"رسوم كاريكاتورية لأمازيغي" هو العنوان الذي اختاره الفنان الهولندي من أصل مغربي امحمد أبطوي لكتابه الذي صدر مؤخرا عن دار النشر "اكسترا" بأمستردام. يوجه أبطوي من خلال رسومه الكاريكاتورية نقدا لاذعا للمتطرفين الإسلاميين وجميع أشكال التطرف. ولكن ما هو الفرق بين رسومه والرسومات الدانمركية؟
تقول وزيرة الاندماج الهولندية السابقة ريتا فردونك في أحد الرسومات موجها كلمتها للإمام أحمد سلام الذي رفض أن يصافح يدها "تشرفنا أيها الإمام، علينا الآن أن نستعد للعمل!" يجيب الإمام "آسف، لأن ديني يرفض أن أصافحك، خوفا من أن أبلغ ذروة الشبق!" هذا نموذج من الرسومات الكاريكاتورية التي تنتقد فيها ريشة أبطوي التطرف.
يصرّح الفنان أبطوي الذي يعتبر مبدعا متعدد المواهب أنه أولا وقبل كل شيء فنان تشكيلي وشاعر وموسيقي، ولكنه قرر أن يصبح في فترة لاحقة رساما للكاريكاتور بعد عمليات 11 سبتمبر الإرهابية في الولايات المتحدة الأمريكية والعمليات الإرهابية الأخرى، بالأخص عملية مترو الأنفاق بمدريد.
يقول أبطوي في حوار لإذاعة هولندا العالمية" لم يكن بودي أن أصدر كتابا أجمع فيه رسوما كاريكاتورية إلى أن وقعت عمليات 11 مارس في مدريد. كنت متواجدا في العاصمة الأسبانية آنذاك، وكان يـُنظر إلى كل من كانت له ملامح مغربية على أنه إرهابي. لقد تأثرت بشكل عميق بعمليات مدريد، لذا قررت أن أصبح رساما للكاريكاتور لأوجه ريشتي ضد المتطرفين."
ويضيف أن الجو في مدريد بعد تلك العمليات الإرهابية كان جد متوتر، ولم يكن المغاربة يجرؤون على الخروج للذهاب إلى عملهم، وقد طردت السلطات الأسبانية عددا كبيرا منهم.
بحسب أبطوي فإن كل المتطرفين هم هدف لريشته، خصوصا الأئمة الراديكاليين القادمين من الشرق الأوسط الذين يستغلون الدين، والمسلمين المتطرفين كمحمد بوييري الذي اغتال السينمائي الهولندي تيو فان خوخ.
ولكنه يوجه أيضا ريشته ضد الساسة المتطرفين والذين يثيرون الكراهية في المجتمع مثل البرلمانية الهولندية السابقة ايان هيرسي علي وزعيم الحزب من أجل الحرية خيرت فيلدرز.
يشكل النقاش السياسي الحاد الذي تعرفه الساحة السياسية الهولندية في السنوات الأخيرة جزءا هاما من رسومات الرسام أبطوي.
الرجل: هل يعرف والدكما بانكما تدخنان النرجيلة؟
المرأتان: وهل يعرف والدك بأنك قواد؟
الرسومات الدنماركية
"لا أخاف إلا من الله!" يجيب أبطوي ضاحكا وبروح من الدعابة على سؤال حول ما إذا كان يخشى ردود أفعال من جهات متطرفة، فيقول "يجب ألا تخاف، وإلا ستصبح فريسة سهلة. أنا مستعد لكل شيء."
لا يتوقع أبطوي حدوث ردود فعل عنيفة وغاضبة كتلك التي وقعت في العالم الإسلامي وأوربا ضد نشر الرسوم الدنماركية المسيئة للرسول محمد، ولكنه يتوقع انتقادات من داخل الجالية المغربية. حسب رأيه هناك فرق جوهري بين رسوماته والرسومات الدنماركية. فرسومات صحيفة أيلاندس بوستن Jyllands-Posten الدنماركية هاجمت الإسلام وأساءت إلى شخص الرسول محمد "أنا لا أهاجم الإسلام وشخص الرسول كما فعل الرسام الدنمركي، بكل بساطة لأنني لا أنسى أن والدي وأسرتي متشبعون بالثقافة الإسلامية. وأنا أعتبر أن الإسلام يشكل جزءا من ثقافتي الأمازيغية التي تعتبر سدا منيعا ضد كل أشكال التطرف. وأعتقد أن الرسامين الدنمركيين لهم معرفة محدودة بالإسلام، وكانوا مستفزين في رسوماتهم لمشاعر المسلمين."
يقول يوس كولينيون من صحيفة "دو فولكس كرانت" في تقديمه لكتاب ابطوي الجديد إن الرسومات موجهة ضد عدم التسامح الديني. فنقده اللاذع موجه ضد السلفيين، والجهاديين، والوهابيين، وجنود الله الآخرين. "أبطوي ينتقد بشدة وبوعي قمع النساء، وازدواجية قيم "الملتحين". يعتبر عمله على مستوى الشكل والمضمون إبداعا يسافر بين ثقافتين، وهذا ما يبرز من خلال تكراره لاستعمال الأمثال الهولندية."
ويصرح أبطوي أن رسوماته موجهة ضد الأشخاص المتطرفين الذين يستغلون الدين والسياسة، وليس ضد الدين الإسلامي. ولكن استر خاسلين مديرة دار النشر "اكسترا" في أمستردام ترى أن "انتقاد الإسلام ممكن، وهذا لا يعني أننا ضد الإسلام. هذا يدخل في إطار حرية التعبير، ولهولندا تقاليد عريقة في هذا المجال."
يشتغل أبطوي حاليا في الإعداد لكتاب آخر من الرسومات الكاريكاتورية حول المواضيع التي تطرح نقاشا حادا في المجتمع الهولندي. ومن بين الوجوه التي ستكون هدفا لريشة أبطوي "بنات الحلال" De meiden van halal وهن مقدمات برامج في إحدى قنوات التلفزة الهولندية.
من هو ابطوي:
ولد أبطوي عام 1963 بالمغرب.
درس الفنون التشكيلية في ثانوية ابن الهيثم بفاس في بداية الثمانينات من القرن الماضي، ثم التحق بعد ذلك بجامعة مرسيليا في الجنوب الفرنسي لدراسة فن التشكيل وتاريخ الفنون.
قدم إلى هولندا عام 1992، وقام بعدة عروض للفن التشكيلي داخل وخارج هولندا.
من بين المجلات التي ينشر فيها رسوماته الكاريكاتورية "كونتراست" التي تهتم بالتعدد الثقافي في هولندا.
Nike EPIC React Flyknit