في آخر حديث قبل رحيله.. رسام الكاريكاتير أحمد الربيعي لـ (الزمان): كنت مقتنعاً ألا حرية للفنان في بلادي ولم أقصد الإساءة لأحد

قيم هذا الموضوع: 
لا يوجد تقييمات
المصدر: 
جريدة الزمان - لندن
الكاتب: 
محسن التميمي

كان يمكن ان يكون حوارنا مع رسام الكاريكاتير احمد الربيعي وثيقة اكثر من مهمة بل هي شهادة صادقة في زمن باتت فيه شهادة الزور غير بعيدة عن الكثيرين في المجتمع، اي مجتمع، ولكن فضلنا، بداعي توضيح الحقيقة، فضلنا ان نسجلها هنا في جريدة (الزمان)، ليطلع عليها الجمهور، بل المنصفين ليكتشفوا بأنفسهم ان فوضى عامة تضرب اركان وطن لايزال يعيش فيه الفنان والمثقف والمفكر والمخلص قلقا وهو مشوش الذهن، لايشعر بالامن حتى في غرفة نومه، وهو الحال او القلق الذي كان ينتابهم في زمن مضى حيث تأتيك تهمة الخيانة وعدم الولاء جاهزة، حتى لو كنت متعبدا في محراب الصلاة، وترفع يديك ليل نهار في الدعاء لشفاء الوطن والمواطن من امراض لاتزال تنخر جسد الاثنين، اشعر بالخوف والقلق والحيرة والارتباك والحزن الشديد هنا، من كلمة (المرحوم) لذلك سأحاول نسيانها او تناسيها وعدم التطرق اليها في السطور التالية، لدينا القناعة ان الموت حق ولكنه من ضمن قائمة حقوق كثيرة في الحياة لانعترف بها، الرسام احمد الربيعي كان قد تحدث لجريدة (الزمان) قبل وفاته بأسابيع، الربيعي كان هادئا وبحالة نفسية جميلة ولكن قلق الفنان لايزال موجودا بين طيات كلماته.
{ قلنا للربيعي، لماذا ترسم الكاريكاتير، هل انت مولع بهذه الفن المشاكس؟
- فقال، هناك اعتقاد يبدو خاطئا لدى الاغلبية بأن رسام الكاريكاتير فنان مشاكس وبالتالي يعتقدون ان الفنان المشاكس لايتناول الا المشاكسة بفنه، ثم من قال ان رسام الكاريكاتير انسان مشاكس، اعتقد ان هذا مفهوم غير صحيح، من وجهة نظري الشخصية ارى ان ليس هناك امر ايجابي في الصحافة وبما ان الكاريكاتير ينتمي الى عائلة الصحافة فلابد ان يكون الامر كذلك، الربيعي اضاف، ان من حق المواطن التمتع بحياة سعيدة ورغيدة وامنة في بلده وواجب مؤسسات الدولة ان تقدم له الخدمات، فهل قامت وزارة الكهرباء مثلا بتوزيع كهرباء اضافية للمواطنين باكياس، وانعكس الامر على بقية الوزارات والمؤسسات الخدمية الاخرى، اذن اعتقد ان مهمة الصحافة في اغلب دول العالم تضع يدها على مكامن الخلل ولاتلتفت الى ماهو ايجابي، العمل الايجابي هو الذي يفترض ان يكون صحيحا وموجودا في ارض الواقع.
{ ولكن هذا الامر يتطلب شجاعة من رسام الكاريكاتير او الصحفي؟
- نعم يجب ان يكون رسام الكاريكاتير شجاعا ولكن بالحدود المسموح بها، اعتقد اذا لم اجزم ان ليست هناك حرية للفنان والصحفي في العراق وكل دول المنطقة، وفي الوقت نفسه لم استثمر فن الكاريكاتير من اجل الاساءة لاية شخصية ارسمها، كان همي ولايزال ان انقل الواقع وبشكل صادق الى من يهمه الامر، انا اعيش وسط هذه المجتمع واعاني مثلما يعاني الجميع، بصراحة شديدة يؤلمني جدا منظر طفل جائع يبكي اوطفلة مشردة ومايحصل في بلدي من دمار وخراب يجعلني دائما القلق والحيرة، انا اخاف على بلدي مثلما اخاف على نفسي، ثم قال مازجا لاتجرني الى السياسة اخاف منها ايضا،
{ فقلنا لاحمد الربيعي، متى وضعت ريشك قريبة من النار؟
- هناك الكثير من السياسيين الذين رسمتهم اثنوا على رسوماتي، كانوا يضحكون وهم يتحدثون معي، البعض منهم دعاني الى بيته وطلب مني ان ارسمه مرة ثانية، بصراحة اغلبهم كانوا يفرحون بهذه الرسومات لانهم كانوا يرونها غير مزيفة، هذا ليس لعبا بالنار اذا ماكنت تقصده، ولم يسبق لسياسي رسمته وان اتصل بي وعاتبني على رسمه لم يحدث هذا معي ابدا.
{ وهل تعتقد انك اوصلك رسالتك الى من يهمه الامر؟
اذا ماكانوا يقولون ومازالوا، ان العمل عبادة، فأعتقد ان عملي بل رصدي للحالات السلبية ومااكثرها فهو عبادة، احاول من خلال الرسم ان اوصل رسالة مفادها ان المواطن العراقي يجب ان يكون حرا لاعبدا وهو يجب ان يكون حرا في التنقل والعيش والكرامة والسعادة والفرح والحزن وفي كل ممارسات حياته، يجب ان يتمتع بكل حقوقه التي كفلها له الدستور العراقي، بصراحة ان وطني هو روحي واهلي والناس الذين اعيش معهم بكل تفاصيل الحياة، لايمكن ان اجري عملية تميز بين شخص من الرمادي واخر من الحلة او البصرة كلهم اهلي بلا اية استثناءات.
{ كان لديك مشروع مهم في العاصمة بغداد هل تحدثنا عنه؟
- هي امنية كبيرة اتمنى ان تتحقق، وربما لاتكلف شيئا، انا اتكفل بنصف مصاريف العمل، عندي محل للاعلانات وقد ترسخت الفكرة في بالي، ارسم لوحات ارشادية للمواطنين على شكل رسومات كاريكاتيرية تركز على جوانب النظافة والتعامل الانساني بين افراد المجتمع وكل مامن شانه ان يخدم عاصمتنا الحبيبة بغداد وهذه اللوحات تكون ضوئية وملونة بشكل يلفت النظر ويتم وضعها في الشوارع والساحات والاماكن العامة، قلت اتمنى ان تتحقق هذا الحلم.
{ وهل يمكن لرسام الكاريكاتير ان يصبح مشردا في يوم من الايام؟
- عانيت من هذا الامر لسنين طويلة، عشت في الغربة ولم اكن اتذوق طعم النوم لايام عدة، بسبب قناعات موجودة عندي، مثلما قلت لكم لم اضع في بالي ان افكر ولو للحظة واحدة فقط ان اتخذ من رسم الكاري كتور في سبيل الاساءة لاية شخص مهما كانت الاسباب، كنت فناناً حريصا على بلدي ومازلت و ليس هناك من يمنع عني هذا الحق، والفنان الملتزم بقضايا بلده، ولاسيما الانسانية منها يدفع من تفاصيل حياته الشيء الكثير، وهناك تفاصيل كثيرة بخصوص هذا الجانب اعدكم في الحديث عنها اذا ماتوافرت فرصة الحديث مرة اخرى.

jordans for sale soccer

معرض الصور