موسى عجاوي: قد ينقلب فن الكاريكاتير الى ضده عندما يتمادى في السخرية! الكاريكاتير هو فن الابتسامة المرة ليوصلك إلى الأشد حلاوة

قيم هذا الموضوع: 
لا يوجد تقييمات
المصدر: 
جريدة القدس العربي - لندن
الكاتب: 
حوار: بسام الطعان

رسام كاريكاتيري فلسطيني من مواليد مخيم اربد في الأردن، وهومن سكان كوكب الهوى ـ بيسان/ فلسطين، بكالوريوس في التاريخ من جامعة الجزيرة في السودان، يمارس كتابة الخط والنحت والحفر على الزجاج ويكتب المقالات،شارك في معارض كثيرة وفي مسابقات دولية للكاريكاتير.

ـ لنبدأ من الخطوة الأولى في طريق فن الكاريكاتير العذب الشيق، متى وكيف كانت؟

بدايةً : أشكر لك أخي بسام هذه اللفتة الصحافية الطيبة للخوض معا في تفاصيل هذا الفن المعمول به تاريخيا وإنسانياً ونضالياً وصحافياً متمنيا على كل المهتمين بهذا المجال العمل للنهوض به عربيا ودوليا إلى أعلى المستويات، ومن اجل النهوض بالمواطن العربي وعيا وفكراً وتحريضاً لما هو خارج عن السلوك البشري والفطرة الإنسانية السوية، والوصول به إلى حالة الثورة الممنهجة التي لا تهدأ حتى تحقيق أهدافها.

في الحقيقة اتيت متأخراً لهذا المجال، وعمري الكاريكاتوري لا يتجاوز الأربعة أعوام وكانت بداياتي في عالم الكاريكاتير، عندما زارني احد الأصدقاء الصحافيين وشجعني بان أخوض هذا المجال بحكم أنني من الرسامين التشكيليين بعدما اعجب بأحدى اللوحات الجدارية الموجودة في غرفة الاستقبال. فراقت لي الفكرة باعتبار أن الكاريكاتير أفضل وسيلة تواصل مع الآخرين، فمنذ ذلك اليوم بدأت أعكف على مطالعة مقالات صحافية في 'القدس العربي' تحديداً لما تتميز به مقالاتها من زخم سياسي ساهمت الى حد كبير في تشكيل حالة من الوعي السياسي إضافةً الى خبراتي الثقافية السابقة، ولكن عندما كنت احاول تطبيق ما اختزله من أفكار كاريكاتورية على الرسم بشكل فعلي كنت افشل لصعوبة التوفيق بينها وبين الفن التشكيلي الذي مارسته فترة طويلة، وبقيت محاولاتي تتعثر مرةً بعد مرة إلى أن استطعت في النهاية الخروج برسم كان بنظري في تلك الفترة غاية في الروعة ' وكان ذلك في اواسط شهر كانون الثاني (يناير) من عام 2005، وكانت أولى أعمالي قد نشرت على موقع صحيفة 'الكرامة' التابعة لحركة التحرير الوطني الفلسطني 'فتح' التي اغلقت في فترة لاحقة.

لمن ترسم ولماذا؟

لا شك أن الغاية الرئيسية من الكاريكاتير كعمل صحافي مواكب للحدث: هو القارئ العربي ولتشكيل هالة كبرى لديه من الوعي يتسلح بها لمواجهة كل ما هو مغرض وعبثيّ، وأية خروج عن هذه القاعدة، اعتقد يصبح الكاريكاتير بحاجة الى ترشيد إستهلاك.

كرسام كاريكاتيري، كيف تنظر إلى الواقع الفلسطيني بكل ما فيه من عذابات؟

مؤلم جداً، وخاصةً الانقسام الذي يجري في الداخل الفلسطيني، والذي يشكل لنا في الشتات ضربة موجعة وقاسمة غير مسبوقة، ويعود بالقضية الفلسطينية إلى الخلف حقبة كبيرة من الزمن هذا ناهيك عن المعاناة اليومية التي يعيشها أهلنا في الداخل في ظل الاحتلال الغاشم من حصار ممنهج، وهدم للبيوت، والحفريات التي تجري تحت البلدة القديمة وصولاً إلى المسجد الأقصى وبناء المستوطنات.

ماذا تعتبر فن الكاريكاتير، هل تعتبره فن السخرية بالدرجة الأولى؟

نحن بحاجة ماسة جداً الى ترشيد إستهلاك للكاريكاتير العربي تحديداً كما أسلفت سابقاً، وأنا مع الكاريكاتير صاحب السخرية المشروعة المصاحبة للوعي الجماعي والذي يشكل عمادها الرئيسي، لكن : أن يكون الكاريكاتير ساخراً لمجرد السخرية وإطلاق نكات هكذا في الفضاء العربي، فإنه بلا شك يصبح اداة إستلاب توعوي وفكري ويكون اكثر من عبثي، ويفتك بصاحبه قبل غيره، وهناك بعض المجتمعات العربية لا تنظر إلى الرسم الكاريكاتوري إلا من خلال هذه الزاوية الضيقة، وترفض بعض الصحف والمواقع الإخبارية كل ما هو جاد كاريكاتورياً.

وبتقديري لم نصل الى المرحلة التي يمكن من خلالها ان نرى الكاريكاتير العربي ونضحك ملء افواهنا، لوجود قضايا عربية مأساوية ما زالت عالقة، هناك أوطان تتساقط، إن لم يكن جغرافياً ففكريا ً، وانقسامات تملأ الفضاء العربي، حتى رسامينا نقرأ من خلال رسوماتهم انقسامات كاريكاتورية غير مبررة، أستهجن هذا الإصطفاف الكاريكاتوري الغريب !!!!.

أساليب رسامي الكاريكاتير هل تختلف من رسام لآخر، أم هو أسلوب واحد ولكن الأفكار هي المختلفة؟

بالتأكيد الرسم الكاريكاتوري كخط اليد، يختلف من رسام لأخر فأنا أستطيع التمييز لمن تعود هذه الرسمة او تلك من دون وجود تواقيع عليها، واعتقد ان كل رسام كاريكاتير يستطيع ان يميز هذه المسألة بوضوح، ولكن الأفكار تختلف شدتها من حيث التأثير من رسام لآخر.

ما حجم التحدي للعدو والمقاومة والشهادة والأسرى في لوحاتك؟

هذا الجانب يقرره القارئ العربي، انا لست مخولاً بهذا التقييم.

هل يستطيع رسام الكاريكاتير أن يرسم البسمة على وجه المواطن الفلسطيني؟

نعم يستطيع رسم تلك البسمة على الرغم من المعاناة التي يلاقيها أهلنا في الداخل ، فالشعب الفلسطيني من اكثر الشعوب ثقافةً و تفاعلا مع مايجري من حوله من احداث سواءً محلية اودولية فهو جزء لا يتجزأ من هذا العالم على الرغم من وجود إحتلال ووجود المعاناة اليومية فهو مهيأ لأن يتسلم موقعاً ريادية بهذا الصدد هذا ناهيك عن باقي الميادين الأخرى.

من هو رسام الكاريكاتير الخطير جدا؟

لا أُحبذ هذا الإسقاط على رسام الكاريكاتير بمصطلح' الخطير ' فالرسام بريء وصاحب مشاعر رقراقة إذا صح التعبير، وأقصى ما يمكن ان يرتكبه هو أن يفخخ رسماً كاريكاتورياً ليثور ألوانه في وجه العابثين، هذا إن كان رسمه ملوناً،وأن كان الرسم بالأسود والأبيض ،فإن الموضوع يأخذ إتجاهاً ومنحى اخرً، وهو لا يأتي برسوماته من فراغ، وإنما يختزل أفكاره من الواقع المُعاش وما يحدث على الساحة السياسية او المجالات الأخرى.

والحسرة الحقيقة في هذا الصدد ان تجد الرسام العربي الذي من الممكن ان يكون مؤثراً ولديه إمكانات ابداعية هائلة ولكنه يضخها بإتجاه منحرف عن القاعدة الصحيحة في فن الكاريكاتير العربي، فأحياناً تجد له رسماً كاريكاتورياً، يميل بإتجاه دول الإعتدال العربي الذين ذابوا مع المشروع الأمريكي، وأحياناً تجد له رسماً أخر يميل مع محور المقاومة والممانعة ليثبت براءة فنه كرسام كاريكاتير، ومن ثم يعود برسم أخر يحارب من خلاله الإرهاب والتطرف ' كذبة بوش الكبرى '.

مع يقينه المطلق بأن لا وجود للإرهاب ،وإنما هناك ردات فعل ناجمة عن وجود أنظمة استبدادية حاكمة تمارس العبث الرئاسي على شتى الصعد. ومع ذلك تجده يعالج في نصه الكاريكاتوري فرع بسيط من فروع الإرهاب، بينما يتغاضى كلياً عن أصل ومسبب هذا العمل الإجرامي.

وعلى العموم هذا يعود ايضاً الى كم المخزون الثقافي المتوفر في ذاكرته، فكلما كان رسام الكاريكاتير لديه نضج سياسي و يتمتع بثقافة عالية وخبرة واسعة بهذا المجال، كلما كانت لديه قدرة اكبر على التأثير.

هل فن الكاريكاتير يختلف عن غيره من الفنون وما وجه الاختلاف؟

جميع الفنون لها رسالتها الإنسانية الخالدة النبيله الخاصة بها، اذا استخدمت بوجهها الصحيح وبشقها الذي يخدم المجتمعات الانسانية، ويختلف الكاريكاتير عن باقي الفنون الأخرى بسرعة وصوله الى القارئ لوجود وسائل إعلام هي بمتناول الجميع تقريباً.

رسام الكاريكاتير إنسان غير عادي، أليس من حقه أن يملك الحرية كما الطائر في الفضاء؟

اذكر في أحد المرات انني قرأت فقرة بهذا الصدد بأن الموهوبين بشكل عام هم أناس غير عاديين وأنهم يتمتعون بصفة بيولوجية تختلف عن سائر الناس العاديين، ولكن نظرة المواطن العربي لرسام الكاريكاتير ربما ارتفع منسوبها عن كونه مهرجاً او صاحب نكتة حاضرة في الوقت الراهن، امل ان يكون لرسامي الكاريكاتير العرب دور في توصيل فكرة مغايرة عما هو سائد ونمطي وتهميشي، ومن الضرورة بمكان ان تكون الحرية لرسام الكاريكاتير هي الفضاء الأرحب والأشد اتساعاً من أي افق اخر.

هل يعتبر الكاريكاتير فن الابتسامة المرة أم الحلوة؟

هو فن الابتسامة المرة ليوصلك الى الأشد حلاوة ، وهذه فلسفة رائعة للوجود الإنساني بمجالات أخرى.

كيف ومن أين تحصل على مواضيع لوحاتك؟

بلا شك من مختلف وسائل الإعلام، وأحياناً من كلمة لا تتعدى الثلاثة حروف.

ماذا يعني لك رسم الكاريكاتير؟

فن النضال العربي على الأقل في المرحلة الحالية.

هل حدث أن استعصت عليك فكرة ما ولم تستطع أن ترسمها؟

ليس مسألة استعصاء بقدر ما هي مسألة تكاسل إذا توافرت فيها تفاصيل كثيرة، وخاصة عندما يتميز الرسام بمزاجية عالية، فالرسام الحقيقي لا بد وأن تخرج لديه الفكرة عاجلاً او آجلا، وفي وحدة زمنية معينة وقياسية ثابتة، فهو يتميز بقدرة فائقة على تناسل الأفكار وهذا يدلل بشكل قطعي على الحالة الإبداعية التي يملكها، ويستطيع في نهاية المطاف إخراجها الى حيز الوجود مهما رافقتها من صعوبات.

من يخدم الآخر أكثر، الكاريكاتير يخدم الصحافة، أم العكس؟

في الواقع الكاريكاتير هو شكل من أشكال العمل الصحافي المحض ولكن بطريقة مغايرة لما هو مألوف مقارنة بالنص الكتابي او المقال الصحافي التقليدي، حتى وإن جردناه من مضمونه الفني ' دقة التنفيذ '، فالكاريكاتير عبارة عن قراءة تأملية للحدث بقالب أكثر وضوحاً وأكثر مبالغةً وأكثر مباشرةً وأقل تكلفة للعقل البشري المتلقي، لذلك يكون وقعه على نفسية القارئ أشد، والعمل الصحافي هو قراءة حقيقية للحدث بقالب أكثر موضوعية ولكن بضبابية وتكون كلفته على العقل البشري أكثر من النص الكاريكاتوري، لأن العملية السردية للنص الكتابي تحث العقل البشري بشكل إرادي على توالد وتتابع الصور النصية بشكل متواصل حتى تكتمل الصورة لدى القارئ، وعلى أية حال كلاهما متمماً للأخر من حيث الضخ نحو الوعي الجماعي لما هو حاصل من حدث.

ما هي الأشياء التي تدعوك أكثر من غيرها لترسمها؟

القضية الأم ' فلسطين '، والعلم الفلسطيني، والحطة الفلسطينية، ودوار الشمس المرافق لكل رسوماتي الذي يتطلع إلى الحرية في الأفق السياسي العربي المظلم ، والألم الإنساني، والنفط العربي بشقيه الأبيض والأسود ، والمرجفون في المدينة ، وكل ما يمت لنا بصلة من نهضة ونكسة، وتتبع العابثين بمقدرات شعوبهم. والأسطول الأمريكي الذي يتربص بنا الدوائر منذ الحرب العالمية الثانية قبالة الخليج العربي. ودولة عاد. والمفسدون في الارض....... والقائمة تطول.

ناجي العلي، ماذا يعني لك ؟

المحرض الأول ضد كل العابثين في هذا الوطن الكبير.

أخيرا لك الحرية فيما تقول؟

أتمنى أن أعود إلى وطني. كما للآخرين لهم اوطان يعيشون فيها بهدوء.

jordan shoes for sale outlet kids

معرض الصور