عندما اغتالوه كتبت.. انه الناجي من عصر الانحطاط.. نجا ناجي العلي من اللحظة الفلسطينية الطويلة الممتدة حتى تاريخه.. ذهب الذين اغتالوه وبقيت ريشته تحلق فوق >الشجرة< حتى تاريخه.. اما القتلة فلم يعد احد يعرف في اي ركن من اركان جهنم حشروا سواء جهنم الدنيا ام جحيم الاخرة.
شهد ناجي قبل ذلك لحظة الفتنة الاولى واشبعنا تقريعا يومها.. كانت ريشته تقتص من الفتنة واصحاب الفتنة.. ومن بعده صرنا نصفق للفتنة وابطالها ونهتف بحياتهم بدل ان نهتف لمماتهم.. أي قبح يلم بنا الآن ونحن نحصد نتاج الفتنة وما زلنا نتمترس في احضانها وكأنها قدر علينا؟
هو في رحيله كان متميزا وفي حياته كان متفردا، ولأنه كذلك بقي في الوجدان الشعبي ضميرا حيا لا يموت.
يا ذا الوجه الموشوم بحمرة الخجل والجسد النحيل الذي ينحني تشبها بعاشق الارض وهو يتفحص بركاتها.. ولا ينحني لغير ذلك.. ما زلت احفظ خطوطك الواحد بعد الاخر.. كم جلست ارقب ريشتك وهي تقبل الورق في مكتبنا المشترك ذات سنة.. وكنت ترفع نظارتيك وتسأل.. عما ستكتب في عصر انحطاطك غدا؟ فأرد وهل ابقيت لنا هامشا بعد الذي اراه؟
ايه ايها الناجي، عشرون سنة مرت على الرصاصة المجهولة التي اطلقها مجهول معرف على علم لا يعرف.. وما زلت اجمع قصاصات وروايات عن قاتليك.. كم هو متداخل اغتيالك مع اغتيال وطنك.. مخابرات وعملاء.. ومناضلون مخترقون.. وفاسدون ورؤوس فاسدة ومفسدة. ليذهب دمك هدرا بين الفصائل والقبائل والمخابرات والعسس العرب وغير العرب.
لم نحد عن خطوطك يوما.. ولن نحيد.. فأنت الذي علمتنا ان الحقيقة لا تموت.. ها انت ما زلت ترسم عن زمانك وعن زماننا وكأنك بيننا.. كنت صاحب النبوءة المرسومة بلا وحي يوحى.. نبوءة الفنان الضمير الذي لا يخطئ.. اني اكاد اراك من حولي تدور وتملي علي حياتنا وثمة من يريد ان يملي علي مماتنا.. لكن المؤمن لا يلدغ من جحر مرتين.
air max 98