احدثكم عن صديقي ناصر بمناسبة ابداعية طيبة...
الخبر ان زميلنا في »العرب اليوم« ناصر الجعفري فاز بجائزة الصحافة العربية عن »الكاريكاتير« من نادي دبي للصحافة... فنشاركه فرحته بهذا الفور ونحن على يقين بأنه يستحق ما هو أكثر...
يذكرني ناصر بشباب الشهيد ناجي العلي... وفي هذه اللحظة يحضرني ناجي, فهو الذي امتلك وضوح الرؤية وثبات الهدف, وكان يرى ما لا نراه في وقت مبكر, بل كان يرى أكثر من زرقاء اليمامة, فهو الذي رفع صوته قبل 40 عاماً لاحساسه بالخطر ويحذر ويدق بريشته على جدار الخزان ويقول برسوماته ان الانحراف بالخط السياسي وعدم وضوح الرؤية وعدم تحديد الهدف, والتلاعب بالثوابت والمساومة على الحقوق يقود الثورة الى طريق مسدود ويضعها في موقع الفشل ويهدد القضية بالتصفية..
وناجي, قبل 30 عاماً, كان يدق على جدار الخزان العربي ايضاً محذراً من السقوط حين رسم النظام العربي يركب »باص التسوية« الذي يقوده السادات...في الوقت الذي كانت فيه دول الصمود في مجدها, وكانت الثورة الفلسطينية في ذروة ثورتها وعزها...
وناصر الجعفري يمتلك وضوح الرؤية وثبات الهدف, ويجتهد في تشكيل وعي مبكر باستقراء ما هو آت قبل بلوغ اللحظة, ونجح في مزج شاعرية الفنان والوعي السياسي والاجتماعي بخطوط متوهجة فمثّل ضمير الناس.
ناصر, لم يولد في مدينة الرملة المحتلة, ولم يلعب في حاراتها أو يركض في شوارعها ودروبها, ولم يصبه رمد الطفولة الذي يسببه غبار ملاعبها الترابية, ولم يجرحه شوك الصبار الذي يسِّيج كرومها, ولكنه أخذ نصيبه من المرارة واكتشف الواقع المر في قلب الحلم الجميل, ذلك الواقع الذي حرره من ظلال الغموض ليغوص في عمق الواقعية السياسية والاجتماعية ويكتشف تلقائية الحدث الممزوج بعنف الواقع وغياب العدالة.
ناصر فنان رائع لفت الانتباه بحضور تجاوز العين والواقعية البصرية واختفى ما وراء الخطوط والشكل ليكتشف المعنى ويحدد الهدف الثابت ويردد مع الشاعر لويس اراغون الذي خاطب شعب الجزائر في ثورته على الاحتلال الفرنسي قائلا: »الطلقات تغني انشودة الأمل«...
الجعفري اثبت انه متابع يقظ يتسلح بمخزون من الوعي الجامح والمعرفة الجامعة. عاش المرحلة بكل احباطاتها وعنفها الدموي الذي تحمله رياح الكراهية المتنامية في غياب الحق والحقيقة والعدالة... واذا كان ناجي العلي قد حفر بالسكين ورسم بالأسيد, حسب تعبير وزير اعلام عربي سابق, فناصر الجعفري يرسم بمرارة الحقيقة وجمرها, ويلون اشكاله بلهب الواقع...
ناصر الجعفري يؤمن بأن الكاريكاتير فن يحمل رسالة ويسعى الى هدف, والفن رسالة اخلاقية وسياسية واجتماعية تكرس الحق وتبحث عن الحقيقة, لذلك حافظ على اسلوبه الابداعي بتقنية راقية في اعادة انتاج المشهد بخطوط الكاريكاتير داخل حدود الوعي الكامل في قمة التجلي أو ذروة القرف...
هذا الفنان المتوهج الساطع احترم فنه وآمن برسالته وحدد هدفه وامتلك وضوح الرؤية, لذلك لم ولن يهبط الى سوق »فن المقاولات« وهو يستحق ما هو أكثر من الجائزة. فهو يستحق كل التقدير والاحترام... والف مبروك.
Engros Nike Lunarglide 4