جورج البهجوري: غياب الحرية يسكت الكاريكاتير

قيم هذا الموضوع: 
لا يوجد تقييمات
المصدر: 
جريدة الخليج - الإمارات
الكاتب: 
محمد أبو عرب

بذاكرته المشبعة بالأحداث وبقامات عالية صنعت تاريخ المشهد الثقافي العربي، يستعيد فنان الكاريكاتير المعروف جورج البهجوري، حكايته مع الفن، وبداياته في عالم الصحافة، عائداً بشخصيته البشوشة إلى أكثر من ستين عاماً من عمره، ليروي فصولاً من حياته، مقارباً راهن الكاريكاتير العربي ليكشف عن أهميته في بناء الوعي الجمعي للأمم، ويؤكد أن الحرية شرط أساسي لانتعاش فن الكاريكاتير.
يستعرض البهجوري في حواره ل"الخليج" كيف بات رمزاً من رموز الكاريكاتير في العالم العربي، وكيف صنع بشخصيته المتفردة حالة فنية عرفها المشهد الفني المصري والعربي والعالمي، فما أن يسرد حكاية نشر رسومه الأولى، وتنقله في العاصمة الفرنسية باريس، وتقنيته في رسم الشخصيات بخط متصل سريع، حتى تنكشف عوالم شخصيته وذاكرته الممتلئة بتاريخ الحياة الثقافية في مصر.
يقول البهجوري: "رسمت عشرات الآلاف من البورتريهات طول حياتي، فلم يزرني أحد في بيتي ولم ألتقِ بأحد جالسته، إلا ورسمته بخطٍ سريع لأهديه الكاريكاتير، وحين أمضيت سنوات من حياتي في العاصمة الفرنسية باريس كنت أرسم المارة بالشوارع، وأهديهم وجوههم، فكنت أرى في الفن واللوحة تذكاراً وهدية تضيف البهجة إلى كل من قابلتهم في حياتي وتخلق بيني وبينهم علاقة طيبة يصنعها الفن بكل ما فيه".
بدأ البهجوري الكاريكاتير عبر الدراسة مع كبار نجوم هذا الفن في مصر، ومنهم: صلاح جاهين، وحجازي، وبهجة، وصلاح الليسي، ورجائي، وإيهاب، يقول: "بدأت قبل هؤلاء الفنانين رغم صغر سني في تلك السنوات، حيث ابتدعت أسلوبي الخاص منذ كنت في كلية الفنون الجميلة، إذ كنت أهتم بالدراسة وفي الوقت نفسه أعود لألتقي كبار مشاهير الصحافة المصرية".
كانت علاقة البهجوري طيبة بمكتشف النجوم في الثقافة المصرية، إحسان عبد القدوس، فمنذ أن تعرف إلى رسومه، أعجب بها ومنحه فرصاً كبيرة للنشر، بقوله: "أذكر أنه قال لي ذات يوم وأنا أجلس عنده في المكتب: "سأجعل منك فناناً كبيراً ومشهوراً"، وفعلاً كان يقدمني للآخرين في اللقاءات الشخصية وكان السبب الأول في دخولي إلى دائرة الضوء".
يتحدث البهجوري عن معايشته لصعود نجم عبدالحليم حافظ، فيقول: "كان حليم يزور إحسان عبد القدوس لمساعدته في "الوسادة الخالية" عندما كان هذا الأخير يترأس تحرير مجلة "روز اليوسف"، وكان عبدالحليم يقول له: "أتركك لتنهي روايتك وأنا سأذهب للجلوس عند البهجوري، وكنت حينها أداوم في مكتب يتضمن أربع طاولات رسم، فكان لقاء فنان بفنان، كان هو يغني "صافيني مرة" وكانت رسوماتي تنشر وتلاقي الاستحسان في المجلة، دخل عليّ حليم ذات يوم وهو متحمس، وقال لي اسمع هذا اللحن، وأخذ يعزف على طاولة الرسم، ويغني "توبة توبة" وكنت أقول له هذه أغنية جميلة، وهو حينها سعيد بلقائه بعبدالوهاب فكان يقول لي: "أنت تشبهني، أنا بالغناء وأنت في الرسم".
ويفتح البهجوري مقاربة بين حال الفن في ذلك الزمان، وما تشهده الحركة الفنية اليوم، فيرى: "في الظروف الصعبة كان الكاريكاتير لاذعاً جداً، ومعبراً عن حالة الشارع، لكن الحالة التي عاشتها مصر خلال السنوات الثلاث الماضية، غابت الحرية والديمقراطية، تركت الكاريكاتير، إما بسب الخوف، أو لعدم الصلاحية للنشر، لذلك لم يلمع الكاريكاتير في هذه الفترة".
ويستبشر البهجوري بالجيل الكاريكاتيري الجديد في مصر ويقول: "استفادت الأجيال الجديدة من وسائل التكنولوجيا الحديثة، وظهرت فيها تجارب لافتة ومميزة، فبرز في الساحة المصرية عدد من فناني الكاريكاتير المميزين، منهم: عمرو سليم، ودعاء العدل، ومخلوف، وأنوار، وغيرهم من الأسماء الشابة".

air max 90 essential epic

معرض الصور