الكاريكاتير في الصحافة العربية .. فن ذكوري بامتياز

قيم هذا الموضوع: 
لا يوجد تقييمات
المصدر: 
جريدة الشرق الأوسط - لندن
الكاتب: 
حليمة مظفر

 

الفنانة السعودية هناء حجار: الرجال سخروا من النساء طويلا .. وحان وقت الدفاع عن النفس

 

 

هل كان فن الكاريكاتير الصحافي في العالم العربي ضحية سمة الذكورية الغالبة على الكثير من مجتمعات هذه المنطقة؟ قد يكون الجواب البديهي هو نعم، ولعل النظر الى الكثير من الأمثلة التي تخرج في الصحافة العربية يوميا يدل على ذلك، اضافة الى أن من يحترف فن الرسم في هذا العالم الساخر هو في معظم الأوقات الرجل لا المرأة، فيما بقيت النكهة الأنثوية الساخرة نادرة ومبتعدة عن احتراف هذا النوع لفترة طويلة، ومع غيابها عن الكاريكاتير غاب رأيها؛ خاصة في تلك التي تكون فيها بطلة على مسرح الصورة الكاريكاتيرية.

وضعف إقبال الجنس اللطيف على احتراف الفن المشاغب كما يسميه سعد الدين شحاته، فنان كاريكاتير في جريدة الأهرام المصرية، يظهر بجلاء خلال مختلف الأجيال منذ ظهوره، ويقول «إنها مسألة تراكمية على مستوى زمني لم تكن المرأة موجودة خلاله» لكنه يشير إلى ظهور أسماء نسائية بدأن حديثا احتراف الرسم الكاريكاتيري.

فيما يعتبر سالم الهلالي، فنان الكاريكاتير بجريدة عكاظ السعودية، أن الطريق لاحتراف هذا الفن صحافيا هو «طريق صعب» على الرجل فما بالكِ إذاً بالمرأة، التي يصفها بأنها «قصيرة النفس».

وفي سياق مشابه يرى حسن بليبل، الفنان الكاريكاتيري في جريدة المستقبل اللبنانية، أن الأسباب التي أدت إلى ضعف حضورها الكاريكاتيري دون بقية الفنون التشكيلية التي تشهد احتراف عدد كبير من الفنانات في الوطن العربي يعود «إلى أن هناك مجالات في الحياة لا تبرع فيها المرأة عادة والكاريكاتير منها»، ولهذا يؤكد على وصفه «بأن فن الكاريكاتير فن ذكوري».

ويبرر عدم براعتها إلى كونه فنا لاذعا يتسم بالقسوة والعدائية حينما يتطرق إلى تصوير سلبيات شخصيات معينة في المجتمع؛ يضطر فيها فنان الكاريكاتير إلى التصادم معها إلى درجة انتقامية أحيانا، وهذه العدوانية لا تتناسب مع ميول وطبيعة الأنثى التي تتسم بالعاطفية والحنان، وسبب آخر يضيفه «أن الكاريكاتير عادة ما يكون سياسيا، والمرأة في العالم والمجتمعات العربية خاصة هي قليلة الممارسة السياسية والتعاطي معها وبالتالي ينعكس ذلك على تعاطيها مع الكاريكاتير السياسي». إلا أن فنان الكاريكاتير السعودي في جريدة الرياض عبد العزيز الربيع لا يتفق مع الآراء السابقة حول أسباب عزوف الجنس اللطيف عن هذا الفن، ويقول «لا أجد سببا واحدا مقنعا لغياب المرأة عن رسم الكاريكاتير، فهو فن مثل بقية الفنون التي أبدعت المرأة فيها كالنحت والتصوير والإخراج والتصميم والكتابة الأدبية وغير ذلك مثلها مثل الرجل». وهو لا يقبل أيضا بتبرير قلة حضورها الكاريكاتيري من كونها ضعيفة وغير قادرة على الاحتكاك بالمجتمع وبالتالي التفاعل مع قضاياه خاصة في المجتمع السعودي الذي يعتمد الفصل ما بين نشاط المرأة والرجل، ويقيس ذلك على ما استطاعت تحقيقه من نجاح وتفاعل من خلال عملها الصحافي والأدبي، مؤكدا أن هذه المشكلة هي عالمية وليست عربية أو سعودية فقط ويقول «الإقبال على الكاريكاتير ضعيف حتى في المجتمعات الغربية التي حققت المرأة فيها حريتها وكفل لها المجتمع فرصا عملية عديدة».

ويرى زكي شقفة فنان كاريكاتيري في جريدة الرأي الأردنية أنه رغم ظهور أسماء جديدة مؤخرا في هذا المجال إلا أن تجربتهن لا توازي التجربة الذكورية، مرجعا سبب ذلك بكل وضوح، على حد قوله، إلى «الموروث الاجتماعي العربي الذي لم يمكن المرأة من أن توجد على الميدان الكاريكاتيري»، ويعلل ذلك «بأن فن الكاريكاتير فن جريء يتعرض إلى أمور حساسة اجتماعيا تخجل المرأة من تصوير نقدها والاقتراب منها كقضية الخلع والحياة الزوجية وغير ذلك».

لكن ماذا تقول المرأة التي احترفت هذا المجال عن غيابها؟

تجيب فنانة الكاريكاتير السعودية هناء حجار التي بدأت تشق طريقها منذ أقل من السنتين باتجاه الاحتراف المهني في الصحافة حيث تتعاون مع صحيفة عرب نيوز الصادرة باللغة الإنجليزية؛ إن قوة هذا الفن وسخريته اللاذعة والجريئة ليست مبررا لكي تبتعد عن هذا المجال، وعلى حد قولها «لكل شخص له الحق في التعبير عن رأيه، وأنا أترجم آرائي بواسطة الكاريكاتير، وأعتبر ما أفعله نوعا من الجهاد الفكري».

وتشير، وهي في بداية العشرينات، الى أنها قد اعتمدت على صقل موهبتها بنفسها دون دراسة متخصصة لعدم توفر معاهد أو تخصصات فنية كاريكاتيرية في السعودية تهتم بتطوير هذا الجانب عند الموهوبات ولهذا هي تفكر حاليا بدراسته في لندن. وحجار التي بدأت الاتجاه إلى الكاريكاتير السياسي منذ شهرين ليصل رصيدها المنشور حتى الآن فيه 11 كاريكاتيرا، لا تجد مبررا في ضعف إقبال الفنانات التشكيليات على هذا المجال، خاصة أنها منهن وتقول «استغرب هذا الفقر في الساحة الكاريكاتيرية، خاصة أن المرأة بما تمتلكه من حس وعاطفة في التقاط التفاصيل قادرة على النجاح فيه والكاريكاتير». لكنها مع ذلك تعتبر الكاريكاتير فنا ذكيا يولد مع الإنسان بالفطرة، ولهذا لم تصادف حتى الآن من زميلاتها الفنانات التشكيليات من تمتلك هذه الموهبة برؤيتها، موضحة أن الرجل سخر من المرأة لسنوات كثيرة في مسرحه الكاريكاتيري جاعلا منها بطلة مثيرة للضحك، وتقول «جاء الوقت لأن تحاول المرأة الآن الدفاع عن نفسها وهذا ما سأحاول فعله بالوقوف معها». وتستدرك «لا يعني ذلك أني لن أتناولها بالنقد الساخر في تصرفاتها السالبة، لأني سأركز على انتقاد السلوكيات الشاذة والخاطئة سواء صدرت من الرجل أو المرأة».

لكن هل أدى غياب الفنانة العربية عن الممارسة الكاريكاتيرية في الصحافة العربية إلى غياب رأيها مقابل الرؤية الذكورية التي تتناول القضايا من زاوية الرجل؟ يجيب الربيع «بالتأكيد حصل ذلك، فأحيانا نرى كاريكاتيرات كثيرة تسخر من المرأة أو تهاجم بعض تصرفاتها ولا تهتم بتصوير مشاكلها الخاصة التي تعرفها هي أكثر من الرجل، بينما لا نرى كاريكاتيرات تتولى الدفاع عن هذا الهجوم على المرأة».

من جهتها تعتبر الأخصائية الاجتماعية السعودية أميمة العنبري لـ«الشرق الأوسط» انه «من الطبيعي أن غياب المرأة عن هذا الفن يؤدي إلى خلل في معالجة قضاياها الخاصة التي لا يعلم بها سواها». وتضيف «لا يعني ذلك أن بعض الفنانين الكاريكاتيريين يتناولون قضايا المرأة في بعض لقطاتهم بحيادية وموضوعية تشدني كثيرا لأنها لامست قضية المرأة ومشكلتها بشكل حساس».

* 5 من أشهر الرسامات العالميات > إدوانا دوم: أول امرأة تعيش كليا من اجورها كونها رسامة كاريكاتير تحريري في الولايات المتحدة، وقد عاشت بين عامي 1894 و 1990. > ساين ولكنسون: رسامة أميركية نشرت أعمالها في جريدة فيلادلفيا ديلي نيوز ومطبوعات مجموعة «واشنطن بوست»، أول امرأة تفوز بجائزة بولتز للرسم التحريري وكان ذلك عام 1992. > إيتا هولم: رسامة أميركية نشرت أعمالها في صحيفة «فورت ورث ستار تلغرام» وفازت بجوائز «الهيئة الوطنية الأميركية للكاريكاتير» عامي 1981 و1991. > كلير بريتشير: رسامة فرنسية نشرت أعمالها في مطبوعة «لو نوفل أوبزرفاتوار»، ابتداء من العام 1973. > كايت-سالي بالمر: رسامة أميركية فازت بجوائز عدة، وبيعت اعمالها وتمت اعادة نشرها في اكثر من 200 مطبوعة، تقاعدت عام 1987 وتفرغت للرسم في كتب الاطفال بعد ذلك

 

jordans for sale trainers

معرض الصور