كان ذلك عام ,1982 احتل الجيش الاسرائيلي صيدا وناجي العلي لم يغادرها، كان لديه مئة سبب ليفعل ذلك: ليس ناجي العلي، فلسطينيا عادياً ولن يكون بمنأي عن عيون الاسرائيليين وجواسيسهم في المدينة، ومثله يحتمل ان يتعرض لتحرياتهم ومداهماتهم. ثم ان له حجته ليغادر فهو يعمل في بيروت والطريق إليها لم تعد بعد الاحتلال سلسة ولا مأمونة، يعمل في «السفير» الجريدة المعادية فوق العادة للاحتلال وقد يشتبه الاسرائيليون في انها اكثر من صحيفة للرأي ويحتملون ان تغدو ايضا، على اي نحو، موقعاً للمقاومة.
لم يغادر ناجي العلي في حين قدرنا جميعاً انه سييفعل، هكذا يستوجب عمله وأمنه وفنه ايضا. سيكون حراً اكثر، إذا غادر فضلاً عن انه يرسم لأكثر من جريدة عربية وفي بيروت يضمن اكثر دوام الاتصال بها. وبخلاف الفيلم السطحي الذي لعب نور الشريف منه دوره كان ناجي العلي ميسوراً من عمله، بل وجنونه بالعمل، كان قادراً على ان ينتقل الى ستديو في بيروت، وهذا بالطبع عملي اكثر. لكن ناجي العلي ظل في صيدا وأنا ايضا عدت الى صيدا بعد شهر في سجن اسرائيلي، وكنا نترافق في سيارته صباحاً ونترافق في العودة التي لا تعدم ان تكون في ساعة متأخرة في الليل.
أما لماذا بقي ناجي العلي فهو لم يقل، وأنا لم اتعجب من قراره مثلما اتعجب الآن، فقد كان ايضا قراري. لم يقل ناجي العلي وليس غريباً ان لا يفعل فهذه أمور لا يحسن ان يقولها، هذه أمور صعبة على منطقه (من النطق) ولا تسلس للسانه. من يعرفون ناجي العلي جيداً يعرفون انه لم يكن وعراً إلا في عبارته. لقد ابقى على لهجة المخيم صافية، ولم يتأثر بلهجات المثقفين الذين عاشرهم، والتي كانت في الغالب تميل الى تشذيب اللفظ ومجاراته لنطق الفصحى والتحرر من محليته المفرطة. وكان يتراءى لي ان ناجي العلي لم يفعل ذلك عن غفلة، لقد قصده بوعي او بغير وعي. شاء ان يحتفظ الى الابد باللهجة التي كانت له وهو عامل ليمون في المخيم. امانة اظنها أبرز اخلاقه، لقد كان امينا بالدرجة الاولى لنشأته وناسه وكل ما اعتقده صحيحا، وان كان احياناً كلمات مفردة لم تترجم في رأسه الى اي شيء. لم يقل ناجي العلي لماذا لم بقي في صيدا، لكني اخمن انه بقي بنوع من التحدي لنفسه اولا. بقي كالتزام صغير بمكانه وناسه. لعله لم يرد نزوحا ثانياً، لكن الاكيد ان ناجي العلي كان في لهجته الوعرة وربما تضاريس وجهه الناتئة الصخرية شبيها بالارض. كانت لغته لا لهجته فحسب عامة وفقيره كأن ليس فيها اي شيء شخصي، وكأنها ملمومة عن التراب، لغة غبراء لم تصقل على الاطلاق. لغة لم يتح لها ان تقوى وتنمو فبقيت ضعيفة معدمة كالأكواخ التي خرجت منها. ومع طول ما عاشر ناجي العلي فإنه لم يقومها. كانت بالتأكيد مخيمه الدائم وكوخ الصفيح الذي له يحمله دائماً في نفسه.
كنا نترافق كل مساء، او كل ليل في عودتنا الى صيدا. كانت نفسي، ولست وحدي في ذلك، فائضة بنقد المقاومة الفلسطينية، وكان يسمع إليّ والى سواي منصتا بأناة طويلة وتفهم. لا اشك ان ناجي العلي يجيد الاصغاء لكنه بالتأكيد لم يكن صاحب جدل. لا بد انه تورع غالبا عن احابيل المناظرين وحيلهم، فقد كان «تقياً» في السياسة ومباشراً، لا يظن الحق الا صريحا ومعلما والطريق إليه مستقيمة ولا حاجة لتحريه او تطويقه والالتفاف عليه. يرى الحق ولو اطبقت عليه النوافذ ببساطة الطفل الذي رأى الفيل في جوف الحية التي يحسبها غيره قبعة. لا بد ان كل هذه التغليفات لا تخفي عنه الاساس، والاساس يعرفه ناجي منذ ولدته أمه ويعرفه ابوه وجده ولا يزيغ عنه احد. هل هذه هي الشعبوية فيما قيل بعد ذلك او الراديكالية او حتى الأصولية. لا اريد ان انفي او اثبت، فأنا لا اعالج هنا اتجاهات يسهل فرزها، بل بشر يمكنهم ان يكونوا هذا وذاك، ومن منا ليس فيه طرف من شعبوية او اصولية او راديكالية. لم يشك ناجي العلي في الحق الصراح لكنه لم يشك في ان الطرق إليه صريحة ايضا. ولا اظن الا انه كان يضيق ايضا بجدل الاصوليين اذ لم تكن طرقهم صريحة واذ موهوها بالحق. ناجي كان يصغي بأناة وصبر لضيقنا بالمقاومة الفلسطينية، لانه كان غاضبا ايضا. ولانه مثلنا رآها تمتد على حساب مجتمع وناس وأرض. ولانه مثلنا رآها تتجبر بالسلاح على حياة اللبنانيين وتسوسهم بالاذعان في أرضهم ومناطقهم. اذا كان للنزاهة ان تكون شيئا بذاته، وان تستقل حتى عن المواقف والآراء، فإن ناجي العلي كان النزاهة عينها. لم يكن صاحب جدل، لكنه ايضا لم يكن صاحب تسويغ. كان يرى الاشياء كما هي في عينه ولا يركن الى من يريدون تمويهها بقشة ايمان او قشة تبرير. لقد رأى ما رأينا ولانه مستقيم ومباشر فقد كان جرحه اوسع، كان عاريا بدون غطاء ولا تورية. لقد رأى الاحتلال ينزل بلبنان واللبنانيين وشعر على الاغلب بذنب تجاه نفسه وتجاه غيره، ومنذ تلك اللحظة طفق يعتذر في كل حركة وسكنة. كان يبالغ احيانا في اعتذاره ويبالغ في لوم نفسه ويبالغ في عذر غيره. لا اريد ان اذكر بعض شطحه لكني اذكر واحدة او اثنتين من بوادر هذا الاعتذار. كنت ارجع بصحبته في أواخر الليل فيتقصد ان يتوقف لواحد من «مقاطيع» الطريق. الوقت وقت احتلال والأمن مضطرب والحذر واجب، لكن ناجي لا يخاف، لان طرق الخوف مواربة وملتوية ولا يسعها مبدأه ولا نفسه او عقله. ناجي يتوقف لأي كان ويحمله معه، ويروح منذ ذلك الحين يتكلم فلسطينيته النافرة الصريحة التي لا تخطئها الاذن، قاصدا بالتأكيد ان يعلن عن أصله ليبرز وجه الفلسطيني الطيب، ربما هكذا ليرفع عن اللبناني بعض ما احتمله من ظلم. تلك بالطبع لعبة بالرمز، لكنها كانت طريقته في الاعتذار فليس الوقوف في وحشة الليل والطريق سوى تطهر من ذنب اصلي بالمعنى المسيحي للكلمة، ذنب لم يقترفه ناجي لكنه يحسب انه اقترف باسمه، وانه يحمله على رأسه وعليه ان يتطهر منه باسم الجميع.
هذه واحدة اما الثانية فهي بالفعل حكاية، انها بالكاريكاتور وتصلح ان تكون اصلا بعيدا لطاولات الحوار اليوم. فقد حمل هوس الاعتذار ناجي على ان يجمع الفلسطينيين واللبنانيين في مجلس واحد. لا يزال حازم صاغية وحمزة عبود ومحمد العبد الله وحسين داوود وبسام حجار وأنا. كان جوزيف سماحة ايضا معنا ـ يذكرون كيف جلسوا وحدهم على المائدة، فيما حضر فلسطينيون من المخيم مع اعوادهم وآلاتهم الموسيقية وأغانيهم. لا اعرف للآن لماذا لم يجلسوا معنا ولماذا جلسوا قبالتنا يلعبون بآلاتهم ويرددون اغانيهم وكأنهم بذلك يروّحون عنا. لا اعرف اذا كانوا في اساسهم فرقة، لكني افكر ان ناجي كان هكذا يحلم بضيافة مثالية، الفلسطينيون يستضيفون اللبنانيين بدل من ان يكونوا ضيوفاً عليهم. ضيافة لا يمكن ان تتجلى الا بفرز الضيف من المضيف، الا بأن يقوم المضيف على رأس الضيف يروح ويجيء في خدمته، لم يأكل الفلسطينيون كأنهم هكذا يضعون الحد واضحا بين الضيف والمضيف فلا تكون بينهما خلطة. غنى الفلسطينيون لكن موسيقاهم لم تكن لتستهوينا وخاصة ان اغلبها كان من حواضر المقاومة، التي إن وجدت من يقبلها سياسياً وعسكرياً على مضض، فلن تجد بيننا من يجيزها فنيا، بل انها الموسيقى التي طالما اعتبرناها تهريجا موسيقيا، وطالما استدعيناها للضحك من الغناء والموسيقى. كان واضحا ان هذا أمراً لم يلحظه ناجي، الذي يطمع في ان يقدم لأهل قلم وفن حفلة فنية، والارجح انه لم يكن داريا بكل هذا الجدل حول الموسيقى، ولربما لم يخطر له ان لنا هذا الذوق الكاره لفن الشعب. كان الاحتلال الاسرائيلي لا يزال قريب العهد ولا تزال رضته طرية فلا عجب ان نعاف فنا، يتغنى بسلاح جرنا الى هذه الكارثة بعد أن باعنا أكثر الأحيان مرجلة زائفة. لنقل ان اغلبنا بقي على المائدة وتمسك بها، ولم يزحه عنها فن لا يجده مستحقا. استمر في المضغ مديراً ظهره للفنانين غير آبه بهم. لعله فعل هذا عن عمد، هكذا وجد بين المائدة والصالون وهما قاعة واحدة مساحة صمت وعزلة. استحى اثنان او ثلاثة فغادروا المائدة وجلسوا قبالة الآخرين، تضحية لم يرض بها الجميع. اكثرنا اراد ان يقول ان المخيم آخر احلامه وما كان ينقصه الا هذا. لم تنجح محاولة ناجي في إقامة أي اتصال بين الجماعتين، لا اعرف اذا كان وعى هذا ام لم يعه، لم يحدثني عنه، ولا يتوقع من ناجي هذا النوع من المراجعة. اذ الكلام عنده ايضا في القصد المباشر ولا يدور في الضواحي الخلفية للحدث او الفعل، انه جزء من الفعل نفسه.
ارجع الى وقت ابعد. يوم اتوا لنا في الكلية الجعفرية «صور» بناجي استاذا للرسم. كان شاباً وقتها وكنا فتياناً. لم يخطر لاحد يومها ان ناجي سينصرف الى الكاريكاتور اذ لم يكن عليه اي امارة تدل الى ذلك. كان لطيفا بالتأكيد ولا يجعل من الاستذة درجة على طلابه، لكنه كان بالرغم منه على شيء من الجهامة، ولا يفتقر الى امر افتقاره الى الفكاهة والاضحاك. كان الجد عينه. عني بأن يجعلنا نرسم ونجح، وجعل للرسم ركنا في تلك المدرسة وفي حياتها. اذكر انه نصب في مدخلها لوحاً جعل يعرض عليه رسومه ورسوم طلابه. كان يكثر من رسومه ويبدلها بسرعة، فالأرجح ان حميته للرسم كانت هي تلك التي لاحظناها عليه فيما بعد، يرسم كما يعيش او يعيش بالرسم. اما اللافت فهو انه كان لا يتوقف عن رسم نفسه وهذه نادرة من شخص لا يدل شيء في مظهره او حياته، على افتتان بالذات وميل الى استعراضها. اما الرسوم التي طالما استوقفتني فقد كانت ـ للمفارقةـ تظهره غالبا من الخلف، من ظهره وقفا رأسه، ماشيا كعادته مهدلا كتفيه مطرقا بوجهه. كانت رسومه نوعا من مرآة خلفية له، واذا كان بطلها الا انه في الغالب بطل بلا وجه. واذا كان يعرض شخصه فقد كان يعرضه بنوع من الانكار والتمويه غارقا في نفسه وجسمه مهجورا على الرصيف، غير ملحوظ من احد. تلك كانت بادرة التهكم الوحيدة التي امسكناها عليه حينها ولم نسبر عمقها في نفسه. اما الملاحظة الثالثة والأهم فهي ان صورته الذاتية من الخلف كانت، في تهدل الكتفين وانتكاس الرأس والمرأى من الخلف، اقرب ما يكون الى ما صاره، فيما بعد، شاهد ناجي في كاريكاتوراته، ذلك الصبي الذي يراقب في الطرف، والذي كان اشبه بتوقيعه الخاص، اي حنظلة.
لم يتوخ ناجي ان يكون رسام كاريكاتور، لقد صادف ذلك وبقي عليه، هكذا قال لي، ولا اعرف إذا ظل يجد نفسه كاريكاتوريا بالاضطرار والمصادفة، واذا ظل يشعر انه هكذا ابتعد عن طريقه. لا اذكر انني رأيت في تلك المرحلة لناجي «رسماً وطنياً» على غرار اعمال إسماعيل شموط الرائجة يومذاك. كما لا افهم كيف انتقلت صورته ماشيا الى صبيه حنظلة. كنت كذلك احتاج الى معرفة اكثر بناجي لم يكن صمت ناجي وعموميته الكلامية يبيحانها لاحد.
لا نجد في رسوم ناجي فكاهة وهزلا كعهدنا بالكاريكاتور، لكننا نجد اكثر جدا صارما انقلب مرارة وسخرية انتقامية اشبه بالفضح والمحاكمة والادانة الصريحة. اذا كان رسام الكاريكاتور يلهو بمفارقات في الهيئة والموقف فإن ناجي العلي كان يجد في الواقع نفسه مفارقة صارخة لاتحتاج الى تفنن. عدا «حنظلة» نجد في رسومه ذلك التثبيت على الموقف نفسه والاشخاص اياهم. اما الموقف فهو الفضيحة نفسها التي لا تني تتكرر. انها تراجيديا البؤس الشعبي وتخاذل وتسلط وانتهاز وجشع السادة. لا يحتاج ناجي الى تخصيص ولا يحتاج الى إفراد ولا يحتاج الى تجزيء. الفدائي والعامي والمستبد والجشع والانتهازي، انها رسوم متسلسلة تقرب من ان تكون شريطا للصور المتحركة وهي تواصل حكاية موازية للواقع، بل كناية واحدة تقريبا عن الواقع تنشئ، في تحركها وانتقالها، سرديتها الخاصة. لا نجد هنا اشخاصا معلومين بقدر ما نجد كليشيهات، الفقير والغني المواطن والحاكم... ولا نجد احداثا بعينها. ان لم يفت ناجي الالماح الى احداث كبرى، الا ان رسومه ليست في اساسها تعليقات على احداث، هناك دائما الحدث الاصلي وأبطاله الدائمون. هناك دائما الواقع في استعارة شاملة. هناك دائما الصراع في ثنائياته الخالدة. اما الغريب فهو ان يحصل ذلك من فنان له هذه المقدرة على البورتريه كما لاحظنا، بل المقدرة على بورتريه مسكون باللحظة والمفارقة الداخلية. الغريب ان يتنازل ناجي عن تلك الخبرة التي في اصابعه، ان يضحي طوعا بريشته تلك، في سبيل ما بدا له تعليما اقوى ورسالة اكثر فاعلية. لقد عمد الى تبسيط وتعميم وتكرار وتثبيت، السنا امام عناصر البروباغندا الثورية نفسها، السنا امام الاتهام الشعبي المثابر، السنا امام الفضيحة الدائمة. لقد دمر ناجي العلي كل التفاصيل قاصدا ومباشرة الى ما اعتبره الاساس بل هو ساهر على هذا الاساس، على الوصية الاصلية، من خشية ان تعميها التفاصيل والتشعبات. ليس للاستبداد وجه وليس للبؤس وجه وليس للخيانة وجه وليس للحكام وجوه، ان لهم جميعا تلك الاقنعة التي نعرفها في الكوميديا دولارتي، ولا بد ان يعيدوا اللعبة التي لم يكفوا عنها، ومن العبث تضييعها في اليوميات السياسية والتفاصيل والتعليقات الجزئية. هل يمكن ان نتكلم في هذه الحال عن كاريكاتور ضد الكاريكاتور او عن فن شعبي اكثر منه كاريكاتورا، او عن نوع من سردية خاصة قريبة من شريط للصور المتحركة. لكن يفوتنا هكذا ان ننبه الى ان هذا هو فن المخيم. ليس المخيم الا الاستلاب الذي لا يبقى فيه محل لوجه سوى ذلك التعميم الطامس. المخيم الذي هو تأكيد تكراري لفضيحة اصلية، وحدث مأسوي لكـل يوم، وانسـلاخ عن كل انا وكل فردية، وزمن سلبي بلا أي راهنية. هل كانت رسـومات ناجي العلي نوعا من جداريات متسلسلة لفن المخيم.
رسم ناجي العلي باللغة التي يعرفها، لغته العامة القصدية المباشرة. لكنه رسم كل عذابه مع هذه اللغة وعذابه مع التعميم في صبيه «حنظلة» الذي لا اشك في انه هو، مديرا ظهره مؤكدا على فرديته، شهادته الخاصة، ومتواريا في ذات الوقت عنها. على ان المدهش والغريب هو ما ينبجس في هذا العموم من مخيلة دفاقة عامرة بالمفارقة والسخرية السوداء والالمام الشعري. مخيلة لا تتكافأ مع العموم والتبسيط والكليشيه، وكأنها آتية من سجل اخر. بل هي فعلا من فن سابق على الامثولة الشعبية، فن في الاصابع اكثر مما هو في اللغة. حين نرى قدمي التمثال المليئتين بالدم، او السحّاب الذي يدرز صف الافواه المسلسلة، او الرقط العائدة على المياه، حين نرى ذلك لا نخطئ اذا تذكرنا ماغريت والسيريالية (بالطبع لم يعرف ناجي ماغريت). لا نخطئ اذا فكرنا بالتضحية التي قام بها ناجي ليعطي رسالته اولوية على نفسه.
روى لي ناجي كيف كان يعود مساء بعد مساء الى بيته القائم في مجمع سكني ليجد نفسه في الطابق نفسه لكن على غير بابه، فقد سلك خطأ الى مبنى اخر. لم يعرف سوى ان يرسم، كان بالتأكيد محاربا في رسمه ومع الوقت والعزلة والمنفى صار في الغالب انتحاريا. لم يكن لكل هذه الاستقامة سبيل اخر، كان لا بد للرصاصة ان تأتيه من بيت ابيه، حين انتقل كما ينبغي من فضيحة الواقع الى فضيحة الثورة. تأملوا ما يجري اليوم في الساحة الفلسطينية، لن تجدوا سوى «حنظلة» شاهدا.
air max 98