التنمية السياسية المترتبة على حركة الوعي في كاريكاتي الفنان ناجي العلي"رسالة ماجستير"

قيم هذا الموضوع: 
لا يوجد تقييمات
المصدر: 
وكالة الانباء الفلسطينية

منح قسم التخطيط والتنمية السياسية التابع لكلية الدراسات العليا في جامعة النجاح الوطنية درجة الماجستير للإعلامي والباحث خالد الفقيه عن إطروحته " التنمية السياسية المترتبة على حركة الوعي في كاريكاتي الفنان ناجي العلي" وكانت لجنة النقاش انعقدت في حرم الجامعة الجديد بنابلس التي ضمت كل من البرفيسور عبد الستار قاسم مشرفاً ورئيسا وعضوية الدكتور عادل سمارة ممتحناً خارجياً والدكتور فريد أبو ضهير ممتحناً داخلياً وبحضور عدد من اساتذة الجامعة والصحفيين والمهتمين.

وفي جلسة النقاش استعرض الباحث رسالته المكونة من سبعة فصول تناول في فصلها الاول الحياة الخاصة للفنان الشهيد منذ مولده في قرية الشجرة بالجليل الأعلى عام 1936 وحتى اسغتياله في لندن عام 1987 تحت عنوان ناجي العلي من الطفولة المشردة إلى النهاية المفجعة، وفي هذا الفصل تطرق الباحث الى نزوح ناجي واسرته من الشجرة عام 1948 الى لبنان وانضمامه لحركة القوميين العرب وتأثره بالاديب الشهيد غسان كنفاني الذي كان أول من نشر لناجي لوحة كاريكاتيرية وكذلك تأثره بكل من ابي ماهر اليماني والإمام موسى الصدر، ومن ثم رحيلة الى الكويت ولندن وظروف اغتياله الاول المتمثل بتصفيته جسدياً ومن ثم اغتياله الثاني بنسف نصبه التذكاري على مدخل مخيم عين الحلوة مرتين.

أما الفصل الثاني من الدراسة فخصصه الباحث للادوات والرموز التي استخدمها ناجي طيلة حياته الفنية ومنها رموزه الاستراتيجية كحنظلة وفاطمة والعمة حنيفة والرجل الطيب والفقاميز التكرشة عدا عن اللونين الابيض والاسود واللغة العربية والموروث الثقافي والفلكلوري وابداعاته في هذا الجانب.

الفصل الثالث جاء تحت عنوان القضية الفلسطينية في كاريكاتير ناجي العلي وافرده الباحث لقضايا النكبة واللجوء والمخيم في كاريكاتير ناجي العلي وموقفه من القرارات الدولية ذات الصلة بالقضية الفلسطينية وتحريضه عليها كونها تنتقص من الحق في فلسطين التاريخية وتعترف بوجود الاحتلال الصهيوني، اضافة الى تناوله للنكسة ووجود المقاومة في الاردن ولبنان.

تناول الباحث في الفصل الرابع معالجات ناجي العلي لمسلكيات منظمة التحرير وفصائلها طيلة حياته والتي كان ينتقدها بشدة عندما يرى بها حرفاً لبوصلة النضال الوطني القومي عن مسارها ومن ذلك التقارب مع الولايات المتحدة التي كان يعتبرها عدواً للحق العربي الفلسطيني، وفي الاطار تناول الباحث موقف ناجي من التطبيع الذي اعتبره خيانة وطنية ومن غياب الحياة الديمقراطية عن مؤسسات منظمة التحرير كالمجلس الوطني واللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير واتحاد الكتاب والصحفيين الفلسطينيين ، وابرزت الدراسة بعد النظر والنبوءة في فن العلي فيما يخص تبشيره بالانتفاضة الاولى والحكم الذاتي وبناء الجدار العنصري بشكل اعطاه التميز في استشراف المستقبل حتى بعد رحيله.

عالج الفصل الخامس فنون ناجي العلي فيما يتعلق بالعلاقات الاردنية الفلسطينية ووجود الثورة في لبنان ورفضه لاطروحات التقسيم والحرب الاهلية ورفضه لخروج الثورة من بيروت. وكان لكامب ديفيد الجزء الاكبر من المعالجة فناجي حرض عليها ودعا لرفضها بالريشة والورقة وتناول تبعاتها وابرز خشيته بالكاريكاتير من وقوع الفلسطينيين في براثن هذه الاتفاقية.

في الفصل السادس جرى التطرق لرصد ناجي للحرب العراقية الايرانية ورفضه لها وتطرقه لنفط الخليج وغيابه عن معركة التحرير ووقوفه عقبة امام الوحدة القومية الشاملة واعاقته للتنمية والديمقراطية وتقاسمه بين الدول الاستعمارية.

وكان الفصل الاخير من الدراسة عبارة عن مواقف ناجي العلي من الامبريالية العالمية والاتحاد السوفيتي الذي رفض نسخ تجربته عربيا وفلسطينيا بالكامل اضافة الى تمجيده الثورة الفيتنامية .

وخلص الباحث الى عدة استنتاجات وتوصيات في نهاية دراسته ابرزها:

أولاً: أثر ناجي العلي في الصحافة والقارئ معاً، فالكاريكاتير عنده فن الفكرة دون أن يهتم بمقاييس الرسم ومهاراته كما هو الحال عند آخرين، فامتلك عناصر قوة خاصة، فالحركة عنده لا تتسم بديناميكية عالية ولكن دون أن تصاب كاريكاتيراته بالجمود رغم بساطتها لتصل بسهولة ويسر للمتلقي، كما أن رسوماته تمتاز باللاإستعراضية. يهتم بالفكرة أكثر من المكان ما جعل المتلقي لها في كل مكان يشعر أنها مخصصة له.

ثانياً: اتصفت رسوماته بأنها قضايا مهمة، منطلقاً من الحالة الفلسطينية ليطال كافة المحاور التي تهم الجماهير العربية وتجمع عليها، كغياب الديمقراطية مثلاً، والأمل في تحقيق الوحدة والمنعة القومية ما أعطاه ميزة الفرادة والإنفراد، "ومن نافل القول إن القضية وحدها لم تكن لتستطيع أن تفعل هذا السحر مع رسوم قليلة الموهبة، فموهبة ناجي لا يرقى إليها الشك، وإلا لكان كل الرسامين الذين تناولوها – وما أكثرهم– في موقعه نفسه!! وهو ما ليس حاصلاً بالطبع" .

ثالثاً: قدرته على الإبتكار وتوليد الأفكار وتنويعها من حيث الموضوع، فلم يقتصر في رسومه على قضية واحدة مستخدماً كل ما حوله من إشارات ورموز وأدوات فنية أحياناً يستجلبها من خزان الذاكرة من خلال وعيه لدور الكاريكاتير في التحريض الذي يبنى عليه الوعي والذي تتشكل منه التنمية السياسية بواقع الحال وأمل المستقبل عبر فكرة كاريكاتيرية جميلة، ناقدة ولاذعة تفضح المستور.

رابعاً: أوجد ناجي شخوصاً خاصة به لازمته أكثر حياته الفنية، لا سيما أيقونته حنظله الذي كان بمثابة توقيعه الدائم وشاهده على الأحداث، وأراد منه أن يكون ضميراً جمعياً للآخرين وخاصة المحرومين والمسحوقين من أبناء جلدته، ينوب عنهم في آلامهم ويعبر عن أحلامهم ويرفض ما من شأنه الإنتقاص من حقوقهم بالنيابة عنهم، وأحياناً يقاتل في سبيلهم ودفاعاً عن كرامتهم، "و "حنظلة" الشاهد ( الختم ) يجسد قيمة أخلاقية ثورية في الحياة اليومية، من خلال سعيه المستمر إلى احتلال مكانة غير المحايد في المشهد التراجيكوميدي ومن ثم تعميمه على الملتقى" . خاطبت رسومه وشخوصه العقل والعاطفة معاً واستمرت من بعده.

خامساً: استخدم ناجي الفضاء القاسي المتمثل باللونين الأبيض والأسود، حيث احتل اللون الأخير الخلفيات ليعبر عن الواقع المأساوي الذي جعل منه مقياساً للزمن، فيما كان الأبيض مدى التعبير عنده. نقل نبض الشارع عبر هذين اللونين، "يمزج ناجي العلي ألوانه في رسم الكاريكاتير داخل لونين فقط. وهو يعرف الألوان، لكنه لا يعترف بها...، أما أبطاله وبالأخص "حنظله" فهو دائماً بقعته المضيئة بياضاً، ولهذا رسم رأس بطله "حنظله" عبارة عن قرص من الشمس مضيئاً بالحقيقة ذاتها" . رغم اعتماده الأسود والأبيض إلا أن رسوماته بالمجمل تحوي الكثير من الرهافة والحذاقة، مع أن اللونين يعطيان شكلاً جنائزياً وضع فيه الميت مع الحي بيولوجياً، فالحياة عنده يقظة ضمير.

سادساً: أخذت جميع أعماله تقريباً شكل الوصايا التي حاول من خلالها لفت الانتباه إلى ما يدور حولنا من مؤامرات وتصفيات سياسية واجتماعية، فأوصى بمقاطعة ومحاربة رموز التسوية السياسية، ودعا للتصدي للمطبعين، ونادى بالثورة على واقع التشرذم والتخلف، واهتم بالوحدة القومية بعيداً عن المذهبية والطائفية.

سابعاً: اهتم ناجي بالإنسان المعذب، وبالديمقراطية المغيبة في الوطن العربي، الملتبسة بخلطها ودخولها إشكالية الجمع بين الثقافي والسياسي، رفض أن يكون المثقف والسياسي صنوان، فالجمع بين الأختين: الثقافة والسياسة محرم عنده، وتحول الثقافة والمثقفين إلى بلاط السلطان إضفاء لشرعيات على من لا شرعية ديمقراطية لهم. "وهنا الفكرة واضحة تماماً، فالإرهاب الفكري والاغتيالات والديمقراطية المفقودة في الواقع العربي عموماً هذه الركائز اختصرها ناجي في وصيته، "وصيته" ]عم بكتب وصيتي[ هذه الرمزية قالت كل شيء على دفعة واحدة وهذه المباشرة سمتها الرئيسية، الصراحة، والوضوح، والحقيقة والسؤال هنا: أليست هذه الموضوعة كانت ركيزة ناجي نحو الاستمرار في مسيرته الفنية، إنه الهاجس الإنساني الذي يريد أن يخرج من قلقه اليومي "بوصيته" !!" .

عمل ناجي كثيراً للتأثير في قرائه ليرفع من وعيهم بالقضايا السياسية الأساسية. "لقد استطاع أن يؤثر في قرائه لتنمية وعيهم بالقضايا السياسية حيث كان كثير الاهتمام في ابتكار منهج خاص في أسلوبه ونجح في مخاطبة الناس بعدة أساليب، كان يرسم الموقف والفكرة بعفوية وهي عفوية تنسجم مع رموزه وأشخاصه وهم بسطاء عفويون" .

ثامناً: نجح ناجي في تحويل فن الكاريكاتير من فن للنخبة والمثقفين إلى فن للعامة، بتحويله مضمون الكاريكاتير إلى الفن السياسي النضالي على كل الجبهات، لم يكن فنه مصبوغ بالفلسطينية وإن كان ربط كل ما يدور حوله بفلسطين، ولذا فإن شهرته كفنان عالمي لم تأت من كونه فلسطيني مشرد، كما أنه لم يقع في فخ رسم الحدث اليومي وإنما الموضوع الذي جاء في سياقه الحدث.

تاسعاً: مبشراً بالثورة مستشرفاً للآتي. امتلك ناجي العلي طيلة حياته الفنية عنصرين لم يتنازل عنهما، كان يبشر بالثورة ويطالب باستمرارها ويدعو متلقي إبداعاته للإيمان بها عبر توعيتهم بأهميتها لتغيير واقعهم وصولاً إلى التنمية السياسية الحقه والتي لن تقوم ما لم تتحرر فلسطين كاملة ويعود أهلها إليها، وما لم تُزل أنظمة الحكم في الوطن العربي. "ولأن الثورة هي وحدها الأمل والوعد بغدٍ أفضل، فلا شيء يشغل ناجي أو يصرفه عن التبشير بها، فهو لا يهتم بالأشكال ولا تبهره الإستعراضات ولا يتوه وسط ركام الجمل الثورية وفرسانها الكثر، بل يظل يلح على الثورة والثوار في صورتهم الأولى، البسيطة النظيفة والمحددة كمثل أبي ذر وأهل الربذة" .

عاشراً: تميز ناجي كذلك بقدرته على التنبؤ، فكان بحق صاحب نبوءة إستشرافية، فقد توقع بناء الجدار العنصري في الضفة الغربية مع صمت عربي ودولي وهو ما جرى فعلاً بعد استشهاده بسنوات. بشر وتصور وتوقع انتفاضة الحجارة وفعلاً هبت الانتفاضة بعد رحيله بشهور كما صورها وبالأدوات التي رسمها. حذر من دخول الفلسطينيين مطهر التسوية السياسية وقبولهم بحكم ذاتي ترفضه الأكثرية وحدث ذلك أيضاً بعد رحيله. تبشيره بالثورة ونبوءاته المسبقة لم تكن تعبئة فراغ في صفحة صحيفة وإنما استشعار بحس واعٍ أراد نقله للقراء كي يزيد من ثقافة الوعي عندهم كي يقوموا هم بدورهم بالبحث عن سبل المواجهة وإن كان تدخل في بعض الأحيان لإرشادهم الطريق عبر تقديمه للمتضادات في رسمه.

حادي عشر: تفنن ناجي في استخدام اللغة من استعارات وتشبيهات، وكان ذكياً في لعبة الفك والتركيب اللغوي.

وفي نهاية النقاش اوصى الممتحن الخارجي الدكتور عادل سمارة بتحويل الدراسة لمساق يدرس في الجامعات وطباعتها وتوزيعها فيما كان قرار اللجنة بعد خلوتها منح الباحث والاعلامي خالد الفقيه درجة الماجستير عن رسالته دون اجراء تعديلات عليها كونها اضافة نوعية وفريدة

Shop Nike SB Skateboarding Shoes, Apparel, Accessories at Renarts

معرض الصور