شكل .. اللوحة الفنية في موضوع الكاريكاتير

قيم هذا الموضوع: 
لا يوجد تقييمات
المصدر: 
جريدة الصباح - العراق
الكاتب: 
صلاح زينل
يقول الفنان العراقي الراحل حافظ الدروبي”  لافرق عندي بين الصورة الفوتوغرافية واللوحة الفنية الا بقدر ماتشدني اليها “ .. اي ان قوة الشد واستلاب النظر من المشاهد هي القيمة الفنية التي يبحث عنها الفنان التشكيلي سواء أكان هذا الفنان مصوراً فوتوغرافياً أم مصوراً يدوياً” رساما “ وكذلك لافرق في ان يكون الفنان يرسم لوحة فنية اعتيادية ام لوحة رسم كاريكاتوري؟
 
الاديب العربي الكبير نجيب محفوظ يقول: الشكل .. ثم الشكل هو أهم مقومات العمل الادبي والفن الناجح.
كما ان كبار مصوري الافلام العالميين يؤكدون على قيمة الشكل في اختيار المنظر بابهى صورته.أقول هذا وانا ارى العديد من الفنانين وخاصة بعض رسامي الكاريكاتير لايهتمون كثيراً بالشكل ـ شكل اللوحة الفنية بنيوياً ـ الذي يشد المشاهد نحو هذا النتاج الفني من أول وهلة، أي ان الفكرة احياناً تنفذ بشكل يبعد من فحوى التواصل للفكرة مع المتلقي وبالتالي يقلل من قيمة العمل الفني. وبهذا فان الفنان ـ وربما لاهتمامه الكبير بالفكرة ـ ينسى او يتناسى ان للمشاهد الحق كل الحق في ان يرى رسماً جميلاً يحتوي فكرة أجمل.. وقد سمعت الفنان الكبير فائق حسن يقول” ان هناك تخطيطاً كاريكاتيرياً.. وهناك لوحة كاريكاتورية “ .. يعني ان بعضهم يقول ويعبر في ذلك.. ان كاريكاتيرياً مجرد تخطيط .. وبعضهم يقول ايضاً ان هناك تخطيطات في لوحة الكاريكاتير وفيها موضوع متكامل تجعل منها لوحة.
وبعضهم يفرق بين الاثنين” التخطيط واللوحة “ ليقول بان الرسم الاعتيادي ايضاً فيه تخطيط وفيه لوحة متكاملة وهناك تخطيطات بسيطة” مونثيفاث “ وهناك” لوحات تخطيطية “ لكن الكاريكاتير الذي نراه في العديد من الصحف ـ محلية ودولية ـ هو عبارة عن مساحة محددة بأطار يمكن ان نطلق عليها انها لوحة وذلك بفعل المساحة الممنوحة  والاطار المحدد لها رغم اننا نرى هذه المساحة مملوءه برسم بسيط الخطوط  ملوناً أم بلون واحد ورغم ان بعض النقاد لايحبذون هذا النوع من رسوم الكاريكاتير على اعتبار ان الكاريكاتور رسالة مهمة يجب احترامها من خلال الفكرة والتنفيذ معاً، اي ان التنفيذ هنا هو العمود الفقري لايصال الفكرة بأحسن مايكون على اعتبار ان رسام الكاريكاتير هو فنان تشكيلي لديه القدرة على توظيف موهبته في مجال صناعة اللوحة الفنية.ان للثقافة الفنية والعامة دورها في بناء شخصية الفنان الذي يجب ان يكون ذا اطلاع وتجديد مستمرين لتنويع نتاجه الفني وتطويع قابلياته الابداعية على استلهام كل القيم الشكلية والجمالية من أجل انجاح العمل الفني. وهذا موجود ايضاً في الصورة الثابتة والمتحركة.. فالمصور الفوتوغرافي الفنان يجب ان يتحسس مواقع الابداع في بنائه للصورة وكذلك توزيعها الانشائي المتكامل، كما ان عليه ان يأخذ بنظر الاعتبار اشياء اخرى مهمة مثل التوزيع اللوني ومحدودية مواقع الالوان الحارة وكذلك مساحات الالوان الباردة والتنسيق  بينها، اما بالنسبة للوحة المتحركة فلها مقوماتها ايضاً مثل سرعة ظهور هذا اللون او ذاك وكذلك متى يتلاشى هذا الشكل او تلك الكتلة وكذلك الامر بالنسبة لملابس الشخصيات. اذ يقول المصور العالمي جاك هلديارد ـ وهو ابرز مصوري القرن العشرين ـ وصاحب افلام” جسر فوق نهر كواي ـ الرسالة  ـ عمر المختار … الخ “ :
على المصور ان يدور اولاً حول الشكل المراد تصويره دورة كاملة في كل خطوة يخطوها مقترباً ومبتعداً نحوذلك الشكل !
ولكي لانبتعد كثيراً عن لوحة الكاريكاتير نعود فنقول ان هناك امثله عديدة على الاهتمام باللوحة الكاريكاتيرية قديماً وحديثاً.. فالفنان الفرنسي” دوميه “ الذي يعتبر ابو الكاريكاتير الروحي كان يهتم باللوحة وكأنها مخطط لمشروع كبير. أما صاروخان الذي عمل في العراق وقبلها في مصر وهو أرمني الاصل فان رؤيته للوحة الكاريكاتير كانت ضمن الموضوع المراد تنفيذه فكل لمسة فرشاة على وجه الشخصية المرسومة كانت كأنما تقول لنا شيئاً.
اما( غازي) فقد كان الفنان الوحيد ـ بنظري ـ الذي اهتم بالشكل على حساب الفكرة !
ولكن إذا تفحصنا لوحات الفنان مؤيد نعمة نراه قد اهتم ايما اهتمام باللوحة مجتمعة فكرة وتنفيذاً وباسلوب جميل وخطوط متناسقة تشد الناظر وتمنحه احساساً بان هناك تفاصيل كثيرة تجعله يتمنى ان يكون فرداً داخل هذه اللوحة.ولدينا اليوم نموذجان مهمان على اللوحة الناجحة تخطيطاً وفكرة اولهم رسامنا المبدع ضياء الحجار. فعندما يتأمل الرائي لوحات ضياء الكاريكاتيرية يرى امامه موضوعاً فنياً متكاملاً خطط له الفنان كثيراً ودبر ووضع حجراً فوق حجر باسلوب سلس وخطوط انسيابية مستفيداً من خبرة كبيرة وتاريخ فني طويل امتد لما يقرب من اربعة عقود من السنين فاللوحة عند ضياء الحجار متحركة كالسيناريو وكل شخصية لها مكانتها ودورها في شد المشاهد وبلورته نحو الموضوع الاساس دون المساس بالفكرة العامة.كما ان لوحات الحجار الكاريكاتيرية ترسل للمشاهد مفادها ان للمشاهد الحق بأن يفخر بهذا العمل الفني المتكامل.اما فناننا الثاني فهو الرسام العربي الليــبي ( محمد الزواوي) فهذا الرجل الذي يعيش  على ساحل البحر الابيض المتوسط يكاد يقول في لوحاته بأن لوحة الكاريكاتير لاتقل جودة وعظمة من نظيرتها اللوحة الفنية الاعتيادية.فالزواوي يقدم في اعماله لوحة مكونة من عدد من الشخصيات بتناسق جميل وتوزيع فني اخاذا زائداً موضوعاً لايقل ابداعاً عن بقية مقومات اللوحة موظفاً اياها لبلورة عمل فني يستند على شيء. جميل جداً  يأسر الناظرين الا وهو توزيع الظل والنور على مفردات العمل الفني.
اخيراً فان اللوحة الفنية هي كل عمل فني ابداعي يحتوي على خطوط والوان.. اولون واحد معززاً بفكرة محددة، واقعية كانت ام فلسفيه توصل رسالة ماللناظر وتحدث فيه تأثيراً معيناً. واعتقد بأن اللوحة الكاريكاتيرية الناجحة ليست بعيدة عن هذا التعريف.
Zoom Kobe Venomenon VI 6

معرض الصور