صاحبة أول كرتون عن اللاجئين الفلسطينيين أمية جحا.. متهمة بالإرهاب ومعاداة السامية

قيم هذا الموضوع: 
لا يوجد تقييمات
المصدر: 
موقع إسلام أونلاين
الكاتب: 
على عليوة

يعد عرض أول فيلم كارتون عربي يتناول قضية اللاجئين الفلسطينيين بعنوان "حكاية مفتاح" للفنانة الفلسطينية المعروفة الدكتورة أمية جحا في مقر اتحاد الأطباء العرب في القاهرة والذي شهده جمع من الإعلاميين والسياسيين والفنانين حدثا فنيا مهما؛ يعد نقلة نوعية في تجسيد الصراع الثقافي مع العدو الصهيوني وتصدى بشكل فعال لمحاولات تهويد ثقافة الطفل العربي ومحو ذاكرته التاريخية.

وفي مقابلة مع الفنانة أمية شرحت لنا سبب تأخر العرب في مجال أفلام الكرتون، وتأثرها بالرسام الموهوب ناجي العلي الذي دفع حياته ثمنا لدفاعه عن قضايا أمته، وأنها هي الأخرى تدفع راضية فاتورة تبنيها من خلال أعمالها الفنية قضية وطنها السليب فلسطين؛ فهي علي القوائم الإسرائيلية للممنوعين من دخول الأراضي الفلسطينية المحتلة وتتهمها سلطات الاحتلال بالإرهاب ومعاداة السامية وتنتظر الاعتقال إذا دخلت من أحد المعابر الإسرائيلية. وإلى تفاصيل الحوار...

 

*كيف كانت بداياتك مع فن الرسم والكارتون؟

- البدايات كانت منذ الطفولة حيث كنت أهتم بالرسم والفن التشكيلي خلال مراحل التعليم الابتدائية والإعدادية والثانوية، وعندما وصلت إلى المرحلة الجامعية انتقلت إلى فن الكاريكاتير، وقد تأثرت بالفنان ناجي العلي ومحمود كحيل بشكل كبير، وكان خبر اغتيال ناجي في لندن وأنا في الخامسة عشرة من عمري ذا أثر كبير في حياتي؛ فقد دفع حياته ثمنا لأداء هذه الرسالة والقيام بهذا الواجب، جعلني هذا أوقن أن الفن ينبغي ألا يكون لطلب الشهرة وإنما رسالة يؤمن بها الإنسان.

بدأت برسم الكارتون خلال السنة الأولى بالجامعة وكانت رسوماتي سببا في أن يصبح لي شعبية في سنوات الدراسة بين الطلاب والطالبات والأساتذة، ولم يكن في تلك المرحلة أي اهتمام من العائلات أو الأسر بشيء اسمه الرسم؛ لذلك رفضت عائلتي أن ألتحق بإحدى الكليات التي تهتم بالرسم وتدرسه؛ لذلك درست الرياضيات وحصلت على تقدير ممتاز مع مرتبة الشرف. كان لدراسة الرياضيات تأثير في موهبتي لأن الرياضيات تحتاج إلى إبداع وابتكار، والكاريكاتير يحتاج أيضا إلى إبداع في تجسيد قضية ما.

الكارتون الأجنبي

*ما هي مخاطر الكارتون الغربي المدبلج على الطفل العربي والمسلم؟

- عندما انطلقنا بفكرة مشروع إنشاء شركة لإنتاج رسوم الكارتون كان ذلك نتيجة إحساسنا بالخطر الذي يتعرض له أطفالنا بسبب مشاهدتهم للكرتون الأجنبي وقيمه شديدة السلبية التي من شأنها التأثير على الهوية الثقافية العربية والإسلامية لهؤلاء الأطفال ويعرضهم لما يمكن تسميته بالتغريب الثقافي. فالدول العربية أصبحت سوقا رائجة لهذا الإنتاج، سواء كان يلائم بيئتنا وثقافتنا أم لا، وهي غالبًا لا تلائم؛ لأنها مليئة بثقافة ومشاهد العري والعنف والاختلاط الفاحش وغيرها حتى بدت هذه الأمور وكأنها مسلمات طبيعية.

لذلك قررنا أن تكون هذه الشركة صاحبة رسالة وأمانة لإمتاع المشاهد بالمتعة الطيبة المنضبطة بقيم ومفاهيم الإسلام واحترام العادات والتقاليد والأديان مع التركيز على قضايا الأمة وأساليب نهضتها.

الفن والسياسة

*هناك مقولة تقول "إن الفن يستطيع أن يفعل ما لا تفعله السياسة"؛ فما رأيك في تلك المقولة؟

- ربما كنت أتوقع في كل مرة من المرات أن يؤثر الفن، وأحيانا عندما كنت أرسم أقول لنفسي ماذا ستفعل هذه الخطوط هل ستغير من الأوضاع السياسية أو من قناعات الناس، وعندما كنت في أحد معارضي قال لي أحد المتفرجين "رسم جيد ورائع ولكن ماذا بعد ذلك؟".

كانت إجابتي له إن كل إنسان عليه أن يؤدي دوره؛ لأن هذه هي رسالته على الأرض، وإذا استطاع التأثير في غيره بالإيجاب ولو بالقدر القليل فقد أدى ما عليه، المهم أن رسالة الفنان ستؤثر حتما؛ لأنه من غير المعقول ألا يكون لها أي تأثير على الإطلاق ما دام أنه في النهاية يعرض فنا محترما ملتزما ويتناول قضايا الشعوب العربية والإسلامية وغيرها من الشعوب المظلومة وليس قضية فلسطين فقط.

*برأيك لماذا تأخر العرب في مجال إيجاد شخصية كارتونية تمثلهم وتعبر عن ثقافتهم وتعالج همومهم وقضاياهم؟

- لأن العرب لا يهتمون بوضع الخطط الإستراتيجية اللازمة للنهوض الثقافي والفني كما تفعل ذلك دول الغرب؛ فمثلا نجد البلدان العربية تصرف مليارات الدولارات على استيراد الأفلام والبرامج والكارتون الغربي رغم أن هذه المنتجات الثقافية تعكس رؤية وثقافة مختلفة قد تتصادم مع ثوابتنا الدينية وتقاليدنا وعاداتنا.

إلى جانب ذلك هناك سيل من الفن الهابط والعري والأفلام المعوقة للتفكير والإبداع والتي تسطح وعي وأفكار المشاهد وتشجع على إشاعة الفاحشة، وبهذا فهي تقوم بدور سلبي وترجع بالمجتمع إلى الوراء بدلا من أن تساعده على التقدم والنهوض.

ومن أسباب التأخر العربي في مجال الكرتون عدم وجود الدعم المالي لمثل هذا النشاط، والأموال العربية تذهب للأسف إلى مجالات أقل أهمية ولا يتم توجيهها لمجال صناعة أفلام الرسوم المتحركة التي تخلفنا فيها كثيرا عن الغرب الذي تجاوز مرحلة أفلام الكرتون ذات البعدين إلى الأفلام ذات الأبعاد الثلاثة وأخيرا الأبعاد الأربعة ونحن ما زلنا نحفر في البعدين.

تهويد العقل الفلسطيني

*تبذل إسرائيل جهودًا كبيرة لإعادة كتابة التاريخ الفلسطيني طبقًا لوجهة النظر الصهيونية باستخدام الإعلام وأفلام الكرتون لمحو الذاكرة التاريخية لأطفال فلسطين؛ فما هو دور الكرتون والكاريكاتير في حفظ الهوية التاريخية لهؤلاء الأطفال؟.

- ربما يجيب على هذا السؤال ذلك العرض الذي قدمناه لفيلم "حكاية مفتاح" في مقر اتحاد الأطباء العرب في القاهرة في وجود الإعلاميين والنقاد والسياسيين، وقد أنتجنا هذا الفيلم خصيصا لتبقى قضية اللاجئين حية في وعي وذاكرة أبناء فلسطين في مواجهة المحاولات الإسرائيلية لمحو هذه الذاكرة وتهويدها.

الفيلم استغرق ما يقرب من 6 أشهر من العمل المتواصل؛ لأننا أردنا فعلا أن نزرع في الطفل الفلسطيني المفاهيم الوطنية الأصيلة وأن يكون على دراية بكل ما يمس قضية وطنه فلسطين وأن يتفهم فعلا حقيقة ما فعله الاحتلال وارتكبه من جرائم. والذي حفزنا على ذلك أننا نجد الإسرائيليون يزرعون في أطفالهم منذ نعومة أظافرهم كراهية العرب والمسلمين وتزوير التاريخ والواقع، أولَى بنا نحن أصحاب الأرض أن نزرع في نفوس أطفالنا، لا نقول كراهية اليهود؛ لأننا لا نعادي أديانا، ولكن كراهية المحتل الغاصب الذي قام بتهجير الملايين من أصحاب الأرض إلى خارج فلسطين وضرورة أن ندافع ونستمر في المقاومة.

*من المعلوم أنكم استدنتم حتى تستطيعوا إنتاج هذا الفيلم الكرتوني الجيد؛ فأين دور المستثمرين ورجال الأعمال العرب؟

- هذا السؤال كان كل فرد من أفراد الفريق يسأله لنفسه ولزميله؛ حتى إنني فكرت في إرسال دعوة على الإنترنت لكل أثرياء العرب حتى يستثمروا أموالهم في خدمة قضايا الأمة، وهم لن يخسروا بالتأكيد؛ لأن ما لديهم بفضل الله كثير.

فكرنا في اللجوء إلى وسائل الإعلام لطرح مشكلة التمويل، ولكننا تراجعنا ربما لأن وسائلنا الإعلامية ليست بالتأثير المطلوب وكذلك لم نطرق أبواب هؤلاء الأغنياء، وأتمنى أن تكون هذه المقابلة طرقا خفيفا على الأبواب وأن نجد آذانا صاغية لمن يريد أن يستثمر في هذا المجال التربوي المهم ويتاجر مع الله سبحانه وتعالى تجارة رابحة لا تبور.

خصومة مفتعلة

*في رأيك لماذا عجز الإعلام العربي عن تسويق قضايانا العادلة، في حين نجح الإعلام الغربي والصهيوني من خلال الصورة والرسم الكاريكاتيري والكرتون في تصوير الباطل على أنه حق وأن المقاومة إرهاب؟

- الإعلام العربي تتحكم فيه الأنظمة العربية، وبعض هذه الأنظمة تحكمه بشكل غير مباشر السياسات الأمريكية، وأمريكا تدعم كل ما يخدم إسرائيل، وبالتالي فمن الطبيعي ألا نجد اهتماما بالقضايا العربية بشكل قوي ومحفز للجماهير العربية. إلى جانب أنه لا توجد إستراتيجيات إعلامية عربية، ونفتقد للكوادر الإعلامية الجادة ونفتقد أيضا إلى النوايا الخالصة وإلى الدعم المالي لشركات الكارتون العربية لتجويد إنتاجها وزيادته.

أضف إلى ذلك أنه لا يوجد محطات وفضائيات عربية تقوم بعرض مثل هذه الأفلام والرسوم والكارتون الذي يخدم أعمال المقاومة ويصاحبها، ونحن نتمنى أن يتم عرض الفيلم الذي أنتجناه مؤخرا "حكاية مفتاح" في الفضائيات العربية، خاصة أنه لا يوجد في الفيلم ما يمس بسياسة أي دولة عربية على الإطلاق حتى عندما نتحدث عن الاحتلال قلنا العدو.

"الخصومة بين الكاريكاتير أو الفن والقضايا العربية الإسلامية بشكل عام" مقولة يرددها البعض، سواء من المتشددين أو من الذين لا يؤمنون بأن الفن يمكن أن يكون له رسالة فما هو تعليقكم؟

أعتقد أن الأنظمة العربية ليست هي فقط التي تطحنها الفرقة، بل إن الفنانين العرب أيضا متفرقون، فعندما أنظر إلى مجال رسوم الكارتون لم أجد للأسف الشديد أي شركة عربية لرسوم الكارتون ترغب في التعاون معنا رغم أننا عرضنا ذلك وعبر العديد من المراسلات معهم لإيجاد نوع من التعاون المشترك على مستوى الوطن العربي.

وقد سبب لي ذلك الكثير من الألم والحسرة، خاصة أن شركات الكارتون التي راسلتها لم تقم حتى بمجرد الرد على مراسلاتي لهم؛ لذلك فنحن أمام جهود فردية مبعثرة ويسيطر عليها السعي ليس بمفهوم التنافس ولكن بمفهوم السيطرة؛ فالكل يريد أن يكون هو وحده على الساحة وهذه مصيبة كبرى.

الخصومة بين الفن الملتزم وتناول القضايا الإسلامية والعربية هي خصومة مفتعلة، وهناك العديد من الاجتهادات الفقهية التي تؤكد أن الفن الجاد يمكن أن يسهم في الدفاع عن القيم وعن القضايا الإسلامية.

*ما هي مخاطر المهنة التي يمكن أن يقابلها رسام الكاريكاتير لا سيما حينما يتبنى قضايا ساخنة من قبيل القضية الفلسطينية؟

- الاحتلال لا يرحم صغيرا ولا كبيرا ولا يفرق بين إنسان سياسي أو مجاهد أو عادي؛ فالكل في بؤرة المدفعية الإسرائيلية وفي مرمى بنادق الاحتلال؛ فما بالك بأن يكون هناك فنان يسعى بفنه من أجل طرح القضية الفلسطينية من خلال الحقائق وكشف مجازر الاحتلال والويلات التي يعيشها شعب طرد من أرضه ومن بقي منه على بقايا هذه الأرض يذوق الموت والخوف والرعب على مدار الساعة.

فالاحتلال يصفني بأنني إرهابية وعدوة للسامية ومتطرفة، لكن في النهاية يبقى عملي هذا رسالة أؤديها خدمة لوطني وأمتي.

وأنا مطاردة الآن من سلطات الاحتلال الإسرائيلي، وعندما كنت أعمل في صحيفة القدس صحيفة فلسطين الأولى اضطروني لترك العمل في هذه الصحيفة؛ لأنها كانت تخضع للرقابة العسكرية الإسرائيلية؛ فكان الكثير من الرسومات لا ينشر. كما أنني أتعرض للمنع من دخول الضفة الغربية أمنيا، وأنا الآن عالقة في مصر ولا أستطيع العبور من معبر العوجة؛ لأنني لو دخلت فسوف يعتقلونني؛ لأنني على قوائم الممنوعين من الدخول للأراضي الفلسطينية المحتلة.

Air Max 90 Ultra BR

معرض الصور