صاروخانيان إلى صاروخان، وعمل مترجمًا للغات الروسية والتركية والإنجليزية بالجيش البريطاني، ثم موظفًا لإحدى الشركات لمدة قصيرة وأخيرًا استطاع نشر رسومه الكاريكاتيرية في بعض الجرائد والمجلات الأرمنية وأهمها صحيفة "جافروش".
• نظرًا للضغوط والأحداث السياسية التي شهدتها تركيا عام ١٩٢٢ هجر صاروخان تركيا وقرر الذهاب إلى فيينا التي استقر فيها عمه "أراكيل" وهناك التحق بمعهد الفنون الجرافيكية.
• يقول "هرانت كشيشيان" في كتابه عن صاروخان:
"إن الفنان الأرمني استطاع في فترة تقل عن عامين إنجاز ما قد ينجزه طلبة آخرون خلال أربع أو خمس سنوات من الدراسة الفنية الأكاديمية المتواصلة".
• في فيينا تعرف صاروخان على عبد القادر الشناوي الذي قصدها لدراسة فنون الطباعة حيث كان ينوي إنشاء مطبعة في مصر وإصدار صحيفة أو مجلة أهلية، وكان يبحث في تلك الفترة عن فنان كاريكاتيري جيد يأخذه معه إلى مصر ليرسم في صحيفته أو مجلته، وقد أُعجب الشناوي كثيرًا بصاروخان وقرر إحضاره إلى مصر.
• كانت القاهرة في تلك الفترة تضج بالعديد من الأرمن الذين شكلوا جالية ضخمة فرضت نفسها على الساحة الاقتصادية والاجتماعية، فتعرف صاروخان على عدد كبير منهم مثل: محرري الصحف والمجلات والتجار وبعض الحرفيين، لكن أهمهم هو الزنكوغرافي "أرام بربريان" الذي كان يقوم بإعداد كليشيهات أغلب الصحف والمجلات الصادرة بالقاهرة بجميع اللغات.
• كانت ورشة "بربريان" بمثابة ملتقى غير رسمي للصحفيين وأصحاب الصحف ودور النشر، ومن الورشة التي كانت تعقد في عابدين عرف الناس صاروخان رسامًا كاريكاتيريًا متميزًا زينت إبداعاته العدد الأول من مجلة "السينما الأرمنية" الذي صدر يوم ٢٤ يناير ١٩٢٥، ولم يضيع وقته وظل يرسم يوميًا حتى تمكن من تنظيم معرضين لرسومه الكاريكاتيرية في القاهرة والإسكندرية ولاقى خلالها نجاحًا ملحوظًا.
• في نوفمبر عام ١٩٢٧ تم اللقاء الأول بين صاروخان ومحمد التابعي في ورشة بربريان، وفي تلك الفترة كان محمد التابعي رئيسًا لتحرير روز اليوسف طامعًا في دفع المجلة إلى الاهتمام أكثر بالسياسة وكان في حاجة إلى رسام كاريكاتير موهوب يستجيب لموقف المجلة السياسي المناصر لحزب الوفد آنذاك خاصةً وأن رسام المجلة الأصلي هو الإسباني "سانتس" كان يرسم النكت على غلافها الأمامي منذ عام ١٩٢٧، ولكن سانتس كان رسامًا أساسيًا لمجلة الكشكول ذات التوجهات السياسية المضادة تمامًا لتوجهات روز اليوسف.
• كان صاروخان يرغب في نشر رسومه في مجلة واسعة الانتشار مثل روز اليوسف فأخذ يرسم وجوه الزعماء السياسيين بمساعدة التابعي وتشجيعه وبالفعل رسم صاروخان أول غلاف للكاريكاتير السياسي على غلاف العدد ١١٨ من روز اليوسف الصادر في ٢٢ مايو ١٩٢٨، كما ظهر أول كاريكاتير سياسي له منفذ بالحبر الأسود على الصفحة السابعة من العدد ١٣٢.
• في عام ١٩٣٢ استطاع صاروخان أن يكون أول رسام يبتكر شخصية نمطية كاريكاتيرية في مصر تعبر عن العقل والمزاج العام للشعب المصري، وهي شخصية "المصري أفندي".
• لم يكن صاروخان يعرف شيئًا عن الشخصيات المصرية، ولم يكن يعرف اللغة العربية فاقتبس شخصية المصري أفندي من صورة للرسام الإنجليزي "ستروب" في الديلي إكسبريس. وكانت الصورة لرجل قصير يضع على رأسه القبعة ويمسك في يده مظلة، وقام التابعي والسيدة روزاليوسف بتحوير هذه الصورة، فرفعت القبعة ووضع مكانها "الطربوش"، ورُفعت المظلة ووضع مكانها "المسبحة"، كانت شخصية المصري أفندي في كاريكاتير صاروخان تعبر عن طبقة الموظفين في مصر، ولعبت دورًا هائلاً في السياسة المصرية في ذلك الوقت وخاصةً في المعارك مع الزعماء ورجال السياسة.
• في عام ١٩٣٤ احتد الخلاف بين محمد التابعي وروزاليوسف فخرج التابعي من المجلة ومعه صاروخان لتأسيس مجلة آخر ساعة، وكان هو رسامها الأول حيث زين المجلة برسومه الجميلة من أول عدد صدر في ١٥ يوليه ١٩٣٤.
• في عام ١٩٤٦ اشترى الأخوان علي أمين ومصطفى أمين مجلة آخر ساعة من صاحبها (محمد التابعي) الذي أراد إغلاقها لهبوط التوزيع وألحقوها بصحيفة أخبار اليوم ليؤسسا مؤسسة صحفية كبرى هي "دار أخبار اليوم".
• انتقل بعد ذلك صاروخان مع التابعي إلى "أخبار اليوم" فظهرت أول صورة له على الصفحة الثالثة لهذه الصحيفة في عدد السبت ٢٧ إبريل عام ١٩٤٦، وتمثل هذه الصورة موكب محرري كل من آخر ساعة وأخبار اليوم وقد اتحدوا في ركب واحد، وهكذا انضم صاروخان إلى زميله الرسام محمد عبد المنعم رخا الذي كان يرسم على صفحات أخبار اليوم منذ بداية تأسيسها.
• ظل صاروخان يرسم في دار أخبار اليوم حتى وفاته في أول يناير عام ١٩٧٧ تاركًا لنا حوالي عشرين ألف صورة كاريكاتيرية، وكتابين للكاريكاتير السياسي هما "العام السياسي ١٩٣٨"، وصدر بالقاهرة عام ١٩٣٩، وكتاب "هذه الحرب" الذي صدر أيضًا بالقاهرة عام ١٩٤٥، وهو يتناول الحرب العالمية الثانية بالكاريكاتير.
• قدم شخصيتين هما "مخضوض باشا الفزعنجي" و"إشاعة هانم" وذلك إبان الحرب العالمية الثانية. وقد اختفت هاتين الشخصيتين بعد الحرب، أما الشخصية الثابتة التي قدمها صاروخان فهي "المصري أفندي" عام ١٩٢٩ وهي من ابتكار محمد التابعي.
• استخدام صاروخان للرموز والشخصيات الثابتة المتعارف عليها عالميًا مثل العم سام. ويظهر في هذا تأثره الواضح بفن الكاريكاتير الأجنبي القديم.
• استخدام المباشرة والتقرير بسبب عدم احتياجه لوسائل إقناع ملتوية يمرر بها أفكاره، حيث إنه مجرد منفذ لأفكار قياداته الصحفية، والميل إلى استخدام الحوارات الطويلة متأثرًا في ذلك ببداياته الأولى التي قضاها في روز اليوسف.
• عدم الميل إلى استخدام العناصر التيبوغرافية الثقيلة في رسومه وإنما يستخدم خطوطًا عصبية بالريشة لم تتغير منذ بداياته الفنية الأولى، كما يميل إلى ملء مساحة الرسم دون عناية بالفراغ فيه.
• أظهر قدرة كبيرة في رسم البورتريه وقد برع منذ بداياته الفنية في رسم البورتريه السياسي، ويتضح ذلك في رسمه لوجوه إسماعيل صدقي ومحمد محمود، وغيرهما.
النص من موقع ذاكرة مصر المعاصرة، و الرسوم التالية من مصادرنا الخاصة
Jordan Hydro 6 Sandals
التعليقات
Thanks to Saroukhan, the big