مصطفي حسين في حوار جريء‮ :‬ الكاريكاتير ليست وظيفته حل مشاكل الناس

قيم هذا الموضوع: 
لا يوجد تقييمات
المصدر: 
جريدة أخبار اليوم - مصر
الكاتب: 
محمـود كـربل

 

استطاع من خلال ريشته أن‮ ‬يصنع شخصيات كاريكاتيرية ظلت محفورة في وجدان الناس‮.. ‬ومن منا‮ ‬ينسي كمبورة وعزيز بيه الأليت وقاسم السماوي‮.‬

واستطاع بفنه أن‮ ‬يتجاوز نطاق المحلية والإقليمية ليصل إلي مستوي العالمية‮..‬

واستطاع أن‮ ‬يقدم مع الكاتب الكبير أحمد رجب‮ »‬ثنائي‮« ‬مثل ثنائيات كرة القدم الشهيرة‮.. ‬فأصبحت هوايتهما تسجيل أهداف كاريكاتيرية تسعد الناس‮.. ‬كان النقد قاسياً‮.. ‬والسخرية لاذعة‮.. ‬والنجاح له صداه الكبير عند صناع القرار،‮ ‬والحكومة والشارع‮.. ‬لكن حبل الوصال انقطع سبع سنوات‮.. ‬كان مصطفي حسين‮ ‬يرسم الكاريكاتير اليومي بنصف روح‮..‬

لكن مرض الفنان الكبير علي قسوته كان سبباً‮ ‬لعودة المياه إلي مجاريها بين أحمد رجب ومصطفي حسين‮.. ‬ليعلنا عن تعاونهما من جديد لتقديم فلاح كفر الهنادوة كل‮ ‬يوم جمعة علي صفحات‮ »‬الأخبار‮«.‬

‮»‬آخر ساعة‮« ‬تحاور فنان الكاريكاتير الكبير مصطفي حسين‮.. ‬حول مشواره مع الكاريكاتير وعلاقاته بأساتذه في بلاط صاحبة الجلالة،‮ ‬وأرائه في الحب والغناء والمرأة،‮ ‬وعلاقاته بالوزراء والمسئولين الذين كانوا موضوع رسوماته الكاريكاتيرية‮.‬

 

‮< ‬ألف حمداً‮ ‬لله علي سلامتك وعودتك مرة أخري إلي ريشتك أم لسان طويل‮.. ‬بعد هذه التجربة الأليمة في فترة مرضك هل سيتغير نظام حياتك؟

ـ بالتأكيد هذه الأزمة كانت إنذارا شديداً‮ ‬ومباشرا موجعا وسريعاً‮ ‬و بحثت بالطبع في أسبابها فتوقفت عن التدخين تماما رغم صعوبة هذا علي‮ .. ‬لكن السيجارة وباء رهيب وهي وراء الأزمات القلبية و الذبحات الصدرية،‮ ‬قللت طبعاً‮ ‬من السهر و الانفعالات الزائدة وعملت جدولا لنفسي أسير عليه بانتظام،‮ ‬وبالنسبة للأكل طبعاً‮ ‬التزمت بكل تعليمات الأطباء يعني نقدر نقول وداعاً‮ ‬للطواجن كما يقول السعدني‮ .‬

 

‮< ‬هل تعتقد أن فن الكاريكاتير من الممكن أن يسقط وزراء أو حكومة ؟ وما هي أهدافه؟

ـ الهدف الرئيسي للكاريكاتير كما أراه هو تسليط هالة من الضوء علي مشاكلنا الاجتماعية وتنبيه الرأي العام لخطورتها والمسئولين كذلك،‮ ‬وليس وظيفة رسام الكاريكاتير أبداً،‮ ‬أن يقدم الحلول لكنه يقدمها بشكل ساخر يتقبله الناس ويفكرون فيه والحاكم يعتبر الكاريكاتير مرآة يري فيها نفسه ومدي معاناة الناس،‮ ‬لكن مسألة أنه يسقط حكومات بتأثيره القوي ربما يحدث هذا إذا كان علي مستوي الحدث فلابد أن يكون الكاريكاتير قوياً‮ ‬ومعبراً‮ ‬ومؤثراً‮ ‬وصادراً‮ ‬من رسام له ثقله ومكانته وعلي مستوي المسئولية و المسئولين ومحل ثقة يعني ليس أي كاريكاتير يؤثر مهما كان بالإضافة إلي مدي استجابة المسئولين فالكاريكاتير مفروض أنه يسقط حكومات‮ .. ‬لكن هل المسئول يستجيب أم لا؟ مثله في هذا مثل المقال السياسي أو خطأ تقع فيه الحكومة أو تصرف ولكن الحقيقة هذا‮ ‬غير وارد عندنا لأننا ناس طيبون‮.‬

 

‮< ‬هل تتذكر بعض الأحداث في تاريخ الكاريكاتير والتي سببت لك أو لغيرك متاعب سياسية؟

ـ في فترة الستينات كانت لي بعض الرسومات التي جرت علي المتاعب وكان الكاريكاتير حينها يفسر،‮ ‬و إذا وضع محل تفسير أو تفتيش فقد الاحساس به وقيمته تكمن في الانطباع الأول المباشر الطازج وحدثت بعض المتاعب في السبعينيات أيضاً‮ ‬أما في السنوات الأخيرة فلا يحدث هذا لكن لا ننسي أن الفنان العظيم رخا اعتقل و دخل السجن بسبب أحد رسومه كما كان الكاريكاتير يستخدم في الحرب بين الأحزاب وبعضها علي مستوي أخبار اليوم و روز اليوسف و الأخبار‮.‬

 

‮< ‬ماذا تفعل عندما تلتقي بالوزراء الذين تنتقدهم في رسومك بشكل يومي؟

ـ يحدث دائماً‮ ‬أن تجمعنا بعض اللقاءات لكن هذا لا يفسد للود قضية،‮ ‬وأتذكر أنه أثناء الحفل الذي أقامه الرئيس مبارك لتكريم الأديب الكبير الراحل نجيب محفوظ بمناسبة فوزه بجائزة نوبل فوجئت بالزميل الصحفي الكبير محسن محمد يجذبني من ذراعي قائلاً‮: ‬تعال معي دقيقة واحدة،‮ ‬وتصورت أنه سيقول لي شيئاً‮ ‬خاصاً‮ ‬و سرت معه،‮ ‬وإذا بي أجد نفسي واقفاً‮ ‬أمام الدكتور عاطف صدقي رئيس الوزراء الأسبق ولم أكن حتي تلك اللحظة قد تعرفت عليه أو قابلته وجها لوجه وملأني الإحراج والتوتر ولم أكن أعرف رد فعله كيف يستقبل كاريكاتير‮ "‬فلاح كفر الهنادوة‮"‬،‮ ‬الذي بدأت أنا والزميل أحمد رجب في نشره منذ فترة طويلة،‮ ‬فتخلصت من الحرج وسألته عن رأيه في فلاح كفر الهنادوة والمناقشات التي يديرها مع البيه عاطف،‮ ‬فإذا به يتحدث بإعجاب شديد عن الكاريكاتير،‮ ‬فاكتشفت أن الدكتور عاطف صدقي شخصية ذات وعي كبير وسعة صدر تتقبل النقد بصدر رحب وفهم شديد وعقل متفتح،‮ ‬وأنا لا أنتقدهم بشكل شخصي،‮ ‬فالهجوم علي الوزير الفلاني كشخصية عامة وعلي وظيفته وصفته كوزير و ليس كإنسان و أحرص علي ألا أتدخل في رسومي لتصرفاته الشخصية أو أسرته وبيته لكن طالما يحمل صفة وزير فمن حقنا أن نضعه علي المشرحة ونقوم بتشريحه كوزير ومحاسبته‮.‬

 

‮< ‬هل كان يعاتبك بالفعل أحد الوزراء سواء عن طريق التليفون أو من خلال اللقاءات الشخصية؟

ـ الحقيقة أن وزير مالية سابقاً‮ ‬كان دائم الشكوي من الهجوم المستمر عليه،‮ ‬فكان لابد أن يعرف أننا ننتقد وزير المالية ووزير الاقتصاد والتموين ورئيس الوزراء لأن أعمالهم مباشرة مع الجمهور والرسام متحيز باستمرار لهذا الجمهور ومن هنا يصبح انتقاد هؤلاء الوزراء هو الوارد عادة يعني تبتعد عن الوزارات التي ليس لها صلة مباشرة بالجمهور مثل وزير الري ووزير الأشغال فهذا الوزير كان يشكو دائماً‮ ‬لرئيس الوزراء حتي اكتشف أننا نتناول رئيسه وما بيزعلش‮.‬

 

‮< ‬سمعنا أنك كنت تحب التمثيل وتهواه و تتمني أن تصبح مثل نجوم السينما كأنور وجدي فكيف تحولت إلي رسام كاريكاتير؟

ـ أنا فعلاً‮ ‬كنت أحب السينما والتمثيل أثناء مراهقتي وكنت أحب التشبه بالفنان العظيم أنور وجدي وهو كان فتي الشاشة الأول،‮ ‬وفي هذه السن يكون للسينما تأثير شديد فكل واحد يتمني أن يكون هو مكان البطل لكني كنت أحب الرسم أيضاً‮ ‬حتي أنني بدأت العمل بالصحافة كرسام قبل دخولي كلية الفنون الجميلة في مجلات دار الهلال بعد أن أعطاني اميل وجورجي زيدان فرصة للرسم في مجلة‮ "‬الاثنين والدنيا‮" ‬سنة‮ ‬1952و رغم حداثة سني قمت برسم أحد أغلفة المجلة مما أعطاني دفعة للأمام‮.‬

ثم يضيف‮:‬

ـ لقد بدأت رساماً‮ ‬تصويرياً‮ "‬الستريشن‮" ‬ووجدت ريشتي تنحرف ناحية الكاريكاتير والسخرية،‮ ‬ووجدت انه مجال محبوب للقارئ و من هنا جاء الاستمرار فيه دون أن أقرر ذلك أو أخطط له بشكل مسبق‮.‬

 

‮< ‬لعلك و الكاتب الساخر الكبير أحمد رجب تكونان أشهر دويتو في الصحافة المصرية استمر علي مدي‮ ‬   33 سنة‮ . ‬فما هو سر هذا النجاح و والاستمرار الطويل؟

ـ لعل الجميع يعرفون أنني والزميل الكاتب الكبير أحمد رجب نعقد اجتماعاً‮ ‬يوميا منذ يناير‮ ‬1974 ‮ ‬بعد أن اقترح علي ومصطفي أمين أن نشترك معاً‮ ‬في وضع فكرة الكاريكاتير وهذه حقيقة لا يجب أن نغفلها لأن أحمد رجب كاتب ساخر كبير،‮ ‬وأنا أستفيد من جلوسي اليومي معه لأننا نثري أفكار الكاريكاتير ونتناقش معا فيها وهو له الفضل في إثراء رسومي الكاريكاتيرية لا جدال في هذا‮.‬

 

‮< ‬شخصياتك الكاريكاتيرية التي أبدعتها مع الكاتب الساخر الكبير أحمد رجب كيف نشأت وترعرعت؟‮!‬

ـ يعتبر عبد الروتين هو أعرق شخصياتي وظهر عام‮ ‬1974 ‮ ‬نتيجة لتفشي الروتين بشكل قاس ووقوفه حجر عثرة أمام مصالح الناس،‮ ‬وشخصية كمبورة وجدت أثناء انتخابات المحليات لتؤكد أن بعض المرشحين هدفهم مالي ومكاسب شخصية وليست الخدمة العامة وتطور كمبورة ودخل مجلس الشعب فهو شخصية انتهازية،‮ ‬تبيع أباها لأجل قرشين أما مطرب الأخبار فقد عاش أكثر مما توقعنا فظللنا أكثر من‮ ‬12سنة ونحن نقدم هذه الشخصية وهي تدور حول موضوع واحد وهو ما يجعلها شاقة في تقديم الجديد كل يوم،‮ ‬ثم كانت الشخصية التي تحيا في برج عاجي وبعيدة عن مصالح الناس وهي‮ (‬عزيز بيه الأليت‮) ‬الذي يعيش في‮ ‬غيبوبة،‮ ‬وقد حدث لقاء بينه وبين‮ (‬الكحيت‮) ‬الرجل الفقير المعدم ليبدو التناقض بين الطرفين علي المستوي المادي،‮ ‬لكن‮ (‬الكحيت‮) ‬يحرص علي أن يضع رأسه برأس‮ (‬الأليت‮) ‬و هذه مصيبته،‮ ‬و(قاسم السماوي‮) ‬وبلغة السينما قماشته ضيقة لأن طبيعة الحقد التي يتسم بها مجال واحد من مجالات المشاعر الإنسانية وبهذا لا يظهر إلا قليلا‮.‬

 

‮< ‬هل قابلت أحدا تنطبق عليه مواصفات شخصياتك؟

ـ أحياناً‮ ‬أقابلهم وبغير عمد وشخصية كمبورة بالذات كانت تتجسد لي في شخصية الفنان‮ (‬محمد شوقي‮) ‬رجل يلعب بالبيضة والحجر وخفيف الظل وهو نصاب في نفس الوقت‮.‬

 

‮< ‬مطرب الأخبار هل كنت تقصد به شخصية معينة؟

ـ لا أريد أن أظلم أحدا‮.. ‬لأن هذا المطرب يعد في حضيض المطربين وله‮ (‬جاعورة‮) ‬خاصة ولهذا يضرب كثيراً،‮ ‬فإن ألصقتها بأي من المطربين سيكون هذا هدما له وهي ليست لمطرب واحد بل الكثيرين‮.‬

 

‮< ‬من هو مطربك المفضل الذي تستمع إليه و أنت تمارس الرسم؟

ـ أنا من عشاق عبدالحليم حافظ في أدائه الصادق واختياره الذكي لكلمات أغانيه،‮ ‬فصوته ونبراته أليفة ودود تشعر أنه قريب منك،‮ ‬ويخيل لي أن الناس كلها تشاركني هذا الإحساس،‮ ‬فأنا أشعر أنه ابني أو أخي وجالس معي جلسة لطيفة،‮ ‬يحدثني بكلام جميل ومنغم بعكس بعض الأصوات التي تشعر أنها‮ ‬غريبة عنك،‮ ‬وعندما أحس أن مزاجي‮ (‬مش قد كده‮) ‬استمع لعبد الحليم فأجد نفسي أكثر صفاء وسعادة لأن صوته يمنحني بالفعل الصفاء والسعادة والدفء بل ويخلصني من هموم اليوم كله حينما أستمع له في سكون الليل وأنا أمارس الرسم‮.‬

 

‮< ‬ماذا تقول عن مصطفي حسين الزوج و الأب‮ .. ‬وهل لزوجة رسام الكاريكاتير صفات خاصة؟

ـ أحاول جاهداً‮ ‬أن أخصص يومين أسبوعياً‮ ‬لأسرتي وابتعد عن جو العمل ولكن دون جدوي،‮ ‬ومشكلتي هي الوقت نفسه فساعات اليوم كلها لا تكفي لإنجاز كل الأشياء التي يحبها الإنسان أو يريد تحقيقها،‮ ‬وبالنسبة لمواصفات زوجة رسام الكاريكاتير يكفي أن يكون بداخلها كمية من الصبر والتحمل بلا حدود،‮ ‬حتي تتحمل تقلبات زوجها وشروده‮.‬

 

‮< ‬كيف وجدت الوسط الفني عندما اقتربت منه من خلال عملك كرسام وصحفي؟

ـ أنا مرتبط بالوسط الفني وعلاقتي به وثيقة منذ عام‮ ‬1952 حينما بدأت العمل بالصحافة،‮ ‬في دار الهلال وأنا لا أزال صغيراً‮ ‬وحضرت تطورات وتغيرات سياسية كثيرة ومجالات فنية متعددة،‮ ‬وعاصرت شخصيات فنية كثيرة فليس جديدا علي تعاملي مع الوسط الفني،‮ ‬لكن طبعا الزمن يغير تفاصيل الأشياء بالضبط كما تري الفيلم القديم والفيلم الحديث تجد الشوارع هادئة ونظيفة،‮ ‬بينما في الأفلام الحديثة تصدمك رتابة الأحداث وموضوعاتها التي تدور حول الجنس والهيروين والمخدرات و الفن عموما انعكاس و مرآة للمجتمع فأنا عاصرت الأبيض والأسود والألوان وكل ما أستطيع أن أقوله أن ربنا يستر علي القادم‮.‬

 

‮< ‬لو تحولت شخصياتك الكاريكاتيرية لنجوم سينمائية فمن يصلح لأداء كل شخصية؟

ـ الحقيقة التليفزيون قدم تجربة مسلسل ناس وناس لكن لم أكن موافقاً‮ ‬علي معظم الشخصيات التي أدت أدوار شخصياتنا الكاريكاتيرية،‮ ‬وكذلك الكاتب الساخر الكبير أحمد رجب كان يري أيضاً‮ ‬أن الشخصيات لم تكن موفقة،‮ ‬صحيح فيه شخص اسمه عبده مشتاق،‮ ‬أو فلاح كفر الهنادوة،‮ ‬لكن مواصفاته التي وضعناها مع بعض أنا وأحمد رجب علي الورق لم تكن هي الموجودة أمامنا علي الشاشة،‮ ‬عزيز بيه الأليت،‮ ‬كمبورة،‮ ‬مطرب الأخبار نفس الأسماء لكن ليست هي شخصياتنا‮.‬

 

‮< ‬من الذي يضحكك‮ .. ‬وأنت الذي تضحك الناس؟

ـ الشخصية التي تضحكني جداً‮ ‬من قلبي الفنان العظيم و الكوميديان الخطير عادل إمام،‮ ‬وعادل إمام أعتبره رسام كاريكاتير ممتازا،‮ ‬كما يضحكني أيضاً‮ ‬الفنان التلقائي الجميل سمير‮ ‬غانم فهو قادر علي التقاط الإفيه من الهواء ووضعه في مكانه المناسب وتعجبني جدا أداوره القديمة مع ثلاثي أضواء المسرح‮ .. ‬أما علي الجانب النسائي فكانت تضحكني الفنانة المعتزلة سهير البابلي‮.‬

 

‮< ‬ما هي الوظيفة التي تتمني العمل فيها لو ابتعدت عن الكاريكاتير‮ .. ‬ولماذا؟

ـ أعتقد أن ابتعادي عن الكاريكاتير مسألة‮ ‬غير واردة إطلاقاً‮ ‬فقد أعطيته كل عمري وأصبح مجري الدم‮.. ‬لكن لو أصبحت رئيساً‮ ‬للتليفزيون أول قرار أتخذه هو القضاء علي كل أشرطة مسلسلات النكد،‮ ‬وإذاعة الأفلام الكوميدية الحديثة إلي جوار القديمة وكذلك المسرحيات الفكاهية لإدخال البهجة و السرور علي المشاهدين‮.‬

 

‮< ‬بعد أن ودعت الصحافة المصرية عملاقها مصطفي أمين هل تحدثنا عن علاقتك به‮ .. ‬متي بدأت وكيف استمرت؟

ـ علاقتي بأبو الصحافة المصرية مصطفي أمين بدأت منذ عام‮ ‬1963 وقدمني له أستاذي العظيم الفنان حسين بيكار،‮ ‬وكان ذلك من أجل العمل في مجلة‮ "‬هي‮" ‬وقد لمست من خلال التعامل معه أنه إنسان شديد التواضع بحيث يعطي لمن أمامه دفعة قوية،‮ ‬ويشعره بالثقة في نفسه أو يجعله يخجل من نفسه،‮ ‬لأن هذا العملاق في سنة‮ ‬1963 واسم مصطفي حسين لم يحقق سوي‮ ‬10 ٪‮ ‬مثلا من النجاح والشهرة،‮ ‬ظل يبحث في مكتبه قرابة الساعة ويتحرك ذهابا وإيابا و هو يعرض عليه الأعمال والنماذج،‮ ‬فهذا شيء يجعل الإنسان يتساءل ما كل هذا الاهتمام والتشجيع،‮ ‬إلي جانب أنني لمست من خلال العمل معه أنه جاهز تماما لتلميع من يري فيه إنسانا صحفياً‮ ‬قادرا علي أن يكون لامعا ولا يبخل في كل لحظة أن يقوم بتلميعه وهذا يعتبر كرما كبيرا ربما تضن به شخصيات كبيرة‮ ‬لديها الكثير من وسائل التشجيع وهذا نوع من البخل في العطاء‮.. ‬فمصطفي أمين كان معطاء ولأناس عضوا يديه لكنه كان أكبر من ذلك و عطاؤه كان بلا حدود و هو ليس مقصورا علي من يعملون معه بل امتد إلي الكثيرين من خلال أفكاره التي طرحها مثل فكرة عيد الأم،‮ ‬وليلة القدر،‮ ‬وأسبوع الشفاء،‮ ‬وملجأ الأيتام وعيد الأب وعيد الحب وباب لست وحدك،‮ ‬كل هذه الأفكار لا تجدها في أي صحافة أخري سوي أخبار اليوم وهي أفكار تشعر أن وراءها ليس فقط صحفياً‮ ‬كبيرا و قديرا بل وراءها إنسان يفكر كيف يوظف الصحافة لخدمة الإنسانية‮ .. ‬لقد كان جيلا يحمل في داخله الكثير من المعادن النفيسة‮.‬

 

‮< ‬كيف عاد التعاون بينك و بين أحمد رجب؟

ـ أحمد رجب أدهشني رد فعله عندما مرضت،‮ ‬قلب الدنيا حين وجد حالتي تسوء في مصر فأنا مرضت بنوع من السرطان وكنت أحتاج معه إلي علاج إشعاعي وكيماوي‮.‬

وهذا العلاج لم يكن مناسبا لي،‮ ‬ولا أريد أن أظلم أحدا،‮ ‬فهل كان خاطئا أم أن جسدي لم يتحمله،‮ ‬المهم أنني دخلت في‮ ‬غيبوبة وعرفت بعدها ما فعله أحمد رجب،‮ ‬و أنه كتب‮ " ‬طول ما مصطفي عيان أنا عيان‮" ‬وعندما سافرت للندن للعلاج كان يتصل بي باستمرار وهذه مسألة مكلفة ماديا ومعنويا وهذا أعاد العلاقة لأفضل مما كانت عليه‮.. ‬كانت مكالمات الأصدقاء والحبايب تعيدني للحياة،‮ ‬لا تتصور كم كانت مكالمات الرئيس مبارك مشجعة،‮ ‬كان يحثني علي استكمال العلاج والعودة بسرعة لأرض الوطن لدرجة أنني قلت له‮:‬

‮»‬أنا خفيت خلاص يا ريس‮« ‬لكنه طالبني بعدم التعجل واستكمال علاجي للنهاية،‮ ‬وعلاجي كان علي نفقة الدولة‮.‬

 

‮< ‬بعد عودة المياه لمجاريها ماذا تقول لأحمد رجب؟

ـ أقول له سامحني،‮ ‬لأنه طلع أفضل مني بصراحة بالرغم من الخلافات التي حصلت بيننا،‮ ‬والتي كانت بسيطة إلا أنها كبرت وتورمت وكل واحد مضي في طريقه ولم يكن بيننا كلام إلا أنه في الشدة ظهر معدنه الأصيل ومهانش عليه العيش والملح‮.‬

 

‮< ‬ماذا عن المرأة في حياتك؟

ـ كنت أنا وأحمد رجب نقدم رسمة اسمها‮ "‬الحب هو‮" ‬وكنا في منتهي القسوة علي المرأة لأننا بحكم السخرية كنا نظهرها في شكل فانتازي،‮ ‬فالرقة تتحول إلي وحشية‮ ‬والعذوبة تتحول إلي انتهازية فكانت تؤلم الكثير من السيدات‮.‬

 

‮< ‬هل تؤمن بالحب؟

ـ طبعا الحب موجود ومؤثر جدا في حياة الرجل والمرأة،‮ ‬الشخص المحب حياته أفضل من الشخص الجاف لأن حياة الأول أسعد،‮ ‬حتي ولو لم يكن هناك صدي لحبه ولكنه يملك عواطف تجاه أشخاص وأشياء ولكن المجففين من المشاعر حياتهم بائسة لأنها بعيدة عن الترطيب الذي يحدثه الحب والمشاعر‮.‬

‮< ‬ما هي الرسمة التي وجدت نفسك فيها؟

ـ أعتقد أنها كما سبق أن أخبرتك رسمة الرئيسين الأمريكي والروسي وبينهما العالم و تحتهما كلمة الاثنين والعالم التي كانت هي نفسها اسم المجلة،‮ ‬وقد كانت لمحة وإلهاما لطيفا في ذلك الحين وهذا ما دعا الأخوين زيدان لمنحي كل الثقة منذ ذلك الحين فكانت بدايتي بدفعة منهما‮.‬

‮< ‬من هم الرسامون الكبار الذين كنت قد دخلت للتو لتنافسهم؟

ـ أيامها كان عبد السميع هو الرسام الأشهر في روزاليوسف قبل أن يلمع صلاح جاهين في دار الهلال أيضا وقبلهما كان هناك صاروخان و رخا اللذان تأثر بهما عبد السميع قبل أن ينجح في ابتكار مدرسته الكاريكاتيرية الخاصة،‮ ‬كما كان هناك أيضاً‮ ‬زهدي الذي كان أسلوبه ينطوي علي شيء من الخشونة نظرا لأنه كان في الأصل نحاتاً‮ ‬وأذكر كذلك طوغان الذي زاملته لفترة في مجلة‮ "‬الاثنين والدنيا‮".‬

‮< ‬ما هي أكثر الشخصيات التي كنت تشعر أنها وجدت صدي كبيرا عند القراء؟

ـ أهم شخصية في اعتقادي هي شخصية‮ "‬كمبورة‮" ‬التي ولدت بالمصادفة حينما كنا نمر أنا وأحمد رجب في طريقنا من بيوتنا إلي أخبار اليوم فوجدنا اسما‮ ‬غريبا لمرشح مجلس محلي يقيم شوادر وسرادقات انتخابية شديدة البذخ والثراء وكنا نتساءل‮ : ‬هل الوطنية هي الباعث الأساسي وراء كل هذا البذخ أم يتعلق الأمر بأهداف و مآرب أخري؟‮! ‬الناس أعجبوا أيضا بشخصية‮ " ‬عزيز بيه الأليت‮" ‬الذي يعيش في‮ ‬غيبوبة أرستقراطية لا يشعر فيها بآلام أو مشاكل الناس لدرجة أنه ينصح طفلاً‮ ‬عارياً‮ ‬في الشتاء بأن يأخذ كاس‮ "‬كورفازييه‮" ‬وكذلك كان صدي شخصية‮ "‬الكحيت‮" ‬الذي يشبه الكثير من أبناء شعبنا الذين يعيشون حالة من الضيق المادي ومع ذلك تتملكهم مشاعر كبرياء زائفة فتجده يتحدث عن صداقته بالأمير أندرو الذي لم يره ولا حتي في التليفزيون لأنه ما عندهوش أصلاً‮ ‬تليفزيون‮.‬

‮< ‬ألم تصطدم شخصياتكما أو أفكاركما علي جرأتها بالسلطة السياسية؟ بمعني هل وجدتم مثلا من يطالبكم بالكف عن تناول هذا المسئول أو ذلك؟

ـ احياناً‮ ‬فلقد كانت شخصية‮ " ‬فلاح كفر الهنادوة‮" ‬تثير الكثير من المشاكل مع رؤساء الوزراء المتعاقبين الأمر الذي كان يدعوهم إلي الاتصال بنا سواء أنا أو أحمد رجب و لكن كل واحد من هؤلاء كانت له مواقف مختلفة فبينما كان عاطف صدقي يستحسن الرسومات والتعليقات رغم أننا كنا معه في منتهي القسوة وكان يسألنا باستمرار في اتصالات هاتفية‮ : ‬من أين أتينا بهذه الأفكار،‮ ‬كان عاطف عبيد يدعونا للاتصال به إذا كانت لنا ملاحظات قبل أن نشرع في الرسم أو الكتابة لأننا‮ " ‬بهدلناه‮" ‬في الحقيقة،‮ ‬لكن الشخص الوحيد الذي كان يتبرم من التناول هو الدكتور الرزاز الذي كان وزيرا للمالية والذي ألهمنا بقراره فرض ضريبة التركات والأيلولة بشخصية أسميناها‮ "‬أيلولة‮ " ‬وكان طبيعيا جدا أن تكون ملامحها نسخة من ملامحه فتصور أننا رسمنا ابنته التي كنت قد حضرت زفافها لكن لم أكن قد لاحظت الشبه الكبير بينها وبين أبيها ولم انتبه لذلك إلا بعد مكالمة من فاروق سيف النصر وزير العدل وقتها الذي تطوع بالتوسط بيننا وبينه فأوقفنا الشخصية حتي لا نتهم بأننا نتناول خصوصيات الوزراء خصوصا أن الأمر وصل إلي حد الشكوي إلي الرئيس مبارك‮.‬

‮< ‬وماذا عن فتحي سرور؟

ـ اتصل بنا أول ما تناولناه وطالبنا بالتوقف فقلنا له إننا سنتوقف فعلا ولكن بعد أسبوعين فلما مر الأسبوعان دون أن نتوقف اتصل بنا مرة أخري فطلبنا منه أن يتحملنا أسبوعين آخرين فلما مر الأسبوعان تأكد أننا لن نتوقف فطالبني بألا أرسمه بقمصان مقلمة مؤكدا أنه يحب القمصان السادة‮!‬

‮< ‬ما هي أشهر رسمة في حياتك؟

ـ الرسمة التي تناولت فيها الحرب الأمريكية علي أفغانستان ورسمت فيها مواطنا أفغانياً‮ ‬يأكل ساندوتيش هامبورجر و ينظر إلي الطائرات في السماء وهي تقذف القنابل قائلاً‮ " ‬أمال فين الكاتشب يا كفرة يا ولاد الكلب"وكان ذلك تعليقا علي قرار الأمريكان بإنزال المعونات الغذائية للمواطنين الأفغان في زمن الحرب،وقد أدت هذه الرسمة إلي تحقيق شهرة عالمية لي لدرجة أنني فوجئت بعدد من التليفونات العالمية وبينها التليفزيون الياباني يأتون إلي ويصورون معي‮.‬

‮< ‬إعادة نشر الكاريكاتير أكثر من مرة يفسرها البعض علي أنه إفلاس من مصطفي حسين‮.. ‬كيف تري الأمر؟

ـ ليس صحيحا فأنا أعتبر بالعكس أن نشر الكاريكاتير الجيد لمرة واحدة حرام فلماذا لا يتم النشر مرة ثانية حتي يري الرسم الجيد من لم يره المرة السابقة؟ وأذكر بالتجربة أن بعض الرسومات التي أعدت نشرها وجدت صدي طيبا في المرة الثانية أفضل من صداها في المرة الأولي و منها مثلا رسمة حسن شحاتة كطرزان في أفريقيا التي نشرتها من فترة و أعدت نشرها هذه الأيام ووجدت صدي طيبا‮.‬

 

mj.monde

معرض الصور