يصف الفنان العراقي علي المندلاوي بداية توجهه لفن البورتريه الكاريكاتيري قائلا: إبتدأت حكايتي مع الرسم الكاريكاتيري بنجم كرة القدم ومدرب المنتخب الوطني العراقي الراحل "عمو بابا" وكان هو الوجه الوحيد بين الرسوم اللاحقة الذي رسمته لغرض التمرين، كان ذلك في منتصف السبعينيات من القرن الماضي ولم أكن أتصور وقتها بأني سأجعل من هذه الطريقة في الرسم منهجا، تلك المحاولة كانت كرة الثلج الصغيرة التي كبرت وكبرت وهي تتدحرج لتضم اليها المزيد من الشخصيات في مغامرة لم تتوقف عند حدود الوجوه العراقية المتفردة بعطائها الابداعي، وكذلك عند حدود النشر في الصحافة المحلية، بل تعدتها لتشمل عشرات من وجوه المشتغلين بالفن والسياسة والادب والمجتمع في بلاد العرب و العجم من الصين و الهند إلى مصر والسودان مروراً بدول البلقان و أوربا وأميركا، كما توسع نطاق نشر هذه الرسوم الى الصحافة العربية .
تتنوع المواد التي يرسم بها المندلاوي، فهو يستخدم الالوان المائية و صبغة الكواش واقلام الرصاص والكولاج والحبر الاسود وتقنيات فنية أخرى بحسب طبيعة الرسم ومناسبته ومكان نشره، فقد سبق للمندلاوي ان نفذ مجموعة كبيرة من الرسوم لجريدة العالم البغدادية بأقلام الرصاص فقط، وفي كل الحالات تحضر الدقة وصفاء اللون والاعتناء بالتفاصيل، وتقديم الشخصية المرسومة محاطة بعالمها الخاص، وبخاصة في الرسوم التي رسمها في الثمانينيات لمجلة الف باء والرسوم التي نشرها في مجلتي "المجلة" و"الجديدة "وجريدة "الشرق الاوسط" في لندن أواخر التسعينيات ومطلع الالفية، فحين يرسم المندلاوي الفنانين محمد مهر الدين أو رافع الناصري أو ضياء العزاوي أو شاكر حسن آل سعيد يعمد الى تجسيد شخصياتهم من خلال استخدام ذات الالوان والاشكال والمواضيع التي يعالجها كل منهم في لوحاته، وكذلك الامر مع رسمه للفنان محمد غني حكمت حين يدمج بينه وبين منحوتته الشهيرة في احدى ساحات بغداد "كهرمانة"، أو كما يرسم الفنان طالب مكي "معلمه الاول" في دار ثقافة الاطفال التي تصدر "مجلتي" و "المزمار" وهو يجر منحوته معروفة أبدعها الفنان على شكل حصان حديدي، كما يرسم صديقه الفنان مؤيد نعمة على شكل طائر ينحني تحت قدمية مدفع الدبابة، محاكيا في ذلك رسم للفنان مؤيد نعمة .
الفنان الليبي محمد مخلوف قدم لكتاب المندلاوي الصادر مؤخرا قائلاً: المندلاوي فنان لا يكف عن الرسم والحركة، يرسم في كل الاوقات و في كل الازمنة، يحوّل ذكريات وأحلام الناس الى لغة جميلة إسمها الفن .. صديق يخفف عنا وحشة الطريق المؤلمة بخطوط والوان سحرية تشي بالبراءة، لنشق بها طرق و دهاليز حيواتنا المتعبة والقاسية، نتأمل رسومه بشغف، نحس بها لتنفذ اشعاعاتها الى قلوبنا مثل نسمات بحر في يوم حر قائظ.
لم يهدر وقته في الثرثرة على نواصي الزمن الضائع، كان يتخيل، ويتذكر، ويحلم، ويسجل، ويرسم من دون ملل.
نتحول نحن الى اطفال نحسد المندلاوي على ذاكرته اليقظة في نقل تفاصيل الطفولة الزاهية .. هي طفولتنا أيضا و لكن من يستطيع تسجيلها مثل هذا الطفل الكبير!!
السبت, كانون اﻷول (ديسمبر) 28, 2013 - 02:48
وجوه المندلاوي
قيم هذا الموضوع: