في الذكرى الثالثة لرحيل فنان الشعب مؤيد نعمة غالية ذكراك.. غلاء حضورك

قيم هذا الموضوع: 
لا يوجد تقييمات
المصدر: 
موقع صوت العراق
الكاتب: 
الحزب الشيوعي العراقي

هو الذي مزج هموم العراق، السياسية والأمنية والاجتماعية، بعنوان أنيق وخطوط رشيقة، راقصة وديعة، فأثمر فنه الضحك النبيل، واخترق مساحات الجمال وأبعاده في فن الكاريكاتير، وخرج بزوايا وتوليفات نعرف من خلالها ان التوقيع لمؤيد نعمة.

هو الذي خاض غماره الوطني الخالص، ناصبا متراس دفاعه عن العراق في وقت فقدنا فيه الإجماع على محاربة الظلم والموت، فرحل عنا في وقت عصيب، وما كان أحوجنا إلى كل صوت ناضج مراهن على العراق مثله.

"أنا لا اعجن بدماء رفاقي"

لم يكن لافتاً في الرسم والنحت فقط، بل اشتهر برفضه الانزلاق في تمجيد الطاغية، فراح يكدح في بلاد الغربة من اجل عيش شريف ونصاعة موقف لم يستطع إلا أمثاله الحفاظ عليه.

ولد مؤيد نعمة في بغداد عام 1951، تخرج من معهد الفنون الجميلة عام 1971، حصل على البكالوريوس من كلية الفنون الجميلة عام 1976، نشر أول رسم له في سن الـ 16، تصدر قائمة رسامي الكاريكاتير في العراق والوطن العربي لجرأته وشجاعته في طرح الأفكار، احترف رسم الكاريكاتير في جريدة "طريق الشعب" أعوام 1973 – 1979 فضلا عن عمله في العديد من الصحف الاخرى، المحلية والعربية، حصل على الجائزة الدولية الثالثة للكاريكاتير في بلغاريا عام 1979، والجائزة الأولى للكاريكاتير من نقابة الصحفيين العراقيين عام 1989، وشارك في العديد من المعارض الفنية في بلجيكا ويوغسلافيا واليابان وكوبا وباريس وآخرها في تركيا عام 2001.

كان عضو لجنة التحكيم في معرض بلدان العالم الثالث في القاهرة عام 1990، ورئيسا للجنة الكاريكاتير العراقي، وأيضا رئيسا لقسم السيراميك في دار التراث الشعبي.

رحل مؤيد نعمة أواخر 2005، وكان وقتها مرشحا بارزا للاستهداف من قبل الإرهابيين، رحل بصمت كان وقعه كالاستشهاد على رفاقه وأصدقائه ومحبيه.

ابنه حزبه الشيوعي في حفل أقيم بعد رحيله بثلاثة أيام، على لسان عضو المكتب السياسي محمد جاسم اللبان، في أدناه نصه:

الرفيقات والرفاق الأعزاء

الضيوف الكرام

عائلة الراحل الكبير فنان الشعب مؤيد نعمة

نشكركم من الأعماق على هذه أللفتة الكريمة بإتاحة الفرصة للمشاركة في هذا الحفل التأبيني لفنان الشعب مؤيد نعمة، وانتهز هذه الفرصة لأنقل لكم صادق مشاعر رفاقي في اللجنة المركزية للحزب الشيوعي العراقي مقرونة بالتضامن مع عائلة وأصدقاء الفقيد الكبير في هذا المصاب الجلل.

ها نحن نلتقي اليوم لنؤبن فنانا قديرا برع في عرض الواقع على هيئة كاريكاتير يستنقذ ويضحك ويبكي في آن. لقد عرفنا مؤيد نعمة منذ بداياته الفنية الاولى.

منحازا لشعبنا ومعاناة كادحيه وبسطائه، الذين استمد منهم مادته الفنية ومنجزه الابداعي وظل وفيا لذلك حتى آخر لحظة من حياته القصيرة ولكن الزاخرة بالعطاء الثر.

مؤيد نعمة، ايتها الاخوات والاخوة لم يكن رساما كاريكاتوريا ساخرا وحسب، بل ان التمعن في جوهر تخطيطاته يتيح الاستنتاج بأنه كان متسلحا على الدوام بالحكمة والثقافة الراقية التي تدلل على رصانة مبدع لم ينفصل يوما عن دوره الريادي في رصد الحياة وتناقضاتها لهذا كانت رسومه وتخطيطاته وكاريكاتيره الساخر بمثابة مبضع رسام ماهر قادر على الكشف عن الجوهري في حياة مليئة بالتفاصيل.

لقد رحل مؤيد نعمة حاملا معه قنديل المعرفة الفنية الثرية، وشجاعة الفنان الكبير، لكنه اخذ معه أيضا تلك الوصفة النادرة والمزيج العجيب من خلاصة روحه وعطائه المقدم ألينا على هيئة ابتسامة ساخرة بريشة فنان مبدع.

كان الفنان الكبير مؤيد نعمة يحمل روحا باسلة تجيد احتراف صناعة الحرائق على هيئة كاريكاتير يطول الإرهابيين ومافيات الفساد وسراق قوت الشعب.

ان الشيوعيين العراقيين لن ينسوا ما أبدعته أنامل مؤيد على صفحات جريدتنا "طريق الشعب" والصحف الأخرى قبل رحيل النظام المقبور، وبعد رحيله، انخرط مؤيد في المعركة الصاخبة حول البديل الجديد، حيث عبر بصدق عن طبيعة المرحلة الجديدة، غير هياب للمخاطر الناجمة عن تخطيطاته الساخرة التي حركت الكثير من المياه الراكدة وأطاحت بالعديد من المسلمات الجاهزة والخطوط الحمراء.

لست منسيا أبدا يا مؤيد... فهاهم المحبون والمريدون، الذين ائتلفوا وتوحدوا حولك، وأنت ترسم بقلمك الساخر هموم الوطن، وتقدمها لنا كل صباح، تختصر فيها قضية شعبك وما تعرض له من قيامات عديدة. وهاهم مرة أخرى يتوحدون حولك اليوم، يستذكرونك كما يستذكرك كل العراق الذي يحتاج الى حكمة المبدع ورصانة المثقف في هذه المرحلة المضطربة والعاصفة.

ها قد رحلت ورحل معك قلم سيال، لكن راية شجاعتك وفنك الراقي ومنجزك الابداعي سيظل معنا على الدوام نستمد منه مواجهة واقع متمرد، معقد.

بك، وبحكمتك وبشجاعة رسومك سيواصل أحباؤك وأصدقاؤك التسلح بذات الشجاعة ويستمدون الكثير من وداعتك وبسمتك الهادئة في مواجه من يريدون استئصال الآمال الكامنة في قلوبنا لعراق حر وديمقراطي ومستقل.

مؤيد لن نودعك بالدموع، بل سنوقد ألف شمعة وسنزرع ألف سنبلة في وداعك.

لكم أحبتنا الحضور دوام البقاء، ولعائلة فنان الشعب الكبير مؤيد نعمة نقول: نشاطركم مشاعر الحزن العميق بفقدانكم عزيزكم الذي هو عزيزنا جميعا، متمنين لكم الصبر والسلوان للفقيد الكبير طيب الذكر والمجد الخالد، والسلام عليكم.

air max 90 essential white

معرض الصور